تشتهر مدينة مراكش، بتنوع إرثها الحضاري والمعماري، بفعل تعاقب عدد من الدول، التي اتخدت مراكش عاصمة لها، من المرابطين مرورا بالموحدين، ووقوفا عند السعديين، حيث خلف تعاقب هذه الدول، على حكم مدينة البهجة، مزيجا من التنوع العمراني والثقافي والحضاري، في حلقات خلال هذا الشهر الفضيل، سنعرف بأهم أحياء المدينة الحمراء، تاريخها ومآثرها وإسهاهمها في الإشعاع السياحي، بالمملكة المغربية.

يعتبر حي المواسين، من الأحياء التاريخية بمدينة مراكش، حيث يتواجد على مدخل الصور، المؤدي لحي القصور، اختلفت الروايات التاريخية، حول سبب التسمية، فمن المؤرخين من يؤكد، أن “أول دار بنيت في حومة حارة السورة، منهم من يتجه بأنها في “أسول” غير بعيدة عنها، تضاربت الروايات من الأقوى إلى الأضعف، في السند وهذه أهمها.”

تضارب روايات الأصل والتسمية

جاء حي المواسين، من جمع المذكر السالم للمواسي، أي الشخص الذي يقدم المواساة والسلوان، للشخص الذي أصابت به موصيبة، حيث بعد طرد اليهود والمسلمين من الأندلس (الموريسكيون)، عقب سقوط مملكة بني الأحر 1492 ميلادية، نزح هؤلاء حول مناطق عديدة من شمال إفريقيا، بين تونس والمغرب والجزائر، حيث استقر بعض هؤلاء الموريسكيون، خاصة منهم اليهود بذات الحي الذي يطلق عليه حي “أبي عبيدان”، التسمية الثانية لحي المواسين، فيما تقول رواية أخرى، أن سبب التسمية يعود لشخص لقبه المواسي، كان من أهم رجالات المهدي بن تومرت، وقد استقر وعائلته في حي أبي عبيدان، فحمل اسمه واسم عائلته المؤثرة، في عصر الدولة الموحدية.

وتداولت بعض المصادر التاريخية، أن المواسين اسم حرفة مثل الصباغين والدباغين والعطارين، وغيرها من الحرف، وذللك لأن المنطقة كان تشتهر وتنفرد بصناعة السيوف والأسلحة البيضاء، وهي الصناعة التي كانت حكرا على اليهود، وذهب آخرون إلى أن المواسين، قد تكون مرتبطة أيضا باشتقاق من مفردة أمازيغية قديمة وعي لفظة “أمواسين” و”تمواسينت”، وتعني الأرض المقعرة.

الحديقة السرية

تعد الحديقة السرية بحي المواسين، جزءا لا يتجزأ من ثراث عاصمة النخيل، حيث تعكس تاريخ وحضارة الدولة السعدية، فخلف أبوابها سحر يحاكي أروقة الخيال وأحاسيس الإثارة، تم بناء الحديقة قبل 5 قرون من الآن، وبالضبط خلال فترة حكم السلطان السعدي، مولاي عبد الله، قبل أن يستحوذ عليها القائد الحاج عبد الله اوبيهي خلال القرن 19،  الذي بنى بها قصرا، قبل أن يستوطن به الحاج محمد الوكريسي ،حتى عام سنة 1934 أي عام وفاته.

مسجد مثير للجدل

يسمى مسجد المواسين أيضا مسجد الشرفاء، شيده السلطان السعدي الغالب بالله بين 1562م/1572م، حيث يحتوي على خزانة، وسقاية، وميضاة واسعة، وكتاب ومسكن للقائمين على على شؤون المسجد، ومكان للمخطوطات، ذكر المؤرخ محمد الإفراني، أن “هذا المسجد شيد على مجموع مساحة حارة يهودية قديمة، مما جعل بعض ساكنة الحي يتحاشون الصلاة فيه،” ولقد جاء في كتاب الإستقصا “لقد كان أهل الورع يجتنبون الصلاة في جامع الأشراف، بعد بناءه بمدة، ويقال إن ذلك الجامع كان مقبرة لليهود والله أعلم”.

ولحد الآن لازال هناك برج بحي المواسين، قرب الجامع، يسمى برج اليهودية، في حين أن هناك روايات شفهية، تقول أن البرج كان بيتا لمؤقت الجامع، لتبقى هذه الروايات قابلة للأخذ والرد.

هذا ويتميز جامع المواسين بثراثه المعماري والزخرفة الإسلامية، التي أبدعت فيها يد الصانع المغربي، ليعد من أهم المعالم السياحية، التي يتوافد على زريارتها السياح المغاربة والأجانب طيلة السنة.

حي المواسين إلى العالمية

صنفت المجلة البريطانية الشهيرة “Time ou”، حي المواسين بالمدينة العتيقة لمراكش، سنة 2021، ضمن أروع الأحياء في العالم، حيث حل حي المواسين، في المركز 43، ضمن قائمة تضم أروع 49 حي في العالم، من خلال استطلاع استهدف 27 ألف شخص، من سكان المدن وآراء بعض الخبراء، بناء على أفضل المقومات التاريخية، والثقافية، والمطاعم وأماكن الإيواء، تتوفر عليها هذه الأحياء.