عبد المجيد سباطة : معارض الكتاب ليست كافية للوصول بنا إلى مستوى المجتمع القارئ

بلادنا24 – مريم الأحمد|

تتعدد المعارض وتتنوع قمم معارض اقتصادية وسياحية وزراعية وتجارية تقوم بترويج السلعة قصد البيع والشراء، وقد أصابت هذه الظاهرة الكتاب فأصبحت هناك معارض له تنتشر في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه.

ويقدم هذا المعرض أفضل ما ينتجه الفكر العربي في شتى فنون المعرفة وهو فرصة مناسبة للتزود بهذا الانتاج الغزير الجديد الذي يطل علينا عبر المعارض وواجهات الكتب التي تجمع ما بين الحداثة و التراث أو بين الجديد والقديم.

وتصبح هذه المعارض مناسبات ثقافية وفكرية وحضارية تقدم ما أنتجه العقل العربي من علم وفن وثقافة في عصرنا الحديث بغض النظر عن الهدف التجاري الذي يلوح من خلال دور النشر وما تعرضه من كتب ومؤلفات وموسوعات.

وفي حوار أجرته “بلادنا24” مع الكاتب المغربي الشاب عبد المجيد سباطة، اعتبر أن معرض الكتاب وجبة متنوعة من الإصدارات التي تلبي شغف كل الأذواق، معتبرا أن مثل هذه المعارض تجدد الروابط الوثيقة بين الكتاب وصاحبه، وفرصة للتعرف على آخر الإصدارات.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف تجدون معرض الكتاب من حيث كونه ظاهرة ثقافية في الأساس؟

هو مناسبة ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، الناشرون لعرض جديد إصداراتهم، المبدعون لخلق حلقة وصل متينة ومتجددة مع القراء، وهؤلاء للإبقاء على علاقة مع الكتاب يصر البعض على أنها في طريقها إلى الاندثار، وإن كانت عدة مؤشرات تقودنا إلى الإيمان بعكس ذلك.

هل يمثل المعرض انتقاء لنخبة من الكتاب أو الكتب أم هو متاح لعرض شتى الثقافات؟

لو لم يكن المعرض فرصة لتقديم “وجبة” متنوعة من الإصدارات التي تلبي كل الأذواق وترضي كل الطموحات لما كان “معرضا” بالأساس. من أدب الطفل إلى الأعمال الفلسفية، ومن الإصدارات الفقهية إلى الأدبية، ومن الأعمال العربية إلى الفرنسية والإنجليزية والأمازيغية، كل قارئ يبحث عما يروقه، وهذا سر نجاح المعرض وحجم الإقبال الكبير، بغض النظر عن الكثير من التفاصيل.

هل تصبح المعارض الكتابية دعوة للقراءة بعد أن أصبح سوق الكتاب راكدا؟

عانى سوق الكتاب من صعوبات جمة، عوض أن تجد طريقها إلى الحل، استفحل أثرها بشكل بالغ، بعد ضربتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في موجة غلاء عالمية أثرت بشكل كبير على صناعة الكتاب، وربما قادت بعض دور النشر إلى هاوية الإفلاس. معارض الكتاب كانت ومازالت وستبقى فرصة لتجديد روابطنا مع الكتب، ولكنها غير كافية للوصول بنا إلى مستوى المجتمع القارئ، الذي يتطلب استراتيجية متكاملة وواضحة المعالم، تتحد فيها الجهود الذاتية والمؤسساتية لتطوير صناعة ثقافية قادرة على تحقيق هذا المبتغى.

هل هناك صراع بين الكتاب ومواقع التواصل في تقديم المعلومة لاكتساب أكبر عدد من القراء؟ وهل تنوب المواقع عن الكتاب في تقديمها؟

لمواقع التواصل اليوم اليد العليا في الوصول إلى عقول القراء وربما التلاعب بمزاجهم ومدى فهمهم للواقع المحيط بهم، ولكنها غير قادرة (على الأقل بالنسبة لي) على أن تكون بديلا عن الكتاب، ما دامت معتمدة بدرجة أولى على السرعة والسطحية في تقديم المعلومة، وهو ما يتنافى بالأساس مع النظرة والتحليل بعيدي المدى، كما يقدمهما الكتاب، ولا أدل عن ذلك من تصاعد الأصوات المعبرة عن التخوف من تنامي ظاهرة الأخبار الزائفة والمضللة التي حولتها وسائل التواصل إلى تهديد حقيقي للاستقرار والسلم الاجتماعي في جميع أنحاء العالم.

هل المعارض وسيلة لنقل الثقافة وتحفيز القراءة أو شكل من أشكال العرض التجاري كما يروج البعض، أي  أن المعارض أسواق للبيع والتجارة من أجل الربح المادي فكيف تنظرون الى هذه القضية؟

أعتقد بأن المعارض تحمل في جوهرها شيئا من الإثنين، تلعب دار النشر دورا تثقيفيا في تنوير المجتمعات وتحفيز القراء على النهل من معين المعرفة، لكنها في نهاية المطاف مؤسسة لها اعتباراتها التجارية بكل تأكيد، بما يعينها على الاستمرار ومواصلة الدفع بعجلة صناعة الكتاب، بقي أن نقول أن لكل دار نشر سياستها الخاصة، التي تعمل على ترجيح إحدى الكفتين، إما تغليب الشق المعرفي، أو الاعتماد كلية على الجانب المادي والاستسلام التام لدوامة العرض والطلب.

ماذا يمثل الكتاب المغربي وما هي حظوظه في القراءة لدى القراء عموما في المشرق والمغرب؟

للكتاب المغربي مكانته المحترمة، سواء بين عموم القراء المغاربة، أو القراء في المشرق وحتى في باقي أنحاء العالم، ربما حاول البعض ربط المغرب بالرصانة النقدية فقط، ولكن السنوات الأخيرة شهدت نشاطا متناميا للإبداع الأدبي، أكدت أن الكاتب المغربي لا يقل تميزا عن نظيره المشرقي، خاصة مع دخول الجوائز الأدبية على خط تحفيز الأدباء لتقديم أعمال متميزة، ولا يمكن لهذه الحركية إلا أن تفيد صورة الأدب والإبداع المغربي بشكل عام، حاضرا ومستقبلا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *