لشكر ينعي الراضي: قامة وطنية ورجل الحكمة والوفاء

“لم يكن السي عبد الواحد مناضلا حرا فحسب، بل كان نموذجا للسياسي المؤمن حتى النخاع بالديمقراطية التمثيلية. كيف لا، وقد عايش كل المحطات التي مرت منها المؤسسة البرلمانية: نائبا برلمانيا، ورئيسا للفريق الاشتراكي، ورئيسا لمجلس النواب.. في كل المواقع، ظل مثالا لرجل الدولة الهادئ، المحتكم لصوت العقل والمنصت الجيد لنبض الوطن.. ظل متمسكا بالحكمة طوال المسار، حتى في اللحظات الحرجة والفترات الصعبة”، بهذه العبارات، نعى الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، زعيم حزب “الوردة”، السابق، عبد الواحد الراضي، التي توفته المنية، أمس الأحد، بأحد مصحات باريس، وفارق الحياة عن عمر يناهز 88 سنة.

“لكَمْ تكون بعض اللحظات قاسية حين ينزل النبأ فجأة كالصاعقة حاملا خبرا أليما بفراق أخ عزيز تعود ألا يفارقنا في مختلف المحطات، وقد كان إلى الأمس القريب معنا مساهما في عطائنا الجماعي، وفيا لمبادئنا الأصيلة ومخلصا لعلاقاتنا المشتركة”، يقول لشكر، قبل أن يضيف: “لحظة أليمة أن نفقد أخانا الأستاذ عبد الواحد الراضي الذي تعودنا على حضوره البهي بيننا، والصور ما زالت طرية وهو يتقدم أخواته الاتحاديات وإخوانه الاتحاديين في مسيرة الوفاء للفكرة الاتحادية والإخلاص لمعنى الانتماء. صعب أن نتقبل الفقدان في من ظل حاضرا على الدوام، معطاء لوطنه قبل حزبه، مؤمنا بالمغرب الديمقراطي الحداثي وبالأفق المستقبلي الأفضل.

وقال إدريس لشكر وهو ينعي عبد الواحد الراضي، “موجع وقع الفراق في أخ تعلمنا على يديه، وحملنا معه الرسالة جيلا بعد جيل..مُؤلم أثر الفقد في النفوس برحيل أخ عشنا معه مسارا حافلا بالنضال من أجل مغرب يتسع للجميع، مغرب الديمقراطية والمساواة والإنصاف”، ليضيف، “وأمام القدر المحتوم الذي نتلقاه، بقلوب ملؤها الإيمان، سنستحضر السي عبد الواحد دوما، بما أسداه لبلادنا ولوطننا، من مختلف المواقع والمسؤوليات.. سنستحضر أنه الواحد المتعدد، المفرد في صيغة الجمع: السياسي المناضل والأستاذ الجامعي، المسؤول الحكومي والقائد الحزبي، المنتدب البرلماني والمنتخب المحلي”.

وتابع لشكر وهو يستحضر مسار الراجل، “سنستحضر تعدد المواقع: في المسؤوليات الحكومية والبرلمانية والحزبية، لكن سنستحضر وحدة المهمة: خدمة المصلحة العليا للوطن. هي الرمزية العميقة لرجل الدولة الصادق الأمين الذي خدم بلاده في أكبر المحطات: محطة استقلال البلاد تحت قيادة المغفور له الملك محمد الخامس، ومحطة بناء الدولة تحت قيادة المغفور له الملك الحسن الثاني، ثم المحطة الحالية للعهد الجديد والإقلاع التنموي التي يقودها الملك محمد السادس”.

وأبرز الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، “السي عبد الواحد الراضي، القامة الوطنية التي تفاعلت إلى أبعد الحدود مع قامات وطنية تقاسمت نفس المبادئ والقيم والآلام والآمال: المهدي بن بركة، عبد الرحيم بوعبيد، عبد الرحمان اليوسفي رحمهم الله، ومحمد اليازغي أطال الله في عمره…بصماته من بصماتهم، لأنه أدرك مبكرا أن المسار ليس سهلا وأن المسالك ليست مفروشة بالورود”.

وقدم لشكر شهادة في حق الراحل، إذ قال “فالنضال من أجل الفكرة والقضية اخترقه منذ ريعان الشباب..مكافح، مع زمرة المكافحين، من أجل استقلال البلاد؛ مشارك، إلى جانب المهدي بن بركة، في عملية بناء طريق الوحدة في البدايات الأولى للاستقلال؛ مناضل مؤسس للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وفاعل مشارك في خلق منظمات نقابية وإطارات جمعوية..لم يكن السي عبد الواحد مناضلا حرا فحسب، بل كان نموذجا للسياسي المؤمن حتى النخاع بالديمقراطية التمثيلية. كيف لا، وقد عايش كل المحطات التي مرت منها المؤسسة البرلمانية: نائبا برلمانيا، ورئيسا للفريق الاشتراكي، ورئيسا لمجلس النواب”.

وزاد، “يكفي أن نتذكر، كيف ساهم، وهو رئيس لمجلس النواب، بحنكته الراقية وحسه التوافقي، في التراكمات الإيجابية لحكومة التناوب وما حققته في المجال التشريعي والمجتمعي والنقابي، وما قدمته من خدمات جليلة في مجالات الصحة والمرأة والشغل والإعلام وحقوق الإنسان وغيرها.. إنها الإسهامات العصية على النسيان.. إسهامات السياسي المهووس بخدمة الوطن من أي موقع كان، فما بالنا بالمسؤوليات الرسمية والحكومية التي تقلدها بحس وطني راق: وزيرا للتعاون ووزيرا للعدل”.

وأكد، إدريس لشكر، على أنه في كل المواقع، “ظل سي عبد الواحد مثالا لرجل الدولة الهادئ، المحتكم لصوت العقل والمنصت الجيد لنبض الوطن.. ظل متمسكا بالحكمة طوال المسار، حتى في اللحظات الحرجة والفترات الصعبة.. وهي نفس الحكمة التي رافقته نائبا للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هي التي ميزت تدبيره للحزب وهو كاتب أول على إثر المؤتمر الوطني الثامن”.

وخلص وهو يقول: “الحكمة التي أنارت الطريق لكي نجتاز ما أسماه فقيدنا بمرحلة “الانتحار الجماعي” ونعبر جميعا، وأيضا بمساهمته ووفائه، نحو مرحلة الانبعاث واستعادة المبادرة في المشهد السياسي الوطني والدولي.. إنها حكمة الوفاء.. ظل وفيا لحزبه، وسيظل الحزب وفيا له.. إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمّى”.

وتجدر الإشارة، إلى أن جثمان الراحل، عبد الواحد الراضي، سيصل إلى المغرب، الاثنين، في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف، وستخرج جنازته من بيت ابنه طارق، يوم غد الثلاثاء ظهر، فيما سيواري الثرى بمقبرة الشهداء بالرباط.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *