البام.. مسار 15 عاما من الضربات المتوالية والنجاحات المتواصلة 

اشتغالي صحفيا بالبوابة الرسمية لحزب الأصالة والمعاصرة منذ أواخر العام 2012؛ أتاح لي أن أتعرف على الكثير من تفاصيل الدار وأهلها .. حينها كانت الهجمات من هنا وهناك لا تنقطع ولا تتوقف على حزب لم يكمل بعد عامه الخامس؛ رفع “الجرار” شعار: السياسة بشكل مغاير وسط مشهد حزبي- سياسي بات متسما بانعدام ثقة المواطن في السياسة والأحزاب وما اتصل بهما وارتبط.

ما كان يُسوَّقُ عن الحزب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الجرائد الورقية وغيرها من المنابر الإعلامية؛ كان أشبه ب “الفزاعة” أو تلك “الغولة” الافتراضية التي اتخذت كأداة لتخويفنا ونحن أطفال حين نكثر من الشغب أو نرفض أداء واجبنا المدرسي .. قصص من وحي قِصر ومحدودية تفكير من صاغوها؛ كانوا يتحدثون عن فخفخة ومظاهر تخال وضع الحزب حينها وكأنه خارج إطار التصنيف أو أنه فوق غيره من الأحزاب .. وقياداته أشبه بمخلوقات لا تشبهنا تسوق مركبات فضائية في الخفاء طوال الوقت. بينما واقع الحال أن أهل البام قيادات وقواعد هم أشخاص عاديون؛ مواطنات ومواطنين مغاربة؛ ينتمون إلى وطن آمنوا بقوة أنه يتسع للجميع.. يعملون؛ يتواصلون؛ يأكلون؛ يشربون؛ ينامون؛ يمشون في الأسواق؛ يعيشون مشاعر إنسانية؛ يترافعون عن القضايا.. منهم ابن الأستاذ في القسم وابن الجندي المدافع عن وطنه وابن الطبيب المنشغل بمرضاه وابن العامل الكادح في الورشة؛ ومنهن بنات نساء كافحن وناضلن لعقود في سبيل تربية خلفٍ صالح يؤثر إيجابا في محيطه.

الباميون نساء ورجالا بسطاء؛ لغتهم التواصلية بسيطة أيضا؛ حظوا بثقة المغاربة في أكثر من مناسبة رغم الحملات المغرضة والمزايدات الفارغة والهرطقات التي لا تنتهي من الذين يتوقون لكي تظل ثقة المواطن في السياسة ضعيفة حد الانعدام؛ ليعبثوا بأحلام المواطن وتطلعاتهم ويتخذونها مطية فقط للحظوة بالكراسي في المجالس المختلفة.

البام قال كلمته بصراحة أكثر من مرة؛ -بشهادات من عايشوا مختلف المراحل من الاصدقاء والخصوم- ووقَّع على النجاح في عدة محطات، 2009؛ 2015؛ 2016؛ وصولا إلى العام 2021؛ كل المؤشرات والأرقام أكدت نجاح تجربة “جرار” حزب الأصالة والمعاصرة في تقديم “محصول” يليق بالوطن وأهله؛ أداء جيد في المجالس المنتخبة سواء تعلق الأمر بمسؤولية الرئاسة أو المشاركة في التسيير؛ وأداء لا يقل فعالية على مستوى المؤسسة التشريعية من خلال الحضور الوازن في الجلسات التشريعية والأسئلة الشفوية والكتابية وجلسات اللجان وعضويتها وكذا الاشتغال من داخل اللجان الاستطلاعية إلى جانب باقي الفرقاء السياسيين.

هكذا مارس الباميون والباميات “المعارضة” بشكل أعطى إشعاعا وأعاد لهاته الأخيرة وهجها الذي كان مُفتقدا لفترة طويلة. وعندما تبوأ مكانته في التشكيلة الحكومية؛ سعى البام من خلال الأسماء التي تحملت المسؤولية إلى الانخراط الجدي والفعلي في كل الأوراش الإصلاحية التي تشهدها بلادنا.. في الإسكان؛ التشغيل؛ الثقافة؛ الشباب؛ العدل والتعليم العالي؛ في إصلاح الإدارة والتنمية المستدامة..

هذه المجالات شهدت تحولات مهمة تصب كلها في اتجاه تجويد الخدمات المرفقية؛ وتحقيق التواصل الفعال مع المواطنين وإشراكهم في عملية الإصلاح من خلال فسح المجال أمامهم عبر منصات تواصلية ليدلوا بأفكارهم ومقترحاتهم ليشاركوا في بناء هذا الوطن الطامح إلى الأفضل.

قد يقول أحدهم إننا هنا بصدد التمجيد و”التطبيل”؛ ولكن الأمر بتاتاً ليس كذلك؛ هي أفكار تسكن البال وتفاصيل من واقع مُعاش لأعوام داخل حزب الأصالة والمعاصرة المؤمن بالانفتاح على الآخر مع الكثير من التشبث بالجذور والأصل؛ حزب لم يزايد بقضية معينة على حساب مأساة أو معاناة؛ حزب آثر الهدوء والصبر على الضربات وتلقاها بصدر رحب؛ فكل شيء يهون وكل رشقة أهلا بها إن كان في الموضوع مصلحة الوطن والمواطن.

ما يحدث في الوقت الحالي من محاولات مستميتة للزج بالحزب ومناضلاته ومناضليه قواعد وقيادات في متاهات؛ لن يكون تأثيره أكثر من تأثير الزبد في البحر.. سيذهب كل ذلك جفاء ولو بعد حين. ودعونا نستحضر مثالاً بين أيدينا على حسن التسيير داخل الحزب؛ إذ حظي هذا الأخير أكثر من مرة بشهادة تنويه من طرف المجلس الأعلى للحسابات -كمؤسسة دستورية لها وزنها- على الأداء المالي الجيد للجرار وتدبيره لموارده بما لا يدع مُطلقاً مجالا للحديث عن سوء استخدام للمال العمومي أو تبذيره. ألا يكفي هذا الحزب فخراً تناوب 6 قيادات على تدبير شؤونه خلال أقل من عقدين بينما سعى البعض إلى محاولة “تحنيط” الشخوص وهم يحملونهم مسؤولية القيادة داخل أحزاب أخرى… هذا التناوب ألا يدل على أن الكراسي لا تهم ولا تدوم؛ وما يبقى من العمل هو أثر أو بصمة تركت أمراً جيدا في الأذهان والنفوس.

متابعة عضوين من الحزب على هامش ملف هو الآن بين يدي القضاء؛ والبام عبر عن موقفه بشأن الأمر في وقت مبكر من خلال بلاغ وقعته رئاسة المجلس الوطني تلاه تأكيد لذات الموقف في بلاغ للمكتب السياسي؛ دون إغفال الخرجات الإعلامية والتصريحات التي أدلت بها قيادات الحزب حين استضافتها القنوات التلفزية والمنابر الإعلامية بدعاماتها المختلفة؛ إذ كان الإجماع على الثقة التامة في جهاز القضاء ونأي الحزب بنفسه عن الخوض في الموضوع واتخاذ المسافة الكاملة تجاه ذلك. وهي ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الحزب على هذا النحو؛ فالبام كان دوما نموذجاً للأحزاب التي تحترم قرارات المؤسسة القضائية وغيرها من المؤسسات الدستورية؛ ويتخذ القرار المناسب إن وُجدَ ما يثبت الخطأ المُرتكب من طرف مناضلة أو مناضل مهما كان موقعهم أو مسؤوليتهم داخل الحزب.

حزب الأصالة والمعاصرة، يبقى أكبر من هذه المزايدات الشعبوية الضيقة والعابرة؛ ومن يطلقون العنان لـ “الأحكام” وإلصاق التهم “المجَّانية” و”المُجانبة” للصواب بحق مناضلات ومناضلي الحزب سيتبينون الحقيقة طال الأمد أو قصر.

البام ليس مجرد حزب بل ركيزة مهمة للمجتمع؛ رفع تحدي طيلة مشوار عمره الذي يقارب الآن 15 عاما محاربة الفساد في كل المناحي المرتبطة بعيش المواطن، وظل ملتزمًا بهذا الهدف بقوة، حيث لم يتردد للحظة واحدة في تجسيد انخراطه القوي في هذا السعي.

وبدلاً من الانجرار وراء المزايدات؛ يستمر الجرار في تعزيز مناعته وتقوية مكانته وسط المجتمع مجسداً الالتزام بقيم النزاهة والشفافية والتأثير الإيجابي في الرأي العام والإسهام في بناء ثقة أوسع بينه وبين المواطنين؛ هذا هو الأساس وهذا هو الهدف.. يجب أن يظل الحزب في طليعة الدفاع عن مبادئه وتوضيح دوره الفعّال في خدمة المجتمع.

وعلى الرغم من التحديات والمزايدات والإكراهات والمطبات، يبقى حزب الأصالة والمعاصرة عنوانًا للتغيير الإيجابي والالتزام بقيم الوطن والدفاع عنه وعن قضاياه في كل المواقف والمناسبات .. والأزمات مهما اشتدت لن تزيده إلا صلابة وقوة والتحاما بين كل مكوناته. وفي آخر المطاف لا يصح إلا الصحيح.

مراد بنعلي – صحفي 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *