الانتخابات الجزئية بفاس الجنوبية.. رفرفت “الحمامة” وانطفأ “المصباح”

معطيات “مثيرة” تلك التي كشف عنها الفرز النهائي لصناديق الاقتراع، بالانتخابات الجزئية التي جرت اليوم الثلاثاء، وفقا لما حدده المرسوم رقم 2.24.137 الصادر سابقا بالجريدة الرسمية، بهدف ملء المقعد البرلماني عن الدائرة الجنوبية لمدينة فاس، عقب شغوره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية بتجريد عبد القادر البوصيري منه.

وحسب ما علمته “بلادنا24“، فإن المقعد البرلماني المذكور، حسمه مرشح الأغلبية الوحيد، المكونة من ثلاثة أحزاب، ويتعلق الأمر هنا بخالد العجلي الذي يمثل حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد أن حصد أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الجزئية التي لم تتجاوز نسبة التصويت فيها، نحو 8.8 في المائة، وهو ما يبرز بالملموس عزوف الفاسيين عن المشاركة السياسية، وفقدانهم للثقة في المرشحين المتقدمين.

اكتساح في العالم القروي

مرشّح “الحمامة”، خالد العجلي، اكتسح الانتخابات الجزئية بحصوله على 9767 صوتاً (52%)، منها أزيد من 3 آلاف بجماعة أولاد الطيب القرويّة وحدها، مقابل حوالي 400 صوتاً لمرشح حزب العدالة والتنمية، محمد خيي، الرئيس السابق لجماعة جنان الورد ورئيس فريق الحزب بجماعة فاس، بعد أن زكاه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب “المصباح”؛ وحصد في هذه الانتخابات الجزئية، حوالي 3854 صوتاً (20.75%)، بمختلف المقاطعات التابعة جغرافياً لدائرة فاس الجنوبية، فيما حصلت باقي الأحزاب المشاركة على عدد محدود من الأصوات.

وجاءت باقي النتائج التي أعلنت عنها لجنة الانتخابات بولاية جهة فاس- مكناس، متمثلة في حصول حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على 2642 صوت (14.22%)، مقابل 1191 صوتاً لحزب الحركة الشعبية (6.41%)؛ والحزب الاشتراكي الموحد بدوره حصل على 519 صوتاً (2.79%)، مقابل 334 صوتاً لحزب الحرية والعدالة الاجتماعية (1.8%)، فضلاً عن حصد حزب مجموعة القوى الديموقراطية لـ205 صوتاً (1.1%)، و62 صوتاً للحزب الوطني الديموقراطي (0.33%).

ويشار إلى أن هذه الانتخابات الجزئية التي جرت على مستوى “الدائرة الجنوبية” لمدينة فاس، شاركت فيها أحزاب سياسية قليلة، بحملات انتخابية وصفت بـ”البسيطة”، على عكس حزب العدالة والتنمية الذي نظّم مهرجانا تواصلياً خطابياً على مستوى حي “ليراك”، بحضور الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران، غير أنه لم يلقى نفس الصيت الذي عرفه في “الفترة الذهبية” لحزبه الذي قادته رياح “الربيع العربي” التي ضربت المنطقة إبان سنة 2011 إلى رئاسة الحكومة، وما جاء عقب ذلك من ولاية ثانية كان على رأسها سعد الدين العثماني، الذي عوض ابن كيران بعد واقعة “البلوكاج” الشهيرة، بتدخل من الملك محمد السادس.

فعاليات محلية وصفت هذه الانتخابات بـ”المسرحية”، مشيرة إلى أن “المواطن الفاسي غير مهتم أصلاً بها، مما جعل المشاركة فيها هزيلة للغاية”، مبرزة أن “أغلب الأصوات كانت فقط تلك الخاصة بأعضاء الأحزاب وأصدقائهم، دون نفي تواجد بعض الأصوات الحرة التي حضرت في مكاتب التصويت”.

فوز الأحرار يعمق جراح المعارضة

فوز حزب التجمع الوطني للأحرار بانتخابات اليوم الثلاثاء، عمقت جراح أحزاب المعارضة المشتتة، التي كانت تمني النفس بالفوز بهذا المقعد البرلماني، خاصة حزب العدالة والتنمية، من أجل إبراز سخط الفاسيين على حزب عزيز أخنوش، وكذا غضبهم على حكومته، غير أن الحلم لم يتحقق بسبب تشتت قوى المعارضة، التي قررت خوض غمار الانتخابات بشكل فردي، كلّ ومرشحه، دون تتبع طريق “المرشح الوحيد” الذي قاد الأغلبية للفوز بالمقعد الذي كان ملكا لحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، لتعزيز سيطرتهم على المشهد السياسي من جديد.

ويشار إلى أن السبب في تنظيم انتخابات جزئية بالعاصمة العلمية للمملكة يعود إلى تجريد النائب البرلماني السابق عبد القادر البوصيري، من مقعده البرلماني بقرار من المحكمة الدستورية خلال شهر يناير الماضي، بعدما قضى القضاء الإداري بمدينة فاس بتجريده من مهام النائب الثالث لرئيس المجلس الجماعي للمدينة ومن عضوية المجلس ككل؛ وهو ما استوجب الاحتكام للانتخابات الجزئية.

“البيجيدي” يعبر عن خيبته

من جانبها، عبرت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بفاس، عن تنديدها بما وصفته “سماسرة الانتخابات”، الذين بحسبها “يواصلون الاستمرار في مسلسل إفساد العملية الانتخابية عبر إغراقها بالمال الحرام، وشراء الذمم من طرف مجموعة من المفسدين بمن فيهم من له صفة
انتدابية بلون سياسي معين”.

وقالت كتابة “البيجيدي” بفاس، ضمن بلاغ لها توصلت به “بلادنا24“، أنه “تم تسجيل نماذج من هذه التحركات المشبوهة وتواجد أشخاص لا علاقة لهم بالناخبين واقفين بصفة مستقرة أمام عدد من مكاتب التصويت من مثل مدارس المختار السوسي والإمام الشافعي بجنان الورد، و06 نونبر والفقيه التاودي وابن البنا والبورصي بسايس، وعمر الخيام والإمام علي وابن الأجرم وأبناء الجيش وعبد الكريم الداودي وحي الليدو بأكدال والدائرة 8 بالسخينات”.

وأشار المصدر ذاته، إلى أنه “أمام هذه الممارسات والتحركات غير القانونية وغير المقبولة والمسيئة للعملية الانتخابية وقدسيتها”، فإنه يؤكد: “استنكارنا وإدانتنا القوية لمثل هذه الممارسات الفاسدة؛ فضلاً عن “دعوتنا السلطات القضائية والترابية والأمنية إلى مواصلة جهودها لمحاصرة كل من يسيء إلى التنافس الانتخابي الشريف والممارسة الانتخابية النزيهة بمدينتنا ووطننا”؛ بالإضافة إلى “تقديرنا للتفاعل الإيجابي لمختلف السلطات مع ما تمكنا من رصده والتبليغ به من مثل هذه الممارسات المشينة”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *