الغلوسي: متابعة السياسيين هدفه تخليق الحياة العامة.. وأحزاب الأغلبية جزء من مشكلة الفساد (حوار)

استأثرت متابعة عدد من السياسيين، برلمانيين، ومنتخبين الجماعيين، قضائيا، بسبب تورطهم في ملفات فساد مالي، أو تزوير في وثائق رسمية، باهتمام الرأي العام الوطني، الذي استقبلها بتفاؤل كبير، على اعتبار أنه لا أحد فوق مسطرة القانون التي تسري على الجميع.

هذا الأمر يجعلنا اليوم أمام تفعيل حقيقي وتنزيل جريء للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة. كما يجعل عموم المغاربة، يتطلعون لمعرفة تقارير المجلس الأعلى للحسابات باهتمام بالغ، لعلَّ خلاص كثير من المؤسسات التي يتحكم فيها الفساد، يكون في ملفاتها وبين وثائقها.

وفي هذا الصدد، حاورت “بلادنا24“، محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام.

 

بداية، كيف تقرؤون المتابعات القضائية التي طالت مؤخرا عددا من السياسيين؟

المتابعات القضائية أمر طبيعي وعادي، وهذا ما يجب أن يكون في دولة الحق والقانون، لذا فمن الطبيعي، بل ومن الضروري أيضا أن تتم متابعة أي شخص كيف ما كان منصبه وموقعه الوظيفي، في حال ثبت قيامه بمخالفة القوانين، ووقوعه في خروقات. وبالتالي يتم تطبيق القانون عليه، لأن لا أحد فوق القانون، والجميع سواسية أمام العدالة.

غير أنه، وفي البلدان التي لم تنتقل بعد إلى الديموقراطية، يظهر أن متابعة بعض المتورطين في قضايا الفساد المالي، خاصة أولئك الذين يحتلون مراكز وظيفية مهمة في مؤسسات عمومية، أو ذات طبيعة تمثيلية، يبدو شيئا جديدا، لأن هذا الموضوع هو غير مألوف، وبالتالي هذه المتابعات هي جزء من مطالبنا بالجمعية المغربية لحماية الملك العام، ونعتبره أمر إيجابي، وخطوة إيجابية، تأتي في سياق تزايد المطالب المجتمعية الهادفة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، والقطع مع الفساد، ومع الرشوة، ومع الإفلات مع العقاب.

كما يأتي أيضا، في سياق وعي مجتمعي يعي مدى خطورة هذه الظاهرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. إلا أنه من الضروري تسجيل ملاحظة، أنه لابد من القول إن هذه المتابعات القضائية، هي حديثة بالنسبة للمنتخبين والبرلمانيين، ولذلك نطالب أن تشمل هذه المتابعات القضائية كل المسؤولين الذين يتقلدون المسؤوليات العمومية، وثبت في حقهم مخالفات أو تجاوزات، سواء كانوا وزراء، أو مدراء مؤسسات عمومية كبرى، أو ولاة، أو عمال، حتى لا يتم التعامل مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بالانتقائية، حسب اختلاف وظائف كل شخص.

الملاحظ أن النسبة الغالبة من المتابعين ينتمون لأحزاب الأغلبية، خصوصا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، هل من تفسير لهذا الأمر؟

هذه الأحزاب هي جزء من مشكلة الفساد بالمغرب، لأنها تستعين بأشخاص تحوم حولهم شبهات فساد، وذممهم غير بريئة، ولا يتمتعون بمصداقية وسط المجتمع، إذ أن ما يهم هذه الأحزاب هو المقاعد، وذلك من الطبيعي أن تبحث عن مثل هؤلاء الأشخاص، الذين لهم أصوات وكتل انتخابية، وبالتالي فهذه الأحزاب لا تتمتع برصيد أخلاقي وسياسي، من شأنه أن يعزز تخليق الحياة العامة. وبالتالي، ليس من الصدف أن يكون المتابعون من هذه الأحزاب، نظرا للأدوار التي لعبتها لمدة طويلة في تمييع العمل السياسي والعمل التمثيلي والنيابي.

باعتقادكم، هل تدعم مثل هذه المتابعات القضائية، والعمل بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تخليق الحياة السياسية ببلادنا؟ وبالتالي إعادة الثقة للمواطن في العملية الانتخابية؟

هذه المتابعات القضائية لا تكفي لوحدها، فهي جزء من آليات مكافحة الفساد. ودور القضاء في هذا الباب مهم جدا، إذ أن الأحكام التي تصدر في قضايا الفساد المالي، ونهب المال العام، والرشوة، تشكل سببا من أسباب تخلف المجتمع، وتراجع مؤشرات التنمية على المستوى الوطني.

وبالتالي، فمن الطبيعي أن يكون دور القضاء مهم في هذا الجانب، لكنه غير كاف، إذ لابد من استراتيجية متكاملة متعددة الأبعاد تقوم بأدوارها في تخليق الحياة العامة، بل إننا نحتاج استراتيجية وقائية من الفساد، وهذه الاستراتيجية يجب أن تستند إلى مقاربة شمولية، تروم الوقاية من كل مظاهر الفساد، قبل أن يقع الفساد بحد ذاته.

أميمة حدري – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *