سعد موفق.. موهبة سطع نجمها في وقت وجيز ومستمرة في العطاء

صادف يوم أمس الخميس ولادة شاب مبدع، ذو 29 عاما، رأى النور في مدينة الدار البيضاء سنة 1994، وأصوله تعود إلى بني ملال وتحديدا منطقة “أيت عتاب”، يتميز بموهبة فريدة في مجال التشخيص والتمثيل، سعد موفق، ممثل من أبناء الجيل الجديد في المغرب، تألق في مختلف الأدوار والشخصيات المتنوعة في وقت وجيز.

وكما يقال “المبدع لايعرف المستحيل”، فلم يكتف سعد بموهبته فقط بل اختار صقلها وبات التمثيل جزءا لا يتجزأ من حياته، بانضمامه إلى المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي بالرباط.

فبعد تخرجه سنة 2017، حلق في عالم الفن والإبداع، ليظهر أول مرة في مسلسل “قلوب تائهة”، مجسدا شخصية “صالح” التي عرفه بها الجمهور المغربي. لكن دور “حمودة” في مسلسل “ياقوت وعنبر” الذي عرض خلال شهر رمضان سنة 2020، كان بمثابة القفزة النوعية في مسيرته الفنية، مسلسل من إخراج محمد نصرات وتأليف الثلاثي المميز الذي أنتج عدة أعمال ناجحة، سامية أقريو، نورة الصقلي وجواد الحلو، ومشاركة ثلة من نجوم الشاشة المغربية.

“حمودة” دور جسد من خلاله، نموذجا ينتمي لشريحة واسعة من الشباب الذي فقد بوصلته داخل المجتمع بين دروب الإدمان، ابن عائلة فقيرة وواجه عدة صدمات في طفولته، كوفاة والده وهو صغير وتعرضه للاغتصاب، مما أثر على دراسته، فوجد في الإنحراف مهربا من ماضيه.

شخصية استطاعت أن تحجز مكانا خاصا في قلوب الجماهير والمتتبع المغربي وتدغدغ عاطفته، كما تعبر عن المعاناة الصامتة التي يمر منها الكثيرون.

وأشاد العديد من الفنانين آنذاك بأدائه الصادق والمميز، كالفنان محمد الشوبي الذي وجه له رسالة مفادها: “لا أعرف اسمك وأظن أنني لم ألتقيك من قبل ولكني أرفع لك قبعتي كنت منضبطا لشخصيتك وكنت بارعا في إقناعنا بحالاتها المتعددة، شكرا لك يابني”.

لتتوالى الأدوار والأعمال بعد ذلك، سواء التلفزية أو السينمائية، حيث شارك سنة 2021 في مسلسلين، وهما “السر القديم” و”الصلا والسلام”.

وتميز سعد بابتعاده عن النمطية والتكرار، بل حرصه الشديد على تقديم أدوار مختلفة ومتنوعة، نذكر على سبيل المثال دور “عباس” في مسلسل “مول المليح” الذي أطل من خلاله على الجمهور المغربي خلال شهر رمضان السنة الماضية، هو الابن الأصغر ضمن أسرة فقيرة تتكون من أم وأخت وأخ أكبر، تأثر برحيل والده، ويسعى جاهدا لمطاردة لقمة العيش ومساعدة أخيه، فيتحول هو وشقيقه “العربي” من الفقر إلى الغنى، بعد اكتشافه لوصفة سحرية تمكنه من تطوير مشروعهما البسيط والانتقال من بائع سندويتشات في عربة متنقلة إلى مالك مطعم ناجح.

“عباس” شخصية طيبة، حساسة وعاطفية، أبدع في تقمصها وإيصال مشاعرها إلى المتلقي، من خلال دراما اجتماعية تتناول في طياتها مختلف المواضيع، كقيمة الأخوة، الحب، الغدر، الخيانة، الطمع وغيرها الكثير.

مرورا إلى الفيلم التلفزي، بعنوان “شهد” من إخراج المتألقة بشرى إيجورك التي قدمت واحدا من الأعمال التي ظلت راسخة في ذاكرة المغاربة منذ 15 سنة، وهو “البرتقالة المرة”.

وصرحت هذه الأخيرة سابقا، أن فيلم “شهد” الذي جسد بطولته الفنان سعد موفق، مختلف عن البرتقالة المرة لكن يتميز بروح المخرجة نفسها وأسلوبها الإبداعي واحترامها لذكاء المشاهد المغربي.

فيلم يتناول قصة رومانسية ومواقف الحياة ومفاجآت الأقدار، صور في مدينة سيدي إفني نظرا لأصول المخرجة التي كشفت أنها أمازيغية وتعشق الجنوب المغربي ومنطقة سوس.

ولم يكتف سعد بالأدوار التلفزية، بل انتقل إلى السينما أيضا، ولعب أحد الأدوار البطولية في فيلم “العبد” لمخرجه عبد الإله جوهري رفقة مجموعة من الوجوه الفنية.

ويسلط الضوء هذا الأخير على مفهوم العبودية باعتبارها كانت ممارسة شائعة في العصور الغابرة ولا تزال موجودة في قالب حديث ومختلف.

يجسد سعد في الفيلم، دور “ابراهيم” الذي يقوم بعرض نفسه للبيع بأحد الساحات لرغبته في أن يكون عبدا وأن لا يوصف بالإنسان الحر الوقت الذي لا يشعر فيه بأنه حر.

فيلم فلسفي يطرح مختلف الأسئلة حول إرادة الإنسان وحريته، ومثل هذا الأخير المغرب في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس، وتم تتويجه بجائزة أحسن موسيقى أصيلة لصاحبها كمال كمال.

وسيعود سعد إلى الشاشة مرة أخرى في الأيام المقبلة، في مسلسل جديد بعنوان “طريق الورد” الذي يلعب فيه دور البطولة، مختلف من حيث التركيبة والشكل والمضمون، مجسدا دور عثمان وهو شاب ينتمي لأسرة فقيرة، وشخص أناني يسعى إلى أن يصبح فاحش الثراء.

تعامل سعد مع المخرج هشام الجباري، وقد تم تصوير المسلسل في قرية قرب مدينة طنجة، بمشاركة مجموعة من الممثلين المميزين من بينهم، صباح بنشويخ، والسعدية لديب، ولطيفة أحرار، وأمال عيوش، وفاطمة بوشان، ومنصور بدري، وندى هداوي، وأيوب أبو نصر، وناصر أقباب، وإلهام واعزيز، وحميد نيدر، وخالد بنشكرة، وصونيا عكاشة، وغيثة عصفور، ومحمد حميمصة ومحمد التسولي.

يمكن القول أن سعد موفق تفوق بالفعل في خطواته الأولى، ومازال مستمرا في العطاء، ليستطيع في فترة وجيزة بصم اسمه في الساحة الفنية الغزيرة بالمواهب.

 

بلادنا24 سلمى جدود 

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *