نقل إدارة المجال الجوي في الصحراء للمغرب.. محلل: استكمال لمواقف إسبانيا المتقدمة

يبدو أن إسبانيا، بقيادة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، تتقدم بثبات في المفاوضات الجارية لتحقيق أحد تطلعات الرباط- وهنا الأمر يتعلق بإدارة المجال الجوي فوق تراب الصحراء المغربية.

مفاوضات سرية

وبحسب ما ورد في تقرير لمجلة “أوكي ديارو” الإيبيرية، فإن “المفاوضات تجري بطريقة سرية بين ممثلي الحكومتين الإسبانية والمغربية، مما يثير مخاوف بشأن التوترات الدبلوماسية المحتملة مع الجزائر”.

وبحسب النتائج التي توصلت إليها المجلة الإسبانية، فإن المحادثات يتم تسهيلها من قبل مجموعة العمل بين المغرب وإسبانيا، التي أنشأت لجنة فنية للتعمق في الجوانب التقنية والأمنية لإدارة المجال الجوي. وكشفت مصادر من داخل وزارة الخارجية الإسبانية عن عقد اجتماعين بالفعل، مما يؤكد حساسية الأمر.

وتعود جذور هذه المفاوضات إلى الإعلان المشترك الموقع في أبريل 2022 خلال زيارة بيدرو سانشيز للرباط، ولقائه مع الملك محمد السادس. وفي خضم الجدل الدائر حول تغير موقف إسبانيا التاريخي بشأن الصحراء المغربية، التزمت المادة السابعة من الإعلان، ببدء مناقشات حول إدارة المجال الجوي.

ويكشف السياق التاريخي أن إسبانيا- المستعمرة السابقة لإقليم الصحراء المغربية- كانت تدير المجال الجوي من خلال مراقبي الحركة الجوية التابعين لها على مدى عقود.

وكانت شركة “Enaire”، وهي شركة مملوكة للدولة تابعة لوزارة النقل الإسبانية، مسؤولة عن ذلك، مع الالتزام بإرشادات منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO). وعلى الرغم من المشاركة التاريخية لإسبانيا، يتم التأكيد على أن البلاد لا تمتلك المجال الجوي وتفتقر إلى سلطة اتخاذ قرار بشأن إدارته من جانب واحد.

وبالنسبة للمغرب، فإن السيطرة على هذا المجال الجوي تتوافق مع تطلعاته الطويلة الأمد، حيث يعد المجال الجوي المعني بمثابة طريق حاسم لشركات الطيران التي تربط أوروبا وأمريكا الجنوبية، مع حجم سنوي كبير من الرحلات الجوية.

ومع تطور المفاوضات، تواجه إسبانيا مهمة حساسة تتمثل في موازنة علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب مع احتمال توتر العلاقات مع الجزائر.

وتحمل نتائج هذه المفاوضات، آثارًا كبيرة ليس فقط على الديناميكيات الجيوسياسية للمنطقة ولكن أيضًا على الجوانب العملية للسفر الجوي الدولي؛ وتسلط المعلومات التي كشفت عنها المجلة الإسبانية الضوء على المهمة المعقدة للدبلوماسية وديناميكيات القوة، حيث يتنقل كلا البلدين في تعقيدات التنازل عن السيطرة على المجال الجوي للصحراء المغربية.

الموقف المتقدم لمدريد

من جهته يرى محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “نقل إدارة المجال الجوي إلى المغرب، يأتي في سياق الموقف المتقدم لمدريد، أو تصحيح إسبانيا لموقفها إزاء قضية الصحراء، وتبنيها لهذا الموقف المتقدم الداعم للملكة، والداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي”.

وقال سالم عبد الفتاح، ضمن تصريح لـ”بلادنا24“، أن هذه الخطوة تأتي “في سياق التطورات السياسية والدبلوماسية التي يشهدها ملف قضية الصحراء، والتي تصب كلها في صالح تكريس واقع السيادة المغربية، كما تصب في تقويض المشروع الانفصالي وتجاوز الجبهة الانفصالية”.

وشدد الباحث المهتم بقضية الصحراء، أن “مدريد أعربت في أكثر من مناسبة، وعلى ألسن مختلف المستويات، عن اعتزامها المضي قدماً في الشراكات الاستراتيجية التي تجمعها مع المملكة”، موضحاً أن “هذه الشراكات، هي التي تتطلب إبداء مواقف صريحة داعمة للمغرب، كما تتطلب دعم واقع السيادة المغربية على الأرض، بما في ذلك إعادة الإدارة الجوية للأقاليم الجوية لصاحب السيادة الشرعية، الذي هو المغرب”.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أن “هذه التطورات تنسجم مع الزخم الذي تشهده العلاقات بين البلدين، بحكم أن إسبانيا باتت هي الشريك الاستراتيجي الأول بالنسبة للمملكة”، مشيراً إلى أن “المغرب بات هو المورد الثالث بالنسبة لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد كل من بريطانيا والولايات المتحدة، فضلاً عن الزخم الثقافي والحضاري التي تزخر به هذه العلاقات ما بين البلدين”.

وأفاد رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في ختام تصريحه لـ”بلادنا24“، بأن “هذا التطور يكرّس أيضا المقاربة الدبلوماسية الملكية، التي سبق أن عبرت عنها خطابات صاحب الجلالة، عاهل البلاد محمد السادس، وهي المقاربة التي تضع قضية الصحراء في صلب العقيدة الدبلوماسية للمملكة”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *