مهى فطيري في زمن يشغل فيه الناس بالهموم اليومية وضغوط الحياة، تظل العبادة ملاذا للأرواح الراجحة وسبيلا للتواصل مع الخالق، وأبرز العبادات المشروعة في الإسلام، صلاة قضاء الحاجة التي تتحلى بالسمت والأهمية الكبيرة في حياة المسلمين، حيث تعكس هذه الصلاة قوة إيمان المؤمن وتوجهه لله بكل تواضع وتذلل.
صلاة قضاء الحاجة
صلاة قضاء الحاجة أو صلاة الحاجة هي صلاة يقوم بها المسلمون لطلب قضاء حوائجهم من الله عز وجل، حيث يؤديها المصلي بنية تحقيق مراده أو حاجته، استعانة بقدرة الله تعالى.
كيفية صلاة قضاء الحاجة
صلاة قضاء الحاجة تشمل المراحل التالية:
- قبل البدء في صلاة قضاء الحاجة، يجب أن تتوضأ وضوءًا صحيحًا للصلاة.
- يجب أن تكون لديك النية لأداء صلاة قضاء الحاجة قبل أن تبدأ فيها.
- تصلي ركعتين كما يمكن أن تصلي أكثر من ذلك، مثلاً من 4 ركعات حتى 12 ركعة. في الركعة الأولى بعد تلاوة الفاتحة، يفضل أن تقرأ سورة “قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ”، وفي الركعة الثانية بعد تلاوة الفاتحة، يفضل أن تقرأ سورة “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”.
- في نهاية الصلاة، تسلم.
- بعد السلام، ترفع يديك متضرعا إلى الله وتدعوه باستعمال الأدعية.
- في بداية الدعاء، تحمد الله وتثني عليه، ثم تصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يُفضل قراءة الصلاة الإبراهيمية التي تُقال في التشهد: “اللّهُمَّ صَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي العَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”.
- بعد الانتهاء من صلاة قضاء الحاجة، يجب أن تترك أمرك إلى الله متوكلاً عليه، وتسعى في طلبك وتسعى في أمرك حتى تصل إلى نهايته، وتثق بأن الله سيقدم لك ما هو خير لك في الوقت المناسب.
- بعد ذلك، تقرأ دعاء قضاء الحاجة الذي يقول: “لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرّجته، ولا حاجة هي لك رضًا إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين”.
- ثم تدعو بحاجتك إلى الله.
- بعد ذلك، تصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما فعلت في المرة الأولى بقراءة الصلاة الإبراهيمية في التشهد.
فضل صلاة قضاء الحاجة
أداء صلاة قضاء الحاجة ينعم على المصلي بفوائد عديدة، فهذه الصلاة تعلمنا أن نلجأ إلى الله في جميع أمورنا، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، حيث أنها طريقة المثلى للاتصال المباشر بالله والاستعانة به في حل مشاكلنا وتحقيق أهدافنا.
وتعتمد صلاة قضاء الحاجة بشكل أساسي على الدعاء، فالدعاء هو عبادة في حد ذاتها، وعندما ندعو الله ونبث فيه أمنياتنا واحتياجاتنا، فإننا نظهر له تواضعنا واعتمادنا الكامل عليه. وقد ورد في الحديث الشريف: “الدعاء هو العبادة”، وهذا يؤكد على قيمة وأهمية الدعاء في الإسلام.
إن صلاة قضاء الحاجة تمنحنا الأمل والسكينة الداخلية، حينما ندعو الله بصدق وإخلاص، نشعر بالاطمئنان والثقة بأنه سيستجيب لنا ويساعدنا في مواجهة التحديات، حيث أنها إحدى طرق تفريغ الهموم والضغوط النفسية والعثور على السلام الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن صلاة قضاء الحاجة تعزز القرب إلى الله وتعمق العلاقة بيننا وبينه، فعندما نخصص وقتا للتأمل والتواصل الخاص مع الله، فإننا نقوي روحنا الإيمانية ونرتقي في درجاتنا الروحية. إنها فرصة للتفكر في نعم الله وشكره على ما قدمه لنا.
باختصار، فإن فائدة صلاة قضاء الحاجة تكمن في توجيهنا للجوء إلى الله في كل أمر، وتعليمنا قيمة الدعاء كعبادة، وتوفير الأمل والسكينة الداخلية، وتعزيز الايمان بالله.
الدعاء المستجاب في صلاة الحاجة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: “من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحد من بني آدم، فليتوضأ وليحسن الوضوء، وليصل ركعتين، ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: ‘لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا حاجة إلا قضيتها يا أرحم الراحمين’، ثم تدع حاجتك إلى الله.”
وفي حديث آخر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: “ اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلا أنت، المنّان بديع السّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إنّي أسألك، فقال النّبي- صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى “، رواه النّسائي والإمام أحمد.
الأسئلة الشائعة
الأوقات المكروهة لأداء صلاة قضاء الحاجة
ينصح بألا تقام صلاة قضاء الحاجة في الأوقات التي يُكره فيها أداء الصلاة عمومًا، وقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أداء الصلاة في ثلاثة أوقات محددة، وهي:
1- بعد الفجر حتى طلوع الشمس، وعند طلوعها.
2- عندما تكون الشمس في منتصف السماء، قبل الظهر بحوالي خمس دقائق.
3- بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس.
وبالتالي، يُفضل تأجيل صلاة قضاء الحاجة خارج هذه الأوقات المحددة.
أهم أمر يجب مراعاته في صلاة قضاء الحاجة
يجب أن نأخذ في الاعتبار عن أدائنا لصلاة قضاء الحاجة، عدم التعجل في الاستجابة، فقد يتم تحقيق ما نطلبه بسرعة، وقد يتأخر أيضا، ولذلك، علينا أن نتقي الله ونعتمد عليه بالثقة، فالله سبحانه وتعالى يمتلك حكمته فيما يتعلق بتسريع الاستجابة أو تأجيلها.
يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أي مسلم يدعو بدعاء لا يحمل فيه ذنبا ولا قطيعة رحم، فإن الله سيمنحه إحدى ثلاث: إما أن يستجيب لدعائه على الفور، وإما أن يحتفظ به له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه شرًا مثل ما دعا به” فقالوا: “إذًا سنكثر الدعاء.” فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: “الله أكثر من ذلك”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: “سيستجاب للعبد ما لم يدع بذنب أو قطيعة رحم وما لم يستعجل.” فسألوه: “ما المقصود بالاستعجال؟” فأجاب قائلاً: “عندما يدعو ويستمر في الدعاء، ثم لا يرى أي استجابة فيستعجل ويشعر بالحزن ويترك الدعاء”.
