ذكرى المولد النبوي.. احتفالات شعبية بأوجه متعددة

هي ذكرى يحتفل بها المسلمون من مشارق الأرض إلى مغاربها، ذكرى المولد النبوي الشريف، ولعل احتفال المغاربة بهذا اليوم العظيم، تختلف باختلاف طقوسهم وتقاليدهم وموروثهم الثقافي، فمظاهر الحفاوة والاحتفال تبدو واضحة داخل البيوت المغربية، تاركة فرحة كبيرة في قلوب أهلها وسكانها.

ذكرى مولد سيد الخلق، بقدر ما تختلف فيها مظاهر الاحتفال عند المغاربة، بقدر ما تتوحد فيها قلوبهم على الخشوع، والعبادة، وذكر الله، ورسوله الكريم، وتلاوة القرآن، وإبراز معالم الهوية الإسلامية.

ففي الشمال، يرجع الفضل في إرساء تقليد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إلى الأسر العزفية بسبتة، التي أكدت أهمية إرسائها هذا التقليد، لإبراز معالم الإسلام والمسلمين في مجتمع يشهد الكثير من الاحتكاكات بالثقافات المسيحية واليهودية.

فطريقة الاحتفال عند الأسر بمدينة طنجة، مغايرة بعض الشيء، إذ أن مائدة إفطار هذه المناسبة، يقول عبد الله البقالي، أحد سكان “عروس الشمال”، أنها لا تختلف كثيرا عن موائد الأعياد الدينية الأخرى، غير أن المميز بها هو وجود “السفنج” و”البغرير”، إضافة للحلويات المغربية “غريبة” و”الفقاص”.

فأهل طنجة، حسب البقالي، يهتمون أكثر بعشاء ليلة التبشير، الذي يعدون له طبقا خاصة مكونا من الديك “البلدي” بالفواكه الجافة، وبعض المقبلات المغربية المشهورة. والمميز في تلك الليلة هو اجتماع أهل الحي بالزغاريد و”الطعاريج”.

وغير بعيد عن عروس الشمال، تقول شيماء المرابط، واحدة من سكان كتامة بجبال الريف، أن ما يميز ليلة ذكرى سيد الخلق، هو جمع سكان الدواوير مبالغ مالية لشراء الخضر والفواكه، واجتماعهم بمطبخ إحدى المساجد، لطهي أحد الأطباق المشهورة بالمنطقة، وهو “الديك البلدي بالخضر”، وإحيائهم هذه الذكرى بتلاوة القرآن والذكر الحكيم.

أما سكان العاصمة الاقتصادية، فيقول ياسين صلوح، ابن الدار البيضاء، أن ما يميز إحياء هذه الذكرى، هو اجتماع العائلة صباحا على مائدة الإفطار، التي تحتوي على أشهر المأكولات المغربية (البغرير، المسمن، الحرشة، لقراشل..) وغيرها، مؤكدا كون هذه المناسبة تشبه كثيرا عيد الفطر.

وبحلول ذكرى المولد النبوي، عادة ماتشهد الأضرحة والزوايا نشاطا دينيا ملحوظا ومتميزا، حيث لازال العديد من المغاربة متمسكين بالرقص في الحضرة تمسكا كبيرا، إضافة إلى كون أهل سلا ينطلقون بموكب من الشموع.

وبخصوص التقاليد المتعلقة بإحياء هذا اليوم المبارك، يرى زكرياء العثماني، ابن سلا، أن طقوس الاحتفال بالمدينة تختلف من منزل لآخر، ومن أسرة لأخرى، غير أن القاسم المشترك هو إحياء صلة الرحم، وزيارة الأهل والأقارب. أما بخصوص مائدة الغذاء، فيحرص أهل سلا على إعداد طبق الكسكس، مشيرا إلى كون العائلات المغربية بعد كورونا، أصبحت لا تجتمع إلا في مثل هذه المناسبات الدينية العظيمة.

أما أهل فاس، المتشبثين بتقاليد أسلافهم، فتنطلق الاحتفالات بالمدينة العتيقة قرب ضريح مؤسس المدينة مولاي إدريس، في موكب من الشموع المختلفة ألوانها والمباخر، ليتبع الموكب الأطبال والأجواق والمعازف.

ويتميز الفطور الفاسي، بتواجد طبق “العصيدة” بالعسل الحر، كما يوضح ابن العاصمة العلمية، محمد الفيلالي، أن التقاليد الفاسية تختلف على نظيرتاها، من خلال وجبة الفطور بـ”العصيدة بالعسل، و”رغيفات باللوز”، أما في وجبة الغذاء، فيحضر طبق “اللحم بالقرع المعسل”، مردفا: “بعدها نزور الأقارب، محاولين التشبث أكثر بالعادات المغربية الأصيلة”.

تظاهرة تبلغ من العمر قرون خلت، لازال أهل المغرب يبادرون على إحيائها كل سنة، باحتفالاتهم العريقة، حتى أصبحت مكونا من مكونات الذاكرة الثقافية.

مريم الحمداوي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *