مدونة الأسرة.. بين الاختلاف والبحث عن التوافق

أثار النقاش حول مدونة الأسرة، العديد من ردود الأفعال المتباينة بين مختلف الأطياف السياسية والجمعوية، ففي حين يتشبث البعض بالإصلاح الشامل لمدونة الأسرة، مثل ما هو الحال بالنسبة لبعض الفعاليات الجمعوية والسياسية، تبدي بعض الأطراف السياسية تحفظها على تعديل بعض المقتضيات، وعلى رأسها أحكام الإرث.

بين التعديل الشامل واختلالات الممارسة

في ظل ترافعها في شأن تعديل مقتضيات المدونة، نظمت منظمة النساء الاتحاديات، مجموعة من الأنشطة، تحت شعار ”المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة”، إذ تدعو المنظمة من خلال ندواتها، إلى وضع تعديلات ”يكون لها تأثير على سيرورة حماية حقوق النساء المكتسبة، وتوسيع مجالات إعمال المواثيق الدولية”.

حزب التجمع الوطني للأحرار، بدوره أكد خلال فعاليات ”القمة الثانية للمرأة التجمعية”، وعلى لسان رئيس الحزب، عزيز أخنوش، أن “مدونة الأسرة تعرف بعض الاختلالات التي عرفتها عقود من الممارسة القضائية لمدونة الأسرة، وأضاف الأخير، أن ”مسألة الولاية الشرعية تحولت في بعض حالات الطلاق إلى موضوع شائك ومعقد، أصبح يفرض إعادة النظر في بعض الجوانب، بتغليب مصلحة الأطفال أمام أي اعتبار خلافي ضيق بين الطليقين”.

وخلال نفس الفعاليات، اعتبر أخنوش، أن ”عقدان من الممارسة القضائية لمدونة الأسرة، أظهرت بعضا من مظاهر القصور عن مواكبة التطورات والتراكمات الحقوقية والمجتمعية المكتسبة خلال السنوات الماضية”.

”البيجيدي” ومنظومة الأسرة

وبالإضافة لمواقف ”التعديل الشامل”، تظهر مواقف أخرى مناهضة لهذه الدعوات، خاصة فيما يتعلق بأحكام الإرث وبعض الأحكام الشرعية، كما هو الشأن بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، إذ أكد الأخير، في آخر بلاغ للأمانة العامة للحزب، موقفه “الرافض للدعوات الصادرة عن بعض الجهات المعزولة المنادية بالمساواة في الإرث، واعتبرها وفضلا عن كونها دعوات مستجيبة لإملاءات خارجية”.

كما قالت ربيعة طنينشي، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة نساء العدالة والتنمية، أن ”الحزب ومظمته النسائية على الاستعداد والجاهزية لمواجهة دعاة تخريب الأسرة والمرأة، إذا ما تم التطاول على تعديل مدونة الأسرة، بمقتضيات لا تحترم الدين ولا تحترم خصوصية المغاربة”.

روح التوافق

“نحن بحاجة إلى روح التوافق”، هذا كان رد الجمعوية إلهام  بلفحيلي، رئيسة جمعية إنماء المهتمة بالشأن النسائي، حول النقاش الدائر اليوم بين مختلف الأطياف السياسية.

وأضافت الفاعلة الجمعوية، أن ”الملك محمد السادس، صرح بأن مدونة الأسرة، تعرف وجود مساحات بيضاء، مما يحتم إجراء تعديلات، هذه التعديلات ينبغي أن تحترم بالأساس الروح التوافقية لسنة 2004”.

وتضيف المتحدثة، أن ”الروح التوافقية لسنة 2004، بنيت على أساسين، إمارة المؤمنين، والتوفيق بين النصوص الشرعية والمواثيق الدولية”.

و”بالعودة إلى مدونة الأسرة، فإن هنالك العديد من المحاور التي تحتاج تعديل”، تؤكد إلهام بلفحيلي، ”من بينها كل مايتعلق بزواج القاصرات، الذي أصبح في ارتفاع وتزايد، ومشكل الولاية الشرعية حيث لاتستطيع الأم الإمساك بأبسط وثائق الأبناء كالانتقال المدرسي، وإشكالية الأموال المكتسبة بين الزوجين والحضانة، ممايستدعي نقاش مجتمعي، من أجل إيجاد حلول، والعمل على إصلاح مدونة الأسرة، كضرورة تقتضيها الممارسة، ويشكل الثامن من مارس فرصة لرصد الاختلالات وتثمين المكتسبات”.

بلادنا24 – ياسر مكوار

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *