المغرب يملك فرصة تاريخية كمورد طاقة متجددة إفريقيا وأوروبيا (تقرير)

جعل المغرب، الاستقلال الذاتي في مجال الطاقة، أحد المجالات الاستراتيجية الرئيسية له، منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. كما أن ندرة الهيدروكربونات، والافتقار إلى التكنولوجيا اللازمة للطاقة النووية، إلى جانب التوترات الجيوسياسية الناشئة عن الاعتماد على الطاقة، أجبرت المغرب على تحويل سياسته نحو الطاقة المتجددة.

ووفق آخر البيانات الصادرة عن المعهد الإسباني للدراسات الاستراتيجية، فإن المغرب لديه القدرة على إنتاج الكثير من الطاقة النظيفة بأسعار منخفضة للغاية، وهو ما يكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتصدير الفائض إلى أوروبا. وموقعه الجغرافي في ممر رياح عالي الأداء، وخصائصها المناخية المواتية مع أكثر من 300 يوم من أشعة الشمس في السنة، تجعل الرهان على الطاقة الخضراء حلا معقولا، من شأنه زيادة أمن الطاقة، عن طريق تقليل الواردات، وزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيجها الوطني.

ويهدف المغرب إلى أن تصل مصادر الطاقة المتجددة إلى 52 بالمائة من مزيج الطاقة الوطني بحلول سنة 2030، مما سيسمح له بالتطلع إلى أن يصبح رائدا أفريقيا في مجال الطاقات المتجددة، وموردا محتملا للاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يسهل التحرك نحو أمن الطاقة؛ وهو احتمال ساعدته الحرب في أوكرانيا التي أدت تدريجيا، ولكن جذريا، إلى تقليص تجارة النفط والغاز الروسية مع أوروبا، وتسريع إزالة الكربون عن القارة، والانتقال إلى الطاقة النظيفة.

ووفق المصدر عينه، فإن الجمع بين الوجود المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة في أوروبا، التي وضعت استقلال الطاقة على رأس جدول أعمالها، إلى جانب حقيقة أن مصادر الطاقة المتجددة ستكون أساسية في الانتقال إلى مصادر نظيفة تمامًا، يعني أن المغرب لديه فرصة تاريخية ليصبح مورد مصادر الطاقة المتجددة مع بدء عملية إزالة الكربون.

وأورد التقرير، أنه لكي يصبح المغرب موردا للطاقة إلى أوروبا، يحتاج إلى اتصالات تسمح له بذلك، حيث يشير المنطق الجغرافي إلى أن ذلك يجب أن يتم عبر شبه الجزيرة الإيبيرية باتباع أقصر طريق، والاستفادة قدر الإمكان من البنى التحتية القائمة، وتلك المتوقعة في الخطط الأوروبية. ومع ذلك، فإن صعوبة زيادة الربط الكهربائي بين المغرب وأوروبا القارية، يحد من إمكانيات صادرات الكهرباء المباشرة، ويجعل من غير الواقعي بالنسبة للمغرب استخدام الشبكة الإسبانية لإرسال فائضها إلى سوق الكهرباء الأوروبية.

ومن هذا الوضع، يتجه المغرب نحو الهيدروجين الأخضر، المنتج محليا، كحامل للطاقة المتجددة للتصدير إلى أوروبا. كما أن قربه من أوروبا، ووجود خط أنابيب غاز إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، سيسهل استراتيجية المغرب في إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر إلى الاقتصادات الأوروبية، وبالتالي دمج شبكة الطاقة المغربية مع الشبكة الأوروبية، عبر شبه الجزيرة الإيبيرية. وهذا من شأنه أن يضع تكاليف النقل عبر خطوط الأنابيب في ميزة مقارنة بالنقل البحري.

كما أوضحت المنصة، أن هذه المقامرة على الطاقة، ليست تنافسية بعد، ولكن من المتوقع أن تصبح كذلك في العقد المقبل، والتي ستتطلب من المغرب إحراز تقدم على المدى المتوسط في إزالة الكربون من اقتصاده المحلي، بما في ذلك قطاع الكهرباء الذي يهيمن عليه حاليا بالفحم.

وسيتطلب نجاح سياسة الطاقة المتجددة في المغرب، القائمة على الهيدروجين الأخضر، والموجهة نحو أوروبا، مزيدا من التنسيق مع إسبانيا، وهو بلد رئيسي للترابط مع أوروبا، بالإضافة إلى بلد يهدف أيضا إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، وإمكانات الموارد، لتصبح مركزا أوروبيا للطاقة المتجددة، حسب المصدر نفسه.

وعلى الرغم من وجود بعض الجدل حاليا حول استخدام خط أنابيب الهيدروجين “H2Med” لنقل الهيدروجين الأخضر إلى وسط أوروبا، بدلا من مجرد شحن الهيدروجين الوردي المشتق نوويا من فرنسا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، فمن المحتمل جدا أنه بحلول عام 2030، عندما تصبح قيد التشغيل، فإن التقدم التكنولوجي سيسمح للهيدروجين الأخضر المنتج في إسبانيا والمغرب، بالتنافس بشكل مفيد مع الهيدروجين الوردي الفرنسي.

وسيضمن ذلك، وفق الوثيقة نفسها، فائدة هذه البنية التحتية الحيوية لتصدير الهيدروجين الأخضر من شبه الجزيرة الإيبيرية – والمغرب – إلى أوروبا. وعلى المدى المتوسط، يمكن تصور سوق طاقة نظيفة أوروبية ذات إمكانات كبيرة، بما فيه الكفاية لدولتين لديهما إمكانات كبيرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع.

وعلى الرغم من أنه لا يبدو من المعقول توقع كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر من المغرب على المديين القصير والمتوسط، فإن الالتزام الأوروبي بموجه الطاقة هذا، الذي تسارعت بسبب الحرب في أوكرانيا، سيشجع عملية إزالة الكربون المغربية، وتحول قطاع الطاقة، وتوجيهه نحو الصادرات.

كما أوصى التقرير، المغرب، أن يستفيد من قدرة الشركات الإسبانية التي لديها التكنولوجيا اللازمة للاستفادة الكاملة من نمو القطاع المتوقع في السنوات القادمة، من أجل تعزيز نموذج للتعاون دون منافسة شرسة، يكون فيه كلا البلدين قادرين، كي تنمو وتزدهر.

لذلك، من المهم، حسب المصدر، ضبط هذا الرهان “المربح للجانبين”، والبقاء في صدارة المنافسة، في وقت تظهر فيه مشروعات بديلة أخرى بقوة في الأفق. وإذا تم تحقيق ذلك، فسيخلق تآزرا قويا، من خلال إنشاء “شبكة من مصالح الطاقة المشتركة”، والتي من شأنها أن تخفف التوترات الجيوسياسية المحتملة، وستكون في نهاية المطاف مفيدة اقتصاديا للمغرب وأوروبا وإسبانيا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *