عام على الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء.. مرحلة على الطريق الصحيح

منذ أن أعلنت مدريد عن دعمها للموقف المغربي بشأن ملف الصحراء، وذلك حين أيدت مقترح الحكم الذاتي، عبر رسالة بعثها بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، إلى الملك محمد السادس، بتاريخ 14 مارس من العام الماضي، لتدخل بعدها العلاقات بين الرباط ومدريد مرحلة جديدة.

ومنذ هذا التاريخ، تعهدت حكومتا البلدين، بالعمل على تقوية العلاقات الدبلوماسية والتجارية، بحيث تم توقيع عدة اتفاقيات، كان آخرها خلال زيارة بيدرو سانشيز للمغرب، شهر فبراير الماضي، مرفوقا بـ 12 وزيرا، حيث تم توقيع 20 اتفاقية بين الجانبين، في مجالات مختلفة، وتهدف إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية. فماذا تغير بعد عام من اعتراف إسبانيا بمغربية الصحراء.

دعم مقترح الحكم الذاتي يفتح الطريق

في هذا السياق، قال محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، إن “رسالة رئيس الوزراء الإسباني للملك محمد السادس العام الماضي، كان لها أهمية قصوى في مسار العلاقات المغربية الإسبانية، إذ شكلت منعطفا حقيقيا في هذه العلاقات، وتضمنت الرسالة صيغة جد متقدمة بالنسبة لباقي البلدان الأوروبية، إذ أشارت إسبانيا في وقتها، إلى أن “مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب للأمم المتحدة، هو المقترح الأكثر جدية والأكثر مصداقية والأكثر واقعية”، وهذه الجملة كان لها صدى استثنائي لدى الحكومة المغربية، وفتحت نافذة واسعة لتعاون متسع المجالات”.

وتابع تاج الدين الحسيني، في تصريحه لـ”بلادنا24“، أن “جدية العلاقات بين الرباط ومدريد، دفعت هذه الأخيرة للتخطيط لزيارة مهمة للمغرب، ترأسها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، مرفوقا بـ12 وزيرا، بهدف الاجتماع مع الحكومة المغربية، لتطوير عدة مشاريع، ليس فقط على المستوى السياسي والاستراتيجي المتعلق بقضية الصحراء، ولكن في كل الميادين، الاقتصادية، والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بضبط الهجرة غير القانونية، وفي التعاون عبر البحر المتوسط، وفي كل المجالات الأخرى”.

وأضاف الحسيني، إن “اليوم تمر سنة كاملة على توجيه هذه الرسالة، رسالة بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، والتي ساهمت في فتح جميع أبواب التعاون بين الحكومتين، وتسير في تطور يتجاوز تقريبا ما كان منتظرا في بداية هذه المرحلة، ورغما عن الضغوط التي مورست على إسبانيا، خاصة من طرف النظام الجزائري، وتحديدا في مرحلة تعرف فيها أزمة أوكرانيا وروسيا تطورات سلبية على مستوى التزود بالبترول والغاز، ورغما عن ذلك كانت إسبانيا تقريبا تقوم بدور المعوض، خاصة على مستوى خط الغاز الذي أصبح ينقل الغاز من إسبانيا إلى المغرب، وربما في المستقبل القريب يصبح نقل الغاز من المغرب لإسبانيا بعد الاكتشافات المهمة التي حققها المغرب في ميدان الغاز”.

أولى نتائج تحسن العلاقات الثنائية

وفي غضون ذلك، أشار المتحدث، إلى أن “علاقة الجوار بين المغرب وإسبانيا أخذت اليوم بعدها الحقيقي، بحيث انخفض عدد المهاجرين غير النظاميين المتوجهين من المغرب نحو إسبانيا، وكذلك حتى نحو جزر الكناري، بحيث تم تسجيل انخفاض تدفق المهاجرين السريين نحو هذه المناطف بـ25 في المائة، وهذا له أهمية قصوى في ضبط العلاقات بين الحكومتين، وكذلك عرف التعاون في ميدان محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بين البلدين تطورا مهما للغاية”.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أنه “من المهم جدا، أن يكون الجانبان محوران مركزيان للربط والتعاون بين إسبانيا والمغرب، وكذلك إفريقيا الغربية وإفريقيا جنوب الصحراء، لأنه من بين الرهانات الكبرى التي تربط البلدين، هي عملية الربط القاري، والذي من خلاله سيتم تمرير نفق بحري بين الدولتين، مما سيشكل رابطة حقيقية بين أوروبا وإفريقيا. والمغرب يلعب دورا أساسيا في هذه المرحلة، ويشكل منصة أساسية في التعاون، خاصة لدى الشركاء الذين يبحثون عن سبل الوصول للقارة الإفريقية، بحيث أن المغرب يحتل مركز ما يسمى بـ”المركز المتقدم”.

وأكثر من ذلك، يضيف الحسيني، أن “المغرب يعتبر محورا لتعاونات جد متسعة، سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال اتفاقيات التبادل الحر، أو مع دول كبرى، مثل الصين وروسيا، أو مع دول صاعدة مثل الهند وباكستان ومصر وغيرها، وبالتالي سواء في إطار اتفاقيات أكادير، أو اتفاقية الشراكة للتبادل الحر مع تركيا والولايات المتحدة ودول أخرى، وكلها تشكل محاور مركزية لضبط هذه العلاقات في المستقبل”.

وشدد محمد تاج الدين، أن “إحياء هذه الذكرى، يمر في جو يغمره الأمل، بخصوص مستقبل التعاون بين المغرب وإسبانيا، سيكون أفضل من الماضي على جميع المستويات”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *