هل ستطيح “الأخبار الزائفة” بحكومة بيدرو سانشيز؟

يعيش المشهد السياسي الاسباني أسوء أيامه، بعد أن أعلن رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، أنه يفكر في التخلي عن منصبه، وأنه سيكشف عن قرار استمراره في تولي رئاسة الحكومة من عدمها، الاثنين المقبل، عقب فتح السلطات القضائية الاسبانية تحقيقا مع زوجته، بسبب ما وصفته وسائل إعلام محلية، بقضية “استغلال النفود والفساد”، واتهامه لخصومه السياسيين، بتحريك القضية، وتسخير وسائل إعلام لمهاجمته.

انحطاط سياسي

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي وعضو الحزب الاشتراكي الاسباني، لحبيب شاط، إن المشهد السياسي الاسباني يعيش هذه الأيام أسوء أيامه، وهي نتيجة حتمية وتحصيل حاصل لما وصلت إليه الاحتكاكات السياسية داخل البرلمان الاسباني بالغرفتين الأولى والثانية، والتي تجاوزت كل آليات الخطاب السياسي الوازن داخل أجهزة تمثل إرادة الشعب.

وأضاف لحبيب شباط في تصريحه لـ”بلادنا24“، إن “بوادر هذا الانحطاط السياسي ظهر بعد بزوغ اليمين المتطرف في شخص فوكس في الساحة السياسية الاسبانية، وهذا الظهور كان مدعوما من طرف عدة منظمات مدنية ذات مرجعية دينية محافظة جدا ووسائل إعلام رقمية جديدة مدعومة من طرف لوبيات تتعدى الحدود، وشكلت شبكة متشعبة وتأسس لخطاب اليمين العنصري وتستعمل آليات وأساليب يمكن وصفها ب “المافيوزية” وترفع دعاوي كاذبة للقضاء ضد الخصوم السياسية التي لها برامج تختلف عن رؤى اليمين فيما يخص كل المجالات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية.

وأشار إلى أن هذا اليمين الذي يعتبر نفسه الملك الرئيسي لإسبانيا و ثقافتها، قبل أن يتابع، “لكن الخطير في الأمر ان الحزب الشعبي الذي يمثل اليمين المعتدل إلى حد قريب أصبح يتبنى أطروحات اليمين المتطرف لأنه يخاف من فقدان قسط من أرضيته الشعبية ويستعمل نفس خطاب اليمين المتطرف وأساليبه أيضا”.

محاربة بيدرو سانشيز

وأكد المحلل السياسي، على أنه منذ الدقيقة الأولى من وصول بيدرو سانشيز إلى الحكم، لم يتقبل اليمين الاسباني إرادة الشعب والنتائج الانتخابية، وبدا حملته ضد شخص بيدرو سانشيز، واستعمل شتى الوسائل تجاوزت في عدة مرات حدود الحراك السياسي الصحي بين الأحزاب السياسية.

وتابع المصدر ذاته، “هذه الأساليب تذكرنا بما قبل نشوب الحرب الأهلية الاسبانية  في بداية الثلاثينات من القرض الماضي، إذ تابعوا بالحرف استراتيجيات كيفية القضاء على العدو السياسي، وهي أساسا تعتمد على تحديد العدو الرئيسي برسائل مبسطة، والعدو الرئيسي حددوه في شخص بيدرو سانشيز منذ وصوله الى الحكم، كونه هو أساس كل ما يقع سلبي في اسبانيا”.

ولفت لحبيب شباط، إلى أن النقطة التي أفاضت الكأس هي محاولة المعارضة اقتحام زوجة الرئيس في قضية استغلال النفوذ من أجل الاغتناء، مستعملين في ذلك أخبار زائفة من وسائل إعلام رقمية أنشأت لهذا الغرض، ومن أجل القضاء على بيدرو سانشيز وسياسته.

قرارات جريئة

المحلل السياسي أوضح أن سياسة رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، فيما يتعلق بالسياسة الاجتماعية الداخلية وكذلك الاقتصادية والسياسة الخارجية، أغضبت لوبيات، كون القرارات التي يتخذها يمكن وصفها بـ”الجريئة” وتهدد الامتيازات التي تتوفر عليها مجموعة من اللوبيات التي تستثمر في القطاع الصحي الخاص والتعليم الخاص والشركات الكبرى.

وقال، لحبيب شباط، إن هناك قوى داخلية وجهات خارجية تريد الإطاحة بحكومة سانشيز ورئيسها لأنها تتخذ قرارات جد جريئة فيما يخص القضايا الداخلية لإسبانيا، كان آخرها الإرادة السياسية لسانشيز المتعلقة بتسوية وضعية أزيد من 500 ألف مهاجر غير نظامي داخل اسبانيا، في حين أن اسبانيا تريد تسوية وضعية هؤلاء المهاجرين.

وأبرز، أن على مستوى السياسة الخارجية لسانشيز، اهتم بالحرب على غزة، بينما تعتزم الحكومة الاسبانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قبل أن يضيف، “لا ننسى أن بيدرو سانشيز زعيم الاشتراكيين المنضويين في الأممية الاشتراكية ويعتبر من الأصوات اليسارية الموجودة الآن التي تعبر عن رؤى وتصورات اليسار الاجتماعي العالمي”.

صراع إيديولوجي

وقال إن هذه المعارك لا تدور رحاها فقط في اسبانيا، بل في جل دول العالم، إذ يحاول المد اليميني فرض أيدولوجياته وأجنداته على العالم، وأن ما يقع في اسبانيا لا يشكل استثناء لما يقع في الولايات المتحدة الأمريكية أو ما وقع في البرازيل أو ما يقع في الارجنتين وإسرائيل.

وخلص المحلل السياسي قوله إلى أن “الأحزاب السياسية الاسبانية، أدخلت العمل السياسي الى مستنقع الكل مسموح به من أجل معارضة الحكومة، إذا فالرئيس الاسباني كعادته كان جريئا ووضع فوق الطاولة معاناته مع هذه اللوبيات، وكرئيس للحكومة ليس من اللباقة السياسية أن يقول في اسبانيا هناك ممارسات لبعض القضاة تتماشى مع بعض استراتيجيات اليمين الاسباني، مما يعني استعمال المحاكم للقضاء على الحكومة، وإعطاء الشرعية لعمليات أقل ما يقال عنها أنها مظلمة”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *