قمر خائف الله قّرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، اتخاذ عقوبة الإحالة على التقاعد الحتمي، في حق قاضي بمحكة الاستئناف وعضو بها، إثر مخالفة للمقتضيات الدستورية الضامنة للحياة الخاصة للأفراد، وسرّية اتصالاتهم الشخصّية، وللقواعد الجنائية التي تؤّمن الحق في ممارستها، ونشره شريط صوتي عبر منصات التواصل الاجتماعي، يضمن محادثة له مع زميلته دون علمها.
وبناء على تقرير المفتشية العامة للشؤون القضائية، اطلعت “بلادنا24” على نسخة منه، والذي تضمن أنها استمعت إلى الشريط الصوتي، وتبين أنه يتضمن تسجيلاً لمكالمة هاتفية جاءت فيها معطيات تسيء إلى سمعة القضاء، حيث صرح المسمى (س)، أنه يوم 22 يونيو 2022 اتصلت به الأستاذة (أ)، مستشارة بمحكمة النقض، وعضوة سابقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، رغم كونه لا يعرفها، وكانت قد حصلت على رقم هاتفه من أحد الزملاء، من أجل محادثته بخصوص ملف رائج أمام الهيئة التي هو عضو بها.
وبخصوص تسجيل المكالمة، صرح المسمى (س)، أنه يتوفر بهاتفه على تطبيقية تسجيل المكالمات التي تسجل بطريقة آلية جميع المكالمات الصادرة أو الواردة، وتقوم بمحوها بعد مرور 24 ساعة على تسجيلها. أما وفيما يتعلق بتسريبها، فإن لديه احتمالين، الأول أن يكون ذلك نتيجة قرصنة من طرف الغير، والثاني أن تكون ابنته البالغ عمرها 14 سنة، قد استعملت هاتفه، ووجهت التسجيل إلى جهة معينة بدون قصد، وهو ما اعتبرته المحكمة غير كافي لتبرير فعل الإخلال بالواحب المهني والأخلاقي.
وبناء على الاستدعاء الموجه للمدعى (س) للمثول أمام أنظار المجلس بتاريخ 08 نونبر 2022، حسب الثابت من شهادة التوصل بملفه التأديبي، وبعد إحالة تقريره أمام المجلس، تم الاستماع إلى القاضي المتابع مدنياً بأوجه دفاعه وتصريحاته المدلى بها أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية، وبعد المداولة طبقا للقانون، أحيل المستشار بمحكمة الاستئناف على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل الإخلال بالواجب المهني والأخلاقي.
وثبت للمجلس من خلال دراسة أوراق الملف وإقرار القاضي المتابع، أن هذا الأخير قام بتسجيل محتوى المكالمة الهاتفية التي دارت بينه وبين المسمى (أ) في فضاء خاص، وتوزيعه على أفراد آخرين، دون علم أطراف المحادثة وموافقتهما. وفضلاً عن ذلك، فإنه عزم وصمم مسبقاً لتسجيل المكالمة، إذ لم يكن يتوفر على تطبيقية التسجيل الآلي للمكالمات مطلقاً، وعمد إلى تثبيتها على هاتفه بعد مدة يسيرة من توصله بمكالمة هاتفية من زميلته المذكورة.
وأكد المجلس أن ما ادعاه المسمى (س) من أن ابنته القاصر هي من قامت تلقائياً بتثبيت التطبيق المذكور بهاتفه، يبقى مجرد ادعاء لا يستقيم وتحليل مجموع وقائع النازلة، في سياق التراتبية الزمنية للأفعال الموالية لعملية التثبيت من تسجيل وتوزيع على مجموعة خاصة بالقضاة على منصة “واتساب”.
ويعتبر المجلس الأعلى للسلط القضائية، أنه وبمقتضى المادة 96 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يكون كل إحلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو الوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية.
