سبب نزول سورة يوسف.. 5 أقوال للعلماء تعرف عليها

في عالم مليء بالتكنولوجيا الحديثة وتوافر المعلومات بكل سهولة، لا يزال للقرآن الكريم مكانة خاصة في قلوب الناس، ومن بين هذه الكتب العظيمة التي تحظى بالاهتمام الكبير وتجذب الباحثين والدارسين، تبرز سورة يوسف في القرآن الكريم، التي لا يزال المسلمين يبحثون عنها رغبة في تعرفهم على أسرارها ومعانيها، لذلك سنخص هذا المقال للحديث عن سبب نزول سورة يوسف.

سورة يوسف

سورة يوسف، هي السورة رقم 12 في ترتيب سور القرآن الكريم، تروي سورة يوسف قصة النبي يوسف (عليه السلام) وتعتبر واحدة من القصص المعروفة والمحببة عند الكثير من المسلمين.

تبدأ سورة يوسف بتحية الله وثنائه، ثم تبدأ في سرد قصة يوسف وإخوته ووالدهم يعقوب، حيث تتحدث السورة تتحدث الحلم الذي رآه يوسف عليه السلام في صغره وتأويله له، وعن غيرة إخوته ومكيدتهم له.

وتحكى السورة أيضا، عن قصة بيع يوسف كعبد لأحد الرجال ومحاولة الزوجة الجميلة لهذا الرجل إغواء يوسف، وكيف تمسك يوسف بأخلاقه وتقواه ورفضه الوقوع في الفاحشة، وفي النهاية، يحقق يوسف مكانة مرموقة في الحكم والسلطة في مصر ويتصالح مع إخوته ووالده.

وتتضمن السورة العديد من العبر والدروس القيمة، مثل الصبر والتوكل على الله في مواجهة الصعاب، والأخلاق الحميدة مثل الأمانة والإخلاص، والتسامح والمغفرة، حيث تعطي سورة يوسف دروسا عديدة حول الحكمة والعدل في الحكم والقيادة.

ويعتبر سرد قصة يوسف في القرآن الكريم، له قيمة عظيمة يستطيع المسلم أن يستوحي منها العديد من الدروس والعبر في الحياة اليومية.

سبب نزول سورة يوسف

وجد في بيان سبب نزول سورة يوسف عدة روايتين:

الأولى: يعتقد بعض أهل العلم أن سورة يوسف عليه السلام، نزلت بدون سبب محدد، خاصة وأن معظم الروايات التي استدل بها المفسرون لشرح أسباب النزول غير صحيحة، وما دفعهم للاعتقاد بأن للسورة سببًا معينًا لنزولها، نظرًا للإشارة في سياقها إلى وجود أشخاص يسألون وتجيبهم هذه السورة، كما ورد في قوله تعالى: “لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ”.

الثانية: يعتقد آخرون أن مجموعة من اليهود أرسلوا إلى قريش الكفار لاختبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن طريق سؤاله عن نبي خرج من بلاد الشام إلى مصر وعن تفاصيل قصته، وعندما سأله مشركو مكة، أنزل الله تعالى سورة يوسف، وفيها قصة يوسف عليه السلام بالكامل وبالتفصيل، فعلى الرغم من أن قصص الأنبياء عليهم السلام قد تم تناولها في سور مختلفة.

وقد أوضح الإمام القرطبي رحمه الله في هذا السياق، أن ذلك يشكل حجة ودليلًا على أن الله تعالى -تحدى اليهود بأن يأتوا بمثل هذا القرآن سواءً في صورة منفصلة أو مجتمعة، ولكنهم فشلوا في تحقيق ذلك في كلا الحالتين.

الثالث: أشار بعض المفسرين إلى أن اليهود سألوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن رجل كان في الشام ففقد ابنه، وبكى حتى عمي، فسألوه عن تفاصيل هذه القصة وعن هوية الرجل، فنزلت السورة كإجابة على هذه الأسئلة، وفي رواية أخرى، يقال أنه قد سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن أسماء الكواكب المذكورة في سورة يوسف.

الرابع: تم تنزيل السورة الكريمة بناء على طلب الصحابة رضي الله عنهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث طلب الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم سرد القصص لهم، وفي هذا السياق، أُنزلت آية القرآن التي تقول: “نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هـذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلين”.

وهذه الآية تؤكد على أن الله يروي للنبي صلى الله عليه وسلم أفضل القصص في القرآن الكريم للموعظة، وفي رواية عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قيل أن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تلاه للصحابة لفترة، ثم طلب الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم سرد القصص، فنزلت آية القرآن التي تبدأ بـ “الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ” وتستمر بـ “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقصصِ”، فعلى إثر ذلك، تلا النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة قصصا مفصلة، ليكون رد الصحابة بقولهم: “يا رسول الله! لو حدثتنا أنت بالقصص”.

وهكذا، فقد أنزل الله تبارك وتعالى الآية التي تقول: “الله نزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا”، وذلك كتأكيد على أن الله ينزل أفضل الحكايات في القرآن.

سبب نزول سورة يوسف على النبي محمد صلى الله عليه وسلم

نزول سورة يوسف على رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر عاملا قويا للتثبيت والمواساة، حيث يساهم في تخفيف الآلام والأحزان خلال فترات الشدة والوحشة.

والمميز في سورة يوسف، أنها قد نزلت في فترة كثرة فيها المصاعب، حيث فقد الرسول صلى الله عليه وسلم، عمه أبو طالب وزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في مكة.

وتتضمن السورة الكريمة إشارة إلى أن الفرج حتمي، بغض النظر عن مدى تصاعد المصاعب وتكالب أعداء الحق، حيث يتم توضيح هذه الفكرة من خلال سرد قصة يوسف عليه السلام ومعاناته من محن وابتلاءات، بدءا من مؤامرة إخوته عليه وإلقائه في البئر، إلى انتقاله لبيت العزيز.

وتتورط زوجة العزيز في قضية يوسف ومحاولة إغوائه، حيث يعاني يوسف من تجربة السجن ويتحمل بصبر كل ما يصيبه في سبيل الله، بالإضافة إلى تحمله أعباء الدعوة إلى الله تعالى، وفي نهاية المطاف، يخرج يوسف من السجن ليصبح شخصا ذو سلطة وكرامة، ويتولى حكم مصر.

وتحمل السورة رسالة هامة للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، حيث تؤكد أن الصبر هو المفتاح للتمكين والنجاح، وتبين السورة أيضا أن الله تعالى ينصر جميع أوليائه وعباده الصالحين، وهذا يتماشى تماما مع قوله تعالى: “وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ”.

فضل سورة يوسف

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي حديث يفضل سورة يوسف عن غيرها من السور في القرآن الكريم، ومع ذلك، هناك بعض الأخبار التي تستند إلى استنباط العلماء أو بعض الروايات التي تشير إلى فضل هذه السورة.

تشير بعض الآراء إلى أن معظم هذه الروايات مدونة بشكل غير صحيح، وذلك بناء على الشهرة المترتبة عن وضع الأحاديث في النصوص النبوية، وخاصة فيما يتعلق بفضل بعض سور القرآن الكريم.

ومن بين هذه الروايات، نجد: “علِّموا أرقَّاءَكُم سورةَ يوسُف، فإنَّه أيُّما مسلمٍ تلاها مُعلِّمَها أهلَهُ وما ملكتْ يمينُهُ، هوَّنَ اللهُ عليه سكَرات الموتِ، وأعطاهُ القوَّةَ ألَّا يحسُدَ مسلمًا”.

ويذكر فضل سورة يوسف في حديث واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ”.

الدروس والعبر التي تتضمنها سورة يوسف

تحتوي سورة يوسف على العديد من الدروس والعبر المهمة، ومن أبرز هذه الدروس نذكر لكم منها في التالي:

أولا: ضرورة قضاء الحوائج والاحتفاظ بها في السر والكتمان، خاصة عندما تكون الأخبار قد تسبب ضررا للإنسان، ففي القصة، أمر يعقوب يوسف بأن يبقى صامتا حول الرؤيا التي رأى فيها أن الشمس والقمر والنجوم سجدت له، حتى لا يحاك له يوسف مكيدة تضره من قِبَل إخوته.

ثانيا: ثبات يوسف على الحق ومواجهة التحديات والمصاعب، حيث بقي يوسف ثابتا على دينه ودعوته، ولم يتأثر بإغراءات امرأة العزيز ومحاولات الفتنة من السلطان، حتى تحمل الألم والظلم في سبيل ذلك، وكانت نتيجة ثباته على الحق أن وفر الله له منزلة عالية في الدنيا حيث يحقق مراده.

ثالثا: تسليط الضوء على خطورة الغيرة السلبية بين الإخوة، التي قد تؤدي إلى الأذى وحتى محاولة القتل، كما حدث في قصة يوسف عندما قال إخوته: “اقتلوا يوسف”.

رابعا: تعليم الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر كونها سنة إلهية للأنبياء والصالحين، حيث صبر يعقوب على بعد ابنه وفقدانه، وكانت الثمار الجميلة لصبره تتمثل في لقاء العائلة من جديد واستعادته لابنه، وبالإضافة إلى ذلك كان له جزاء حسن في الدنيا.

خامسا: تسليط الضوء على خطورة الخلوة المحرمة مع النساء، وكونها خطوة من خطوات الشيطان، ويأتي هذا بتسليط الضوء على خطورة الخلوة المحرمة مع النساء، وكونها خطوة من خطوات الشيطان، كما يُذكر في القصة عندما واجه يوسف اغراءات امرأة العزيز. وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ”.

سادسا: يظهر القرآن الكريم أن تعبير الرؤى يعتبر مثل فتوى، وذلك يظهر في قول الله تعالى: “قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ”، وعلى ذلك، أشار العلماء إلى أنه غير جائز لأي شخص غير ملم بتعبير الرؤى أن يتكلم فيما لا يعلم.

سابعا: ضرورة السعي واتخاذ الأسباب الجائزة للنجاة من المصاعب والمحن. يوضح ذلك حينما قال يوسف عليه السلام: “اذكُرني عند ربِّكَ”، ونتيجة لذلك تذكر يوسف من خرج من السجن وتم عرض قصته للملك، مما أدى إلى إجراء تحقيق في الموضوع وبراءته من التهم.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *