في ظل الغلاء.. كيف يساهم غياب التواصل الحكومي في انتشار الأخبار الزائفة؟

“معرفنا نضحكو ولا نبكيو”، هو تعليق يرافق معظم المغاربة اليوم في ظل ما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي حول أزمة غلاء الأسعار. هذه الأزمة التي جعلت الأخبار حولها تنتشر بسرعة بين الحقيقة والكذب، ما أثر سلبا على نفسية الأفراد، في ظل وضع اجتماعي واقتصادي صعب.

الأخبار الزائفة والمؤسسات الرسمية

مع التطور الكبير الذي شهده مجال التواصل، باتت الأخبار الزائفة تنتشر بشكل هائل، ما يجعل الحد منها أمر بالغ التعقيد. لكن التقليل من خطرها ممكن، من خلال تمكين المواطنين من المعلومات التي بحوزة الإدارة والمؤسسات العمومية، وفق تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الأخير.

حيث دعا المجلس في تقريره، المؤسسات والإدارات إلى توفير المعلومة في وقت وجيز والتحري حولها، كما دعا أيضا المهنيين العاملين في الحقل الإعلامي إلى التحري الجيد حول الحقيقة في الأخبار التي ينشرونها، وتحلّي المواطنين بالحس النقدي الذي يمكنهم من غربلة ما يصلهم من أخبار، وعدم تصديق إلا الصحيح منها.

غياب التواصل الحكومي

الحكومة لها دور كبير في انتشار الأخبار الزائفة، يروي الخبير في علم الاجتماع، محسن بنزاكور، مؤكدا أن “الهفوة التي يغيب فيها التواصل الحكومي تنشر فيها الأخبار الزائفة، التي تركب على ما يقع من أحداث وتصدق أي معلومة دون انتظار النفي أو التأكيد من الجهات الرسمية الغائبة”.

وأضاف بنزاكور، في تصريحه لـ“بلادنا24”، أنه “مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هناك انتشار واسع لبعض الفيديوهات الإستهزائية، والتي تعد وسيلة للتفريغ ووسيلة لتجاوز الأزمة دون التفكير أنها خطر ولها عواقب نفسية وخيمة على المتلقين”.

أساليب نشر الأخبار الزائفة

وأفاد المتحدث ذاته، أن “هذه الأساليب في القدم كانت عبارة عن نكت كحكايات “جحى”، واليوم لدينا نموذجين في المجتمع المغربي، النموذج الذي يتعامل مع الأزمة، بالنكتة والهزل، والسخرية، كوسيلة من التعامل الإيجابي مع واقع الأزمات، إذ في نفس الوقت هو يعي جيدا أنه لا حيلة له في حلها، ولا يستطيع أن يتصرف فيها إلا من خلال تناولها بسخرية”.

وأردف بنزاكور، “الأسلوب الثاني هو المتشائم، والذي تجده في وسائل التواصل الاجتماعي، يشتكي ويبحث عن ضحية لكي يعلق عليها الصعوبات التي نعيشها”، وتابع قائلا: “هذا النموذج هو الذي يصنع مواقع وينشر ما يشاء دون الاعتماد على أسلوب علمي، حيث تسيره العاطفة بدل المنطق”.

ردة فعل المجتمع المغربي

وأشار بنزاكور، أن “ردة فعل المجتمع المغربي تتحمل فيه الحكومة مسؤولية كبرى”، وشدد قائلا: “هناك فشل في التواصل بين الحكومة والمواطن البسيط في فترة الأزمات، فكل الخرجات الإعلامية فاشلة تواصليا، كالتصريحات الرسمية للوزراء في ظل الأزمة الحالية”، وأعطى المتحدث، مثال بكل من الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي.

الصحافة والأخبار الزائفة

ومن جانبه، قال الصحفي والباحث، عبد الصمد الكباص، “من القواعد الأساسية، التي وضعتها منظمة اليونيسكو لأخلاقيات مهنة الصحافة، هي أنه على الصحفي ألا يقوم بكل ما من شأنه، أن يضعف ثقة الجمهور في الإعلام والصحافة وترويج الأخبار الزائفة، خاصة مع الآليات المعاصرة التي غدت التطورات التكنولوجية”.

وأوضح الكباص، في تصريحه لـ“بلادنا24”، أن “المقصود بالدرجة الأولى هم فضاءات التواصل الاجتماعي، إذ على الصحفي منع الرواج الكبير للأخبار الزائفة التي تنقل أنصاف الحقائق، أو التي توظف الحقيقة الواحدة في بنية متكاملة من الكذب والتزييف، وهو ما يجعل أثارها عميقة في المجتمع، سواء على الأفراد أو بالنسبة للجماعات ككل”.

وأبرز المتحدث قائلا: “الحقد الاجتماعي والطوق إلى الأخبار ومعرفة مايقع، يدفع إلى استهلاك ترويج هذه الأخبار الزائفة، أولا لأنها تشبه حاجة نفسية أكثر من أنها رغبة عقلانية، وهذا ما يفسر سهولة رواج هذه الأخبار الزائفة”.

بلادنا24 ـ حنان الزيتوني 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *