ميزانيات الورد وشوكولاتة والالتفاتات الكلاسيكية.. ما جدوى الـ8 مارس من كل سنة؟

لا شك أن اليوم العالمي للمرأة، المتمثل في الثامن من شهر مارس من كل سنة، هو مناسبة لتكريم النساء. لكن إعطاء الورد والشكولاطة، كما هو الحال بالنسبة لعدد من المؤسسات، وبعضهم رصد ميزانيات بعشرات الملايين من أجل هذا المغزى، وفقا لوثائق اطلعت عليها “بلادنا24“، هو أمر بعيد عن الصواب. فالنساء اليوم، لا يحتجن لتكريم في يوم واحد، وتهميش على مدار السنة.

مشهد كلاسيكي

ويطرح التساؤل على حكومة عزيز أخنوش، التي دأبت، على غرار الحكومات السابقة، على الاحتفاء بالثامن من مارس، من أجل إعطاء الورود للنساء، في مشهد “كلاسيكي” كل سنة، من دون إعطاء أولوية للنساء، وتفعيل مبدأ المناصفة الدستوري.

وفي الشأن السياسي، عموما، فالنساء، وكأنهن أصبحن فقط من أجل تأثيث المشهد في ذهن الفاعل السياسي، من أجل الظهور في الواجهة، وكذلك في الترشيحات لمناصب المسؤولية، دون إعطائهن الأدوار الأساسية المنوطة بهن، وهو ما يظهر في عدد من الأحزاب السياسية، بعضها يسارية، وليس فقط الإسلامية والمحافظة. فكم من حزب سياسي في البلاد يُحقق المناصفة في مكتبه السياسي؟.

مطلب دستوري

فالمغرب اليوم، بات في حاجة ملحة لتفعيل الفصل التاسع عشر من الوثيقة الدستورية، الذي جُمّد لأغراض تبقى مجهولة ومفهومة في نفس الوقت، لاسيما في عشرية الإسلاميين. لكن في هذه المرحلة، يُطرح التساؤل عن ما إذا كان عزيز أخنوش وحكومته، على غرار حكومتي عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، يستمرون في تجميد تفعيل المناصفة.

فأين “هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”؟، التي نص عليها دستور البلاد. وكذلك الفقرة الأولى من الفصل الدستوري، الذي ينص صراحة على أنه “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”. قبل أن يضيف في فقرته الثانية “تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”.

فلماذا لم يتم إنشاء الهيئة لحدود الساعة، تفعيلا للدستور، والاتفاقيات الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك اتفاقية “سيداو” التي وقع عليها المغرب، ويعمل على الالتزام بها؟ لكن أين الجدية في الممارسة؟ فالنساء لا تخدمهن وردة وشوكولاتة في كل ثامن من مارس.

أرقام مقلقة

ومن جانب آخر، ففي المسؤوليات، بدورها، يُلاحظ أن النساء أكثر عرضة للهجوم من باقي زملائهم الرجال، وحتى في الحكومة، والوزارات التي يديرونها.

أما في جانب سوق الشغل، عموما، فهو مشكل آخر، يُلخّص معاناة أيام السنة، باستثناء الثامن من مارس. بحيث كشفت الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أن نسبة تمثيل النساء في سوق العمل الحضري، كانت أقل من ثلثي العمال خلال عام 2019، حيث بلغت نسبة المشاركة النسائية 32.2% بين الأعمار 18-60 سنة. وتظهر الأرقام أن متوسط أجور النساء كان أقل بنسبة 23% مقارنة بنظرائهن الرجال.

وتمثل النساء نحو ثلث العمال في الوسط الحضري، مقابل 67.8% للرجال، مما يعكس فجوة واضحة في مؤشر التكافؤ الذي بلغ 2.1. وهذا يعني أنه من بين 31 عاملًا، يتمثل 10 منهم في النساء، و21 في الرجال.

وتشير المندوبية، إلى أن هذا النقص في تمثيل النساء، يعود إلى انخفاض مشاركتهن في سوق العمل. إضافة إلى ذلك، يظهر أن معدل النشاط الاقتصادي للنساء، أقل بكثير من الرجال، ويشهد انخفاضًا مستمرًا على مدى السنوات، حيث انخفض من 30.4% في عام 1999، إلى 21.5% في عام 2019.

وتعاني النساء، أيضًا، من مشكلة البطالة طويلة الأمد، بنسبة 76.3%، مقارنة بـ 63.8% للرجال، ويرجع ذلك بشكل أساسي، إلى تقلص فرص العمل في المناطق الحضرية.

وفيما يتعلق بالأجور، بلغ متوسط الأجر الشهري للعمال في عام 2019، مستوى 3800 درهم على المستوى الوطني، مع فارق واضح بين المناطق الحضرية والقروية، حيث بلغ 4500 درهمن و2200 درهم، على التوالي.

ويتضح أن الفجوة بين أجور الرجال والنساء، وصلت إلى 23% فيما يتعلق بالعمال الحضريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة، حيث بلغ متوسط أجور الرجال 4900 درهم، مقابل 3900 درهم للنساء. وفيما يتعلق بوسيط الأجر، تشير الأرقام إلى فجوة بنسبة 20% لصالح الرجال، حيث بلغ وسيط أجور الرجال 3400 درهم، مقابل 2800 درهم للنساء.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *