المغرب وإسبانيا.. طي الخلافات وتقارب بين الجارتين خلال 2023

عرفت العلاقات المغربية الاسبانية، تقلبات عدة بين المد والجزر في سياق إقليمي جد معقد، فاستقبال الجارة زعيم البوليساريو كان كفيلا بأن يتسبب في أزمة ىسياسية كبيرة بين الجارتين، قبل أن تعود مدريد لصوابها، وتعترف بمبادرة الحكم الذاتي، التي يطرحها المغرب كحل لإنهاء النزاع، مما ساهم في إعادة المياه إلى مجاريها.

القرب الجغرافي للبلدين

بفضل القرب الجغرافي للبلدين، فالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وإسبانيا دائما ماكانت تسير في مسار إيجابي، فالمنتوجات المغربية اكتسحت الأسواق الاسبانية خلال سنة 2023 واحتل المغرب مراتب متقدمة كمصدر لإسبانيا.

ويسير الفاعلون الاقتصاديون في كلا المملكتين نحو قطاعات جديدة واعدة تمثل تحديات مشتركة، من شأنها تعزيز التعاون بين الجارتين،حيث تشمل هذه المجالات الطاقة المتجددة وإدارة المياه وصناعة السيارات.

وفي هدا الشأن يرى، الدكتور عبد النبي صبري أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس، كلية الحقوق السويسي بالرباط، أن ’’القرب الجغرافي بين البلدين، إلى جانب تقاسمهما نظامين حاكمين ملكيين، من شأنه أن يعزز العلاقة بينهما أكثر’’.

ويضيف صبري في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أن ’’اسبانيا قد فهمت رسالة المغرب لها، بعد المشاكل التي حصلت بين المغرب وألمانيا وفرنسا واسبانيا، والتي من خلالها أبان المغرب على أنه قادر على الوقوف في وجه ثالوث قوي في العالم، صادما من كانوا يعتبرون أنه من السهولة لي ذراع المغرب’’.

وأشار المتحدث ذاته، إلى مسألة ’’ترسيم المغرب منذ سنة 2017 لحدوده البحرية، ما أثار حفيظة الجارة ثم بعد ذلك الخطاب الملكي، الذي أكد موقفا صريحا هو أن المغرب لن يوقع أي اتفاق مع أي بلد لا يعترف بسيادته على أراضيه وترابه’’.

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن ’’تنبيه المغرب اسبانيا، بخطر وجود خلايا نائمة تهددها، في ظل الأزمة، أظهر لمدريد أن القيم تبقى قيم والمصالح تبقى مصالح’’.

الجانب الاقتصادي والتجاري

بعد كل ما حصل وبعد يقين اسبانيا بقوة المغرب، يؤكد صبري على أن  ’’العلاقات المغربية الاسبانية، فتحت أبوابها وصارت اسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب، مزيحة شريكا تقليديا آخر، لتدخل المقاولات الاسبانية للاستثمار في المغرب، وتعود العلاقات التجارية الاقتصادية، أفضل من السابق’’.

وساهم تراجع النفوذ الاقتصادي المغربي الفرنسي، في فتح الأبواب أمام اسبانيا التي استفادت من ذلك بشكل كبير، وباتت الشريك التجاري الرئيسي للمملكة في عام 2023، متفوقة على باريس.

ويأتي التقارب بين المغرب وإسبانيا، في إطار تقارب اتسم باتفاقيات ثنائية عديدة خلال السنة، في مجالات مختلفة ومتنوعة، حيث عملت مدريد على تعزيز حضورها في الاقتصاد الوطني بمشاريع مهمة أبرزها بناء محطة لتحلية المياه في الدار البيضاء بقيمة 800 مليون أورو.

المبادلات التجارية

وحسب مجموعة من التقارير، فإن الصادرات الإسبانية إلى المغرب، سجلت ارتفاعا ملحوظا سنة 2022، حيث تجاوزت الرقم القياسي المسجل في العام السابق، كما شهدت الواردات الإسبانية من المغرب أيضا نموا نموذجيا.

وأكد صبري، أنه تم ’’التوقيع على العديد من الاتفاقات الثنائية، إلى جانب الزيارات العديدة التي قام بها مسؤولون إسبان إلى المغرب’’، مشيرا إلى ’’تنظيم البلدين لكأس العالم سنة 2030، إلى جانب البرتغال الحدث الذي من شأنه أن يعزز أكثر العلاقات.’’

وأشارت العديد من الإحصاءات والدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، إلى أنه خلال الفترة من 2011 إلى 2021، سجلت التجارة الثنائية نموا سنويا متوسطا قدره 8 بالمائة.

على المستوى السياسي

يقول عبد النبي صبري، إن ’’العلاقات الساسية بين البلدين جد جيدة ومميزة، تعكس المجال السيادي للنظام الملكي’’، مؤكدا أنه ’’ورغم التقلبات التي تحدث على مستوى المواقف، فإن المواقف السياسية تبقى كما هي ’’.

على المستوى الثقافي

يضيف المتحدث، أن ’’اللغة الاسبانية أصبحت لها مكانة كبيرة بالعالم، ويتم التواصل بها في العديد من الدول كالبرتغال والأرجنتين وغيرهما، مما سيدفع المغرب مستقبلا إلى اعتمادها’’، مشيرا إلى أنها ’’عكس الفرنسية التي أصبحت تحتل مراتب متأخرة’’.

ويسجل صبري أن ’’العلاقات بين مدريد والرباط جيدة على كافة المستويات، ومنفتحة على المستقبل بآفاق واعدة’’، مضيفا أن ’’ما سيتحقق انطلاقا من سنة 2024 سيحول العلاقات بين البلدين، من علاقات استراتيجية عادية إلى علاقات استراتيجية مثالية’’.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *