فن “الحلقة”.. هل فقد الموروث الشعبي والقوت اليومي لعدد من الأسر جمهوره؟

ظلت لعقود من الزمن، عنوان تفرد، وانتماء جماعي لذاكرة مشتركة، تقاسمها أجيال من المغاربة. موروث شعبي، وفن وقوت يومي لعدد من الأسر.

جامع الفنا الحاضنة والمهد الحيوي

وسط ساحة جامع الفنا، القلب النابض بالفن لمراكش الحمراء، المعتمدة من طرف منظمة “اليونسكو” تراثا إنسانيا مشتركا، والمهد الحيوي لرواد فن الحلقة، تتواجد دائرة بشرية، يتموضع داخلها حكاؤون، ومروضو ثعابين وقردة، موسيقيون ومغنون شعبيون، ومحترفو التداوي بالأعشاب. فئات متنوعة توارثت المواهب، وجرأة الاستعراض أمام الملأ، وفي الساحات العمومية.

تعتبر “الحلقة”، واحدة من الظواهر التي تميز الثقافة المغربية التقليدية. غير أن المعطيات الجديدة، تشير إلى حدوث تحولات جذرية في أنماط الاستهلاك الثقافي الجماعي لهذا الموروث الشعبي.

وفي هذا الشأن، قال عبد الصمد، واحد من الحكاؤون بساحة جامع الفنا، أن هذا الفن، أصبح يفقد شيئا فشيئا شغف الأجيال الجديدة والصاعدة.

وأضاف الحكواتي، في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أن ’’رواد فن الحلقة، أغلبهم توفي، ومنهم من كبر كثيرا، وأصبح غير قادر على القدوم لساحة جامع الفنا لتقديم عروضه الفنية، وامتاع الزوار الذين يتوافدون على المدينة من مختلف بقاع العالم’’. مؤكدا على أنه ’’رغم توارث هذا الفن عبر الأجيال، إلا أن الإقبال عليه لم يعد كالسابق’’.

وأوضح المتحدث، أن ’’نخبة من المثقفين، استلهموا إبداعهم المسرحي من الفرجة الشعبية، والاستعراض الذي كان يقوم به أهل هذا الفن الشعبي، حيث أنهم كانوا يجوبون ربوع المملكة، لتجديد صلتهم بجمهورهم، واستعراض إبداعاتهم’’.

إرث من جيل لجيل

وعن موهبته، وقوت يومه، قال عبد الصمد، إنه توارثه عن والده، الذي يعتبر من رواد هذا الفن بالمدينة. مردفا: ’’كنت أصاحب أبي إلى الساحة من أجل مساعدته في حمل الأشياء التي يحتاجها، ومن أجل جمع المال الذي يقدمه الجمهور له عند انتهائه، لأجد نفسي أنا أيضا أسير على خطاه، وأخاطب الزوار بحكايات من التراث الشفهي، المحلي والعربي’’.

وعن الحركات البهلوانية التي يقوم بها مجموعة من الشباب بالساحة، أكد المتحدث، أنها ’’من إرث تقليدي، وأن الشباب لم يلجوا معهدا رياضيا يوما’’.

وفي الساحة أيضا، يختص آخرون بترويض الأفاعي السامة، فيما يطلق البعض الآخر العنان لحنجرته، بينما يعزف آخرون على كمان متقادم، مقاطع شعبية من تراث الفن المغربي.

وعن صمود هذا الفن الشفهي المتنوع، الذي لا يستهوي كثيرا، الجيل الجديد، وإيقاعات الزمن الطاحن، اعتبر الحكواتي، أن ذلك ’’يعود بالدرجة الأولى إلى الغيورين على جزء ثمين من الذاكرة الشعبية الثقافية في المغرب، والذين يعملون على تنظيم رجال المهنة داخل ساحة جامع الفنا، ومن ثم تسليط الضوء على أصول فن الحلقة’’.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *