زيارة دي ميستورا لجنوب إفريقيا.. ضرب مصداقية الوساطة الدولية وتقويض جهود الأمم المتحدة

أثارت الزيارة الغريبة التي قام بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، لجنوب أفريقيا، استجابةً لدعوة من حكومتها لمناقشة قضية الصحراء، جدلا سياسيا واسعا، وسط تحذيرات للدبلوماسي الإيطالي من تحدي المملكة المغربية خصوصا فيما يتعلق بالوحدة الترابية.

وفي أول رد رسمي على هذه الزيارة التي أثارت أكثر من علامة استفهام حول دواعيها، أعلن السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، رفض الرباط للزيارة، مؤكداً “أن المملكة حذرت بوضوح من تداعياتها على العملية السياسية في المنطقة”.

خطأ في التقدير

محمد سالم عبد الفتاح، الباحث في مجال العلاقات الدولية، والمهتم بملف الصحراء أكد أن “المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، أخطئ التقدير باستجابته للدعوة التي قدمتها جنوب إفريقيا، باعتبارها بلد غير معني بهذا النزاع المفتعل، وليست طرفا رئيسيا فيه ولا حتى طرفا دوليا مؤثرا أو داعما للوساطة الأممية”.

وأوضح محمد سالم عبد الفتاح في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “جنوب إفريقيا تعد إحدى الدول التي تبدي مواقف معرقلة للوساطة الدولية، بحكم أنها تسهم في التصعيد الإعلامي والسياسي، الذي يعكف عليه خصوم المغرب وأعداء وحدته الترا

بية، من خلال تأييد الأطراف، التي تتنصل من إتفاق وقف إطلاق النار، وتصعد ضد المملكة من خلال عرقلة عمل البعثة الأممية الميداني”.

مصداقية الوساطة الدولية

وفي رده على سؤال حول التأثير المحتمل لهذه الزيارة على العملية السياسية المرتبطة بنزاع الصحراء، أكد المتحدث ذاته، على أن “تعاطي ستيفان دي ميستورا مع بلد ينخرط وينحاز بشكل سافر، إلى أحد الأطراف التي تعكف على التصعيد في قضية الصحراء المغربية، من قبيل جنوب إفريقيا، يضرب مصداقية الوساطة الدولية ويقوض الجهود والمساعي الحميدة التي تخوضها الأمم المتحدة في هذا السياق”.

وأشار الباحث في مجال العلاقات الدولية، أن هذا “الفعل يعرقل إمكانية انعقاد تنفيذ توصيات قرارات مجلس الأمن وتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بجمع أطراف النزاع على طاولة المفاوضات، وفي مقدمتها الجزائر بإعتبارها طرف رئيسي في النزاع”.

وسجل سالم عبد الفتاح في معرض حديثه أنه “إذا كان هناك إمكانية من توسيع دائرة لقاءات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، فينبغي أن تشمل الدول التي تتسم مواقفها بالرزانة وإبداء المواقف المتوازنة الداعمة للشرعية الدولية والجهود الأممية، وليس طرفا يدعم الانفصال أو يبدي مواقف سياسية منحازة لأحد الأطراف أو مصطدمة مع أطراف أخرى”.

جمود الوساطة الأممية

وحول ما إذا كان المبعوث الأممي أصبح عاجزا عن إيجاد وابتكار طرق لحل ملف الصحراء المغربية، سجل المهتم بملف الصحراء أن “ستيفان دي ميستورا، مطالب اليوم بتقديم حصيلة عمله الذي دام سنتين من تعيينه كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، خاصة في ظل الجمود الذي بات يطبع الوساطة الأممية، وعجزه عن مواجهة الأطراف المنتصلة من اتفاق وقف إطلاق النار”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن المبعوث الشخصي “مدعو إلى إبداء مواقف صريحة إزاء تداعيات هذا المشروع الانفصالي، الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ويزيد من حدة توتر الأوضاع واضطرابها في بلدان الساحل”.

وحسب بعض المحللين، تنذر زيارة دي ميستورا لجنوب إفريقيا بمزيد من التوتر في العلاقة بين المغرب والأمم المتحدة، خصوصا بعدما حذر المغرب من تدخل دولة جنوب إفريقيا في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، على اعتبار أنها لم تكن يوما طرفا نزيها في هذا الملف، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة ستيفان دي ميستورا، لتفسير هذه الزيارة وتقديم أجوبة مقنعة للرباط.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *