محلل اقتصادي: خارطة المزروعات بالمغرب لا يجب أن تظل مرتبطة فقط بالتساقطات

مع تسجيل البلاد لتساقطات مطرية في العديد من الأقاليم، في الأيام القليلة الماضية، أحيت الأمل في نفوس المواطنين، بعدما حاصرتهم أخبار الجفاف وشح الموارد المائية وقرارات السلطات المحلية المقيدة لاستعمال المادة الحيوية، الأمر الذي دفعهم إلى طرح تساؤلات عدة حول كيفية تأثير التساقطات على الموسم الفلاحي، والأسعار التي شهدت ارتفاعا كبيرا هذه السنة.

تحسن الوضعية

في هذا الإطار، أوضح بدر الزاهر الأزرق، باحث في قانون الأعمال والاقتصاد أن “التساقطات الأخيرة قد تدفع الحكومة المغربية إلى مراجعة مجموعة من القرارات التي اتخذت مستوى عدد من العمالات والأقاليم، خاصة تلك التي شهدت تساقطات مطرية غزيرة، وكذا بعض القرارات المرتبطة بإغلاق الحمامات وغيرها، مع دخول الشهر الفضيل وتعاظم الحاجة إلى هذه خدمات العمومية”.

وأكد بدر الزاهر الأزرق في تصريح لـ”بلادنا24” أن العامل الاجتماعي والاقتصادي حاضر بقوة، ولا يمكن إغلاق محلات غسل السيارات، بل يمكن فرض مجموعة من التقنيات المعتمدة، كتدوير المياه بالنسبة محلات غسل السيارات، وتقنين أيان الغسل بالنسبة للحمامات، ويمكن أن تكون إجراءات على المدى البعيد”.

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

وفي جوابه على سؤال إمكانية اعتبار هذه التساقطات، مؤشرا إيجابيا على إنقاذ الموسم الفلاحي الحالي، أبرز المحلل الاقتصادي أنه “بالنسبة للفلاحات الخريفية والشتوية وحتى الصيفية، لحدود الساعة لازلنا نتأمل أن تكون تساقطات أكثر، لأن نسبة التساقطات المسجلة حاليا لم تبلغ إلى المعدل المرجعي اللازم لكي نقول إن هذه السنة غير جافة”.

في هذا الصدد، لفت ذات المتحدث إلى أن “هذه التساقطات أنقذت ما يمكن إنقاذه، خاصة على مستوى الاستقرار النفسي للمغاربة، لأنهم مرتبطون بشكل كبير بالأمطار، واليوم نعيش حالة من الاطمئنان، خاصة مع دخول الشهر الفضيل”. موضحا أنه “بالرغم من تأخر التساقطات، إلا أنه من المرتقب أن يكون الموسم الفلاحي متوسط”.

ذات المتحدث سجل أن “هناك تراجعات كبيرة في أسعار المواد الغذائية، على مستوى الأدوية وكذا استقرار على مستوى أسعار المحروقات التي استقرت عند 13 درهم، وممكن أن تنخفض مستقبلا”. مؤكدا أن “في ظل هذه التساقطات المطرية فإن بداية هذا الشهر الفضيل، هي بداية مطمئنة للأسر المغربية”.

الأثر على الأسعار

وبخصوص تأثير هذه التساقطات على أسعار المواد الغذائية، خصوصا الأساسية وكذلك أسعار البيض، التي عرفت ارتفاعا لم يسبق له مثيل، أوضح بدر الزاهر الأزرق أن “أسعار البيض والدجاج واللحوم، غير مرتبطة بشكل كبير بالأسواق الداخلية، بقدر ماهي مرتبطة بالأعلاف المستوردة من الخارج”.

في نفس السياق، أشار ذات المتحدث إلى أنه بالرغم من جهود المغرب في إنتاج الأعلاف الموجهة للدواجن، إلا أنه مازال مرتبط بالأسواق الخارجية وتقلباتها، وفي هذه الحالة لا يمكن القول إن التساقطات المطرية لها وقع على أسعار البيض”.

وأوضح المحلل أنه يمكن تسجيل التأثير الإيجابي لهذه الأمطار على الموسم الفلاحي، من بعد أسابيع إن لم نقول أشهر”. مشيرا إلى أن “أسعار الخضر والفواكه فا زالت في منحى مستقر مقارنة مع السنة الماضية”.

حقينة السدود

وبخصوص كيفية إنعاش التساقطات المطرية الأخيرة وكذلك الثلجية، الفرشة المائية وكذلك المياه الجوفية وسدود المملكة وبعض الضايات التي جفت تماما مثل ضاية عوا نواحي إيمواز، أكد الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد أن هذه التساقطات أنعشت الفرشة المطرية والمياه الجوفية وحقينة سدود المملكة.

هذا، وأشار المتحدث أن “حقينة سدود شمال المملكة شهدت انتعاشة بعد التساقطات الأخيرة، بحيث بلغت ملء السدود بين 60 إلى 100 بالمائة، في حين أن معدلات سدود جنوب المملكة مازالت منخفضة، وهو ما يجعل نسبة الملء المتوسطة العامة منخفضة، نظرا لأن نسبة التساقطات المطرية عرفت تباين من منطقة لأخرى”.

برامج الربط والتضامن المائي

من جهة أخرى، أكد المحلل الاقتصادي على أن “برامج الربط والتضامن المائي بين الجهات، ستمكن المملكة من خلق توازن في توزيع المياه على مختلف الأحواض”. مشيرا إلى أن “المشاريع الكبرى على مستوى تحلية المياه ومعالجة المياه العادمة، من الممكن أن تساهم في تقليص هذا العجز المائي، في انتظار حلول مستدامة فيما يخص مسألة المياه بالمغرب”.

وشدد بدر الزاهر الأزرق في تصريحه على “ضرورة إعادة النظر في خارطة المزروعات لا يجب أن تظل مرتبطة فقط بالتساقطات، بل يجب أن تكون استراتيجية واضحة المعالم، تمكن المملكة من التوجه نحو مجموعة من المزروعات ذات مردودية من جهة وتستهلك نسبة قليلة من المياه من جهة أخرى”. معتبرا أن الطوارئ المائية أضحت مشكل بنيوي بالنسبة للمغرب”.

وختم بدر الزاهر الأزرق تصريحه بالقول: “نأمل تحسن التغيرات الجوية في السنوات المقبلة، لأن المملكة تتصدر قائمة الدول، التي ستتضرر من الاحترار والتسحر، لهذا يجب أن تكون لها إستراتيجية مواكبة لهذا التحول، وإذا بقيت على نفس النسق الحالي،. فإنها ستؤدي الثمن غال”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *