ضحايا الهجرة.. من حلم “الفردوس” الأوروبي إلى مستودعات الأموات الجزائرية 

لم يكن يتوقع عدد من الشبان المغاربة الذين قصدوا دولة الجزائر، أملا في تحقيق حلم الهجرة إلى الديار الأوروبية، أن تتحول حياتهم إلى مأساة، فمنهم من تمكن من ملامسة الحلم الأوروبي بعد ركوبه “قوارب الموت”، ومنهم من طالتهم الاعتقالات ووجدوا أنفسهم محتجزين بالسجون الجزائرية، فيما آخرون لقوا مصرعهم غرقا ولم يتمكن ذويهم من نقل جثامينهم إلى مسقط رأسهم، لإجراء عملية الدفن، وذلك بفعل إغلاق الحدود البرية المغربية الجزائرية، وتأزم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين.

وفي هذا الصدد، يحكي حسن عماري، رئيس جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة في حديثه لـ”بلادنا24“، عن أن “هناك أزيد من 11 جثة قذفتها أمواج البحر، تعود غالبيتها في بعض الأحيان إلى شباب مغاربة، قطعوا برا الحدود المغربية الجزائرية، من أجل الوصول إلى الجزائر، لامتطاء “قوارب الموت”.

تأزم العلاقات الثنائية

وأضاف حسن عماري، أن “هذا الملف أصبح يواجه صعوبات، بفعل تأزم العلاقات بين المغرب والجزائر”، مشيرا في ذات السياق إلى أن “هذا الوضع يسري على الشباب المرشحين للهجرة، والذين تقذفهم أمواج البحر سواء الأطلسي أو المتوسط، وإن من بين الإشكالات العويصة التي تواجهها الجمعية وتقض مضجعها، هو ملف المغاربة المحتجزين بالسجون الجزائرية، والمحكومين الذين يتم القبض عليهم في الجزائر من قبل السلطات، وجثث المغاربة ضحايا الهجرة السرية”.

وأشار المتحدث، إلى أنه “بالنسبة لمسألة الجثث، فإنها تشكل إشكالا للجمعية من جانبين، الجانب الأول هو أن مجموعة من الجثث التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم التعرف عليها من خلال الصور والألبسة والوجه أو علامات أخرى، إذ أنه قبل قطع العلاقات المغربية الجزائرية، كانت الجمعية في بعض الأحيان، تحصل على بعض التسهيلات من خلال عائلات، سواء في الجزائر أو المغرب، ويتم تسليم الجثث عبر المعبر الحدودي “زوج بغال”، بعد الحصول على مجموعة من القرائن التي تثبت هوية الضحايا”.

مسطرة معقدة

وأوضح رئيس جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، أنه بعد قطع العلاقات “أصبحنا أمام واقع آخر، وهو واقع تعقد المسطرة، وإيجاد صعوبات في تواصل العائلات مع السلطات الجزائرية والنيابة العامة بالجزائر، خاصة وكلاء الجمهورية، أثناء إثبات الهوية، من خلال الملابس أو من خلال إجراء تحاليل الحمض النووي”.

وأكد عماري على أن “هناك مشكلا أيضا على مستوى الجانب المغربي، إذ توجد عائلات شككت في وجود جثث أبنائها بالجزائر، غير أن النيابة العامة رفضت تسلم طلبات إجراء تحاليل الحمض النووي، بالرغم من قدرتها على إعطاء الأمر بإجراء التحاليل”.

خرق القانون الدولي الإنساني

ولفت إلى أن “المسألة تبقى معقدة جدا”، قبل أن يضيف قائلا: “لهذا كنا نؤكد في الجمعية، على أن وجود جثث في عدة مستودعات للأموات بالجزائر، وعدم بذل الدولة الجزائرية أي مجهودات لتحديد هوياتهم والتساهل مع العائلات من أجل تسلم الجثث، نعتبرها مسألة تخرق القانون الدولي الإنساني، وتزيد في تعقيد العائلات وترفع من حدة آلامها”.

وتابع حسن عماري في تصريحه قائلا: “نطالب بخلق ممرات إنسانية من أجل وضع حد لمعاناة العائلات، ومطلبنا كذلك هو تسليم الجثث قصد دفنها بكرامة، والتعاون في هذا المجال”، لينهي حديثه: “لا ننكر الدور الذي يلعبه مجموعة من الأشخاص، سواء المغاربة أو أولئك الموجودين بالجزائر في وهران، ولا الضمائر الحية التي كانت تعمل على تسهيل عمليات نقل جثث المغاربة ضحايا “قوارب الموت”.

بلادنا24كمال لمريني

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *