قانون مكافحة الإرهاب.. هجمات 16 ماي عجلت باعتماد إطار لمواجهة التطرف

بلادنا24 – نادية بالمعطي |

اهتزت العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ليلة 16 ماي 2003، على وقع أعنف عمل إرهابي عرفه المغرب، حيث استهدفت التفجيرات الإرهابية خمسة مواقع متفرقة (نزلا، ومطعمين، نادي اجتماعي للإسرائيليين ومقبرة للمواطنين اليهود)، وأودت بحياة أكثر من 40 شخصا، من بينهم منفذي التفجيرات البالغ عددهم أحد عشر شخصا ، و7 أجانب وأكثر من مائة جريح.

وعقب هذه الأحداث، سارع المغرب إلى وضع سياسية استباقية تقوم على مواجهة الفكر المتطرف وتجفيف منابعه، وتجنيب البلاد هجمات إرهابية دموية، وكأول إجراء تم إصدار قانون خاص بالإرهاب بعد وقت قصير من هجمات الدار البيضاء، يوم 28 ماي 2003.

قانون مكافحة الإرهاب

قام المشرع المغربي بتعزيز ترسانته القانونية، بقانون 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، حيث تم تحديد الأفعال التي تشكل جريمة إرهابية تأسيسا على ما تضمنته الصكوك الدولية وما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في هذا الشأن، وتفعيلا لمقتضياته ووفقا للاستراتيجية القضائية، تم خلق خلية على مستوى محكمة الاستئناف بالرباط مكلفة بدراسة المحاضر وتتبع المساطر أثناء فترة البحث الإعدادي والتحقيق وأمام المحكمة.

وفي السياق ذاته، تم إدخال تعديلات على القانون الجنائي، همت التنصيص على مجموعة من الأفعال التي تعد جرائم إرهابية وإحاطتها بعقوبات، حيث تعتبر أعمالا إرهابية حسب القانون رقم 03.03، القيام فردا أو جماعة، بعمل تكون الغاية منه المس بالنظام العام، أو نشر مادة يكون من شأنها تعريض صحة الانسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر، وهي الأفعال التي تصل عقوبتها إل 10 سنوات سجنا أو حتى الإعدام إذا كان من نتائجها وفاة شخص أو عد ة أشخاص (3-218).

كما يعتبر قانون مكافحة الإرهاب، بأن توفير أو تقديم أو جمع أو تدبيرأموال أو ممتلكات، ولو كانت مشروعة، بنية استخدامها أو مع العلم أنها ستستخدم كليا أو جزئيا بهدف القيام بعمل إرهابي بغض النظر عن إتيان هذا العمل أم لا، وتقديم العون أو المشورة لنفس هذا الهدف، هوما يعاقب عليه عقابا شديدا يتراوح بين 5 سنوات و 30 سنة سجنا أو غرامات مالية مرتفعة القيمة أو مصادرة الأموال (4-218).

ويعاقب على تمجيد الأعمال الارهابية بأي شكل من الأشكال، سواء بطريقة مكتوبة أو شفهيا، وبواسطة أي وسيلة من الوسائل المذكورة في الفصل (الفصل 218-2)، بعقوبة سالبة للحرية تتراوح بين سنتين و6 سنوات وغرامة مالية بين 000.10 000.200 درهم.

ويعاقب كذلك وفقا لنفس القانون، كل من صنع أو حاز أو نقل أو روج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة، ويجرم كذلك الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وكذلك يتم معاقبة من خلال نفس القانون، كل من جند بأي وسيلة كانت، أو درب، أو كون شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية داخل أو خارج المغرب، أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة تتراوح بين 000.5  و000.10 درهم، وتتضاعف هذه الأحكام في حال تعلق الأمر بتجنيد قاصر.

تشديد العقاب

تنبغي الإشارة إلى أن الفصل 218 من القانون رقم 03 .03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، شدد من العقوبات المنوطة بالجرائم الإرهابية حيث أصبحت، عقوبة الإعدام عوض السجن المؤبد، والسجن مدى الحياة إذا كانت أقصى العقوبة هي السجن لـ 30 سنة، كما تم الرفع من العقوبات السالبة للحرية للضعف دون تجاوز 30 سنة.

انتقادات المجتمع المدني لقانون الإرهاب

لقي قانون مكافحة الإرهاب المغربي الذي صدر عقب أحداث 16 ماي، انتقادات عديدة من قبل المجتمع المدني، حيث سجل مجموعة من الحقوقيين الكثير من السلبيات والتراجعات، مثل التحديد الذي وصف بالفضفاض والمطاط للفعل الإرهابي، وتحويل عدد من الجنح والجرائم العادية التي يعاقب عليها القانون الجنائي إلى جرائم إرهابية يتم التعامل معها بشكل استثنائي لا تراعى في نظرهم الضمانات القانونية والحقوقية ومقتضيات المحاكمة العادلة، كإلزامية حضور المحامي مع المعتقل، وإبلاغ عائلته فور اعتقاله، مع استنكارهم لتمديد مدة الحراسة النظرية لـ 12 يوما، فيما هي مقررة قانونيا في 48 ساعة تمدد لفترة واحدة، إلى جانب تشديد في العقوبات السالبة للحرية.

وعلى صعيد الحريات، يذكر منتقدو القانون، بأن هذا الأخير أضفى مشروعية قانونية على انتهاك حرمة المنازل، وسرية المراسلات والمكالمات الهاتفية والحسابات المصرفية والتصرف فيها، كما مس بحرية الصحافة والتعبير عن الرأي من خلال تكييف قانوني لأي رأي مناهض لتصرفات السلطة وأجهزتها واعتباره “دعوة للإرهاب”.

وفي المقابل، كانت الحكومة المغربية، قد أظهرت استغرابها عقب ظهور عدة منتقدين لقانون الإرهاب من حقوقيين ومنظمات المجتمع المدني، حيث كانت قد أكدت بأن القانون ينسجم مع الاتفاقيات العربية والدولية المصادق عليها حول مقاومة الإرهاب، مؤكّـدة على أنه يتوفر على الضمانات التي تحول دون أي تراجع عن المكتسبات في ميدان الحريات العامة، وأيضا دون إطلاق يد الأجهزة الأمنية.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *