لماذا عمد ميراوي إلى تأجيل مباراة انتقاء رئيس جامعة القنيطرة ؟

لقد شكل تأجيل مباراة انتقاء رئيس جامعة ابن طفيل بالقنيطرة حدثاً ليس بالجامعي فقط وإنما حدثاً سياسياً بامتياز، بل وحتى دستورياً، بحكم أنه يسائل السلطة التنفيذية، على وجه الخصوص عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عن التنزيل الأصح للفصل 92 من الدستور الذي يهم التعيين في المناصب العليا.

 

كرونولوجيا لجنة الاختيار

لقد تشكلت لجنة اختيار رئيس جامعة ابن طفيل يوم 13 أكتوبر 2022، حيث عقدت اجتماعاً لها خلال اليوم نفسه، بحضور الوزير الذي افتتح الاجتماع بكلمة قدم فيها أعضاء اللجنة وأخبرهم بمجريات إجراء مثل هذه المباريات وتم، بعد ذلك، الاتفاق على تاريخ إجراء المقابلات، والذي حدد في أيام 28 و29 و31 أكتوبر، إبتداءً من الساعة التاسعة صباحا.

تركيبة اللجنة التي كونها ميراوي يُشتمُّ فيها رائحة الصديق وابن البلدة، نور الدين مؤدب، رئيس الجامعة الدولية للرباط، الذي “فوض” له ميراوي مهمة السهر على تشكيل اللجن والسهر على تسييرها، سواءً بترأسها أو تكليف أحد نوابه بالجامعة بحضورها أو دعوة أصدقائه أو أصدقائه المشتركين مع ميراوي للحضور، مع التكفل كذلك باستقطاب المرشحين، خاصة من فرنسا، حاملي الجنسية المزدوجة.

ولعل خير تجسيد لهذه السياسة الممنهجة هو مباريات انتقاء رؤساء جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وسيدي محمد بن عبد الله بفاس والسلطان مولاي سليمان ببني ملال، بالإضافة لمدراء الوكالة الوطنية لضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي والوكالة الوطنية لنباتات الطبية والعطرية ومديريات الموارد البشرية والتعاون والشراكة والبحث العلمي والابتكار.

 

الهدف من التذكير بهذه المباريات، والتي كلها شهدت طعونات واحتجاجات بالجملة ضد الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية حيث اتسمت، كل مرة، بتسريب إسم “مرشح الوزير”، حتى قبل انعقاد المباريات، وكذا الخطة التي سيسلكها الوزير وفريقه، والتي صارت مفضوحة لدى الجميع، (الهدف) هو أنه، مرة أخرى، ستعرف مباراة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة نفس السلوكيات، حيث سيعهد إلى مؤدب استقدام عبد الكريم مدون، الكاتب الوطني السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي، الذي تابعت ابنته دراستها العليا بجامعة مؤدب “دون أداء واجبات الدراسة”، بالإضافة إلى لعبه دور الوسيط، لفائدة ميراوي، مع “رفقاء” الأمس من أجل تمرير مشروع النظام الأساسي للأساتذة الذي لم يلقى الانخراط اللازم والمنتظر.

وفاء لشخص الوزير

وجزاءً لمدون لوفائه لشخص الوزير ميراوي، فقد اقترحه هذا الأخير لعضوية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث الذي أُعلن عن تركيبته الكاملة يوم الخميس المنصرم، في فئة “ممثلو المجتمع المدني”، بصفته عضواً في الشبكة الجامعية المغربية لتعليم دامج.

وبالإضافة إلى العضو المذكور، فقد تشكلت اللجنة، بالإضافة إلى ممثل الجامعة، من رئيس الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة ومن رئيس الجمعيَّة المغربيَّة لتجارة وصناعة السيارَات. وقد عُهد إلى ادريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، ترأس اللجنة.

 

مفاجئة أعضاء اللجنة

وخلال أول أيام المباريات، فوجئ أعضاء اللجنة بحضور شخص غريب عنها يخبرهم أنه ينوب عن صديقه، رئيس الجمعيَّة المغربيَّة لتجارة وصناعة السيارَات، الذي اعتذر عن عضوية اللجنة، بالنظر إلى الشكوك الكثيرة التي تحوم حولها، وأنه قد تم الاتصال به يوم أمس، أي الخميس 27 أكتوبر، لحضور هذه المقابلات.

المثير في الأمر هو أن “العضو الغريب” لا يتوفر على قرار التعيين، عكس باقي أعضاء اللجنة. أما بخصوص ملفات المترشحين، فقد توصل بها عن طريق العضو المنسحب، علما أن الملفات تعتبر سرية ولا يمكن أن يتوصل بها إلا عن طريق الوزارة مباشرة في ظرف مشمع، مشعراً أعضاء اللجنة أن العضو المنسحب أخبر الوزير بقرار انسحابه من اللجنة بوضعه رسالة بهذا الشأن يوم الإثنين 24 أكتوبر 2022 بمقر الوزارة. الأكثر إثارة في الموضوع هو أن أعضاء اللجنة لم يتوصلوا بأي إشعار يفيد بانسحاب عضو وتعويضه بعضو آخر.

استحالة العضو الجديد الاضطلاع على 36 ملفا

وبعد نقاش مستفيض، تركز أساسا على استحالة العضو الجديد الاضطلاع على 36 ملفا في ظرف أقل من 24 ساعة وكذا عدم جدية تعويض عضو من اللجنة في أقل من 24 ساعة، قرر أعضاء اللجنة تأجيل المقابلات إلى تاريخ لاحق من أجل إعطاء العضو الجديد الوقت الكافي للاطلاع على ملفات المرشحين ال36 ومشاريعهم.

وفي سياق متصل، تشهد جامعة ابن طفيل بالقنيطرة حالة من الغليان نتيجة دفع ميراوي، بطريقة “مستفزة يطغى عليها التحدي في وجه القوانين والمؤسسات”، بصديقه محمد العربي كركب، العميد الحالي للكلية متعددة التخصصات بالعرائش وشقيق صديقة الوزير التي كان قد استقطبها كاتبة عامة لجامعة القاضي عياض بمراكش حين ترأسه لها وهي التي تشغل اليوم الكاتبة العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.

 

مرشح الوزير الميراوي

من ناحية أخرى، فقد شوهد “مرشح الوزير”، محمد العربي كركب، جالساً، إلى جانب مؤدب ومدون في الصفوف الأمامية خلال”المناظرة رقم 13 للكفاءات المغربية المقيمة بالخارج” التي شهدت مقاطعة جل رؤساء الجامعات الوطنية لأشغالها، احتجاجاً منهم عن سياسة الاحتقار الممنهج الذي يطالهم والتبخيس والسب الذين يتعرضون إليه بصفة منتظمة من قبل الوزير منذ تعيينه.

للإشارة فإن “المرشح المحظوظ” يحضر، بدون صفة، في مختلف المناظرات الجهوية التي نظمها ميراوي، عكس باقي العمداء ومدراء المؤسسات الجامعية الذين لا يحضرون سوى المناظرات التي تهمهم، يعني تلك التي تهم الجامعة التي ينتمون إليها.

كما سبق لكركب أن حضر، يوم 3 نونبر 2021، اجتماع الإعداد لعرض الوزير أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الذي كان مبرمجا خلال اليوم الموالي، بل، وأكثر من ذلك، بعدما قرر ميراوي الانصراف، طلب منه، أمام استغراب واستهجان جميع مسؤولي الوزارة، ترؤس الاجتماع والاشتغال على العرض، حيث كان الغرض من ذلك هو إعداده لتولي منصب الكاتب العام للوزارة.

 

اقرا ايضا: لائحة العطل 2023 الجامعية

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *