غلاء الأسعار.. هدية للمرأة المغربية في عيدها الأممي

بينما تخلد العديد من النساء حول العالم، اليوم الأربعاء، 8 مارس، بكل فخر، اليوم العالمي للمرأة، تقول “عيشة” ذات 49 سنة، عاملة تنظيف بالبيوت بمدينة بوزنيقة، في تصريح لـ”بلادنا24“، “عيد المرأة! لا أعرف عن ماذا تتحدثين”، وتضيف معبرة عن معاناتها اليومية، “أعاني من أمراض، من بينها ارتفاع الضغط والسكري، وأعيل نفسي وابنتي ذات الاحتياجات الخاصة، بما قسمه الله، أو بمساعدة المحسنين، أو إذا أخذتني إحدى الطيبات لتنظيف منزلها بأجرة لا تتجاوز 200 درهم، من فترة لفترة، لا تكفيني أبدا لاحتياجاتي اليومية، خصوصا الآن”.

وفي هذا الخصوص، قالت النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار، فاطمة التامني، في تصريح لـ”بلادنا24“، إن “الثامن من مارس مناسبة لها أهمية كبيرة مرتبطة بمختلف الأوضاع التي تعيشها النساء، خصوصا وضعية العاملات المأجورات، والاحتجاجات من أجل الكرامة وتحسين العمل اللائق وظروف العيش، وتحل هذه المناسبة هاته السنة في بلادنا على ضوء غلاء غير مسبوق، فاق كل التوقعات، وغلاء العديد من المواد الأساسية التي يحتاجها المغاربة، والذي لمس جميع الفئات وشرائح المجتمع”.

النساء.. الحلقة الأضعف

وأوضحت فاطمة التامني، “نعرف أنه كلما اشتدت الأزمات، وكلما تفاقمت الأوضاع، كانت هناك ظروف معيشية صعبة، تكون تداعياتها مضاعفة وتشتد بالنسبة للنساء، لأنهن الحلقة الأضعف، ونعرف أن النساء في المغرب اليوم يعشن أوضاع متردية بصرف النظر عن الشعارات المرفوعة لصالح النساء، وبصرف النظر عن الخطاب الرسمي الذي يدعو إلى النهوض بأوضاع النساء وتمكينهن من شروط العيش الكريم”.

وتابعت المتحدثة، “إلا أنه على مستوى الواقع، نجد مفارقات كبيرة على مستوى ترجمة هاته الشعارات، سواء على المستوى القانوني، حيث لا زلنا نرى عنف مؤسساتي قانوني يمارس على النساء، سواء من خلال مدونة الأسرة التي ولى عليها الزمن ما يناهز عشرين سنة، أو على مستوى مؤشر المساواة وملائمة مقتضيات دستور 2011 مع القوانين والتشريعات”.

وأكدت، أن “النساء يعشن الهشاشة وبطالة مرتفعة، ونسبة أمية مرتفعة كذلك، كما أن نساء العالم القروي محرومات من أبسط شروط العيش، أما الكرامة فهي بعيدة المدى، لأن شروط الكرامة تقتضي أن يكون هناك عمل لائق وولوج للصحة وولوج سلس للتعليم وضمان الحقوق الكونية، إلى أننا نرى نساء في بعض المناطق ينتظرن سقوط المطر كي يحصلن على ماء لتدبير حياتهن طيلة السنة، في غياب بنيات تحتية ملائمة، وإنصاف النساء، خصوصا القرويات اللواتي يضحين تضحيات جسام في سبيل تدبير عيش أسرهن”.

مبررات استهلاكية وشعارات واهية

وبالحديث عن غلاء الأسعار، تضيف التامني، “الحكومة اليوم تجيب بمبررات وظروف تارة تربطها بالتضخم وتارة تربطها بالحرب الروسية الأوكرانية، وتارة أخرة بالجفاف، إلا أن واقع الأمر، أنه دائما تكون هناك ظروف وسياقات للغلاء، إلا أن الحكومات الديموقراطية التي تستمع للشعب، ومنسجمة مع الشعارات التي رفعت، ليست كحكومة رفعت آمالنا الاجتماعية، إلا أنها بعيدة كل البعد عن الدولة الاجتماعية”.

وشددت البرلمانية، على أن “المفروض في ظل هاته السياقات، أن تتخذ الحكومة إجراءات وتدابير بهدف رفع الضرر عن الفئات المتضررة، وعلى كل مكونات الشعب المغربي، بما فيهم المرأة، ونرى أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات ملموسة من أجل دعم القدرة الشرائية، سواء فيما يتعلق بقانون المالية 2023، الذي جاء خاليا من البصمة الاجتماعية، وبعيد كل البعد عن تدعيم القدرة الشرائية للمواطنين”.

وأوردت التامني، “سبق وأن تقدمت بصفتي نائبة برلمانية عن فدرالية اليسار، بعدة تعديلات التي من شأنها أن تدعم القدرة الشرائية المغربية، من خلال تقديم مقترح تسقيف وتحديد هوامش ربح مجموعة من المواد الأساسية والمحروقات والخدمات التي تكتوي اليوم”.

ولفتت التامني، أن “الحكومة أفادت أكثر من مرة، بإعددها لجان للمراقبة وتتبع استقرار الأسعار. وفي نظري، هذه ليست تدابير، هي فقط خطابات للاستهلاك، لأن الغلاء موجود، والنساء ما زلن في معاناة، ومن يريد أن يتكلم عن الواقع فلينزل للأسواق، آنذاك يتكلم عن لجان المراقبة، لأنه منذ مدة والأسعار في ارتفاع فقط”.

مليون ونصف أسرة مغربية تعيلها نساء

وزادت المتحدثة ذاتها، “بخصوص نساء الحواضر، تقول الإحصائيات الرسمية، رغم أنها في بعض الأحيان لا تكون حقيقة ودقيقة، ولكن حتى الأرقام المعلن عنها كبيرة جدا، فهناك ما يزيد عن مليون أو مليون ونصف أسرة تعيلها نساء، وهن من يتحملن مصاريف الحياة، من تطبيب وتدريس إلى غير ذلك، ومعظمهن لا يمارسن عملا مأجورا أو منظما، وليس لديهن حماية اجتماعية وتأمين صحي أو دخل قار، بمعنى أنهن يعشن كل مظاهر الهشاشة والإقصاء، وبالتالي، فهمن يمارسن أعمالا غير مهيكلة، من قبيل العمل في البيوت، أو الفلاحة، بطرق بشعة، ومعرضات للحوادث، في غياب الشروط الصحيحة، ويمارس عليهن نوع من الاستغلال والحرمان”.

كما قالت: “اليوم مع غلاء الأسعار، نرى النساء من جميع شرائح المجتمع حتى العاملات المستقرات منهن، معظمهن غير مسجلات بلوائح الضمان الاجتماعي ويعملن بأجور هزيلة، يعانين من عدة أنواع من العنف، هنا نختص بالذكر العنف الاقتصادي، الذي يظهر جليا في ظل غلاء الأسعار، مما يفاقم معاناتهن، في غياب تدابير حقيقية والدعم، لمساندة وحل مشاكل النساء”.

وختمت البرلمانية قائلة: “اليوم ونحن نخلد 8 مارس، يجب أن نتساءل عن مصير الشعارات التي رفعت من طرف الحكومة من أجل النساء، ولم نجد بعد طريقها نحو التطبيق، خصوصا وأنه كلما كانت هناك أزمة طالت في مجال من المجالات، إلا ونجد أنها تنعكس على النساء بشكل أسوء ومضاعف، وبالتالي، هذا يساءل السياسات المنتهجة، والحكومة اليوم التي ترفع شعار الدولة الاجتماعية، ويساءل المخططات وبرامج إنصاف النساء ورفع الحيف عنهن”.

بلادنا24 ـ نجوى رضواني 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *