محلل سياسي: عزم باريس الاستثمار في الصحراء فشل لسياسة الابتزاز التي يكعف عليها خصوم المغرب

أثار تحسن العلاقات المغربية الفرنسية، بعد أزمة صامتة، اعتبرت الأطول من نوعها في تاريخ العلاقات التي جمعت البلدين، لعقود طويلة، جنون جبهة البوليساريو الانفصالية، لاسيما بعد إعلان باريس عن نيتها للاستثمار بالأقاليم الجنوبية، وتحرك عجلت العلاقات الثنائية بين باريس والرباط.

وفي هذا السياق، استنكرت جبهة البوليساريو، بشدة، نية فرنسا في الاستثمار بمدن الصحراء المغربية، وتمويل مشاريع استثمارية ضخمة بالداخلة. معتبرة أن هذه الخطوة، تمثل “دعما صريحا للمغرب، وخرقاً سافراً للقانون الدولي، والتزامات فرنسا الدولية”، على حد تعبيرها.

توجس أعداء الوحدة الترابية

محمد سالم عبد الفتاح، الباحث في العلاقات الدولية، والمهتم بملف الصحراء، قال إن “بيان الجبهة الانفصالية بخصوص ما أعلن عنه وزير التجارة الخارجية الفرنسي، من اعتزام بلاده الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، يأشر على توجس خصوم المغرب وأعداء وحدته الترابية من هذه الخطوة، كونها تكرس الموقف الفرنسي الداعم للمملكة المغربية فيما يتعلق بقضية الصحراء”. مشيراً إلى أن هذه الخطوة، “توضح فشل مناورات خصوم المغرب الرامية إلى التأثير في الموقف الفرنسي، ومنعها من المضي قدما في تصحيح موقفها، والاعتراف الصريح بمغربية الصحراء”.

ابتزاز سياسي

ولمواجهة التطور الإيجابي الذي يعرفه ملف الصحراء المغربية، أوضح عبد الفتاح، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “خصوم وأعداء وحدة المغرب الترابية، عكفوا على ابتزاز الموقف الفرنسي، وبقية البلدان الأخرى الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، إذ لم يكتفوا فقط بتوظيف البترول، والتهديد بقطع إمدادات الغاز، بل قاموا بتوظيف ملفات أمنية كبيرة، كالإرهاب، والهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة، فضلا عن محاولات اختراق قرار سيادي لهذه البلدان، عبر شراء المواقف، وتجنيد مجموعات الضغط واللوبيات لمهاجمتهم”.

زخم دبلوماسي

ولتفسير مخاوف ميليشيات البوليساريو من هذه الخطوة التي عبرت عنها باريس في زيارة رسمية لوزير التجارة الخارجية الفرنسي للمغرب، أشار المتحدث ذاته، أن “فرنسا تنظم إلى قوى إقليمية ودولية هامة، سبق وأن عبرت عن مواقفها المؤيدة للمملكة، بخصوص قضية الصحراء، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، إلى جانب ألمانيا، وغيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي”. موضحا، أن هذه المواقف، “تكرس الزخم الذي حققه المغرب، والدينامية الدبلوماسية التي يراكمها فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، من خلال افتتاح أكثر من 30 دولة قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة”.

وإلى جانب هذا، يؤشر الموقف الفرنسي، يضيف الباحث في مجال العلاقات الدولية، على “فشل سياسة الابتزاز التي يكعف عليها خصوم المغرب، كما من شأنه أن يكرس الموقف الأوروبي الداعم للمملكة، قبيل صدور قرار محكمة العدل الأوروبية، لاستئناف الشراكات الإقتصادية التي تجمع المملكة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل الأقاليم الجنوبية”.

وأشار إلى أن هذا الموقف، “يأخذ أهميته كذلك، كونه يأتي قبيل انعقاد مجلس الأمن الدولي، والتي تعتبر فرنسا عضو دائم فيه، تتمتع بحق النقض، وذلك للاستماع إلى إحاطة المبعوث الشخصي، حول ملف قضية الصحراء، كما أنه يتزامن مع صدور قرار محكمة العدل الأوروبية، بخصوص تجديد اتفاقية الصيد البحري التي تجمع بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.

اجتهاد قضائي

وسجل المحلل السياسي، أن قرار باريس، الاستثمار بالصحراء المغربية، يتعزز بالاجتهاد القضائي، موضحا أنه سبق لمحكمة تراسكون، أن أصدرت حكما بشرعية المبادلات التجارية بين باريس والرباط، خصوصا تلك القادمة من الأقاليم الجنوبية، بموجب الشراكات التي تجمع البلدين لعقود طويلة، “الأمر الذي راكم الاجتهاد القضائي المعترف بقضية سيادة المغرب على صحرائه”.

رؤية دبلوماسية ملكية

وتنسجم هذه الخطوة، بحسب الباحث في مجال العلاقات الدولية، والمهتم بملف الصحراء، مع “الرؤية الدبلوماسية الملكية التي سبق وعبر عليها الملك محمد السادس في خطابات سابقة، والتي جعلت من قضية الصحراء، بمثابة المنظار الذي تنظر منه المملكة المغربية للعالم”.

دعم مقترح الحكم الذاتي

يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، جدد قبل أسابيع، دعم بلاده “الواضح والمستمر”، لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، لحل نزاع الصحراء.

وقال سيجورنيه، في ندوة صحفية عقدها رفقة وزير الخارجية، ناصر بورطة، على هامش زيارته للمغرب: “بإمكان المغرب أن يعول على الدعم الواضح والمستمر لفرنسا لخطته للحكم الذاتي”. مردفا: “سبق أن قلنا ذلك، وسأكرره اليوم ربما بقوة أكبر، لقد حان الوقت للتقدم، سأسهر على ذلك شخصيا”.

هذا، وأكد المسؤول الفرنسي، على أن “الصحراء رهان وجودي بالنسبة للمغرب، وفرنسا تعرف ذلك، وهناك مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب منذ سنة 2007، والمغرب يجب أن يعتمد على دعم فرنسا الواضح والدائم لهذا المخطط، وموقفنا البحث عن حل سياسي ومستدام وفق مقررات مجلس الأمن”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *