حكايات بوطالب | المسرحية التي أغضبت الحسن الثاني .. وحمادي عمور في ضيافة الملك

الراحل عبد الهادي بوطالب، الدبلوماسي ووزير الإعلام في حكومة أحمد عصمان، كشف في كتابه “نصف قرن في السياسة”، تفاصيل إلقاء القبض على الممثل الراحل حمادي عمور، بسبب مسرحية بثت على القناة الرسمية للمملكة .

 

رأي في المجلس الحكومي

عبد الهادي بوطالب، في الكتاب المذكور، تحدث عن تقرير قدمه  وزير المالية يقول فيه: “إن المغرب يخسر رصيده من العملة الصعبة باستيراده فائضا من الأغنام من الخارج، لتمكين المغاربة من إقامة سنة الأضحية، فقلت رأيي كعالم من علماء الشريعة : «إنه لا داعي لهذا، ويمكن لجلالة الملك أن يتخذ قرارا بأن لا تُقام سنة الأضحية هذا العام، وأن ينوب هو عن الأمة بذبح كبشين كما يفعل، وبذلك نوفر مبالغ العملة الصعبة»،وذكرت بالحديث النبوي الشريف : «ضحى رسول الله بكبشين الملحين القرنين وقال هذا عن نفسي وهذا عن أمتي».

رفض الملك

ويضيف المسؤول الحكومي الراحل: “ذهبت بعد ذلك رفقة الوزير الأول أحمد عصمان إلى الملك الحسن الثاني لنبلغه أن مجلس الحكومة أخذ بهذا الاقتراح، وكان وصل إلى علم الملك الذي كان يعلم ما جرى في مجلس الحكومة أنني وراء اتخاذ هذا الموقف. فتوجه إلي متشنجاً : «أنا بصفتي أميراً للمؤمنين أحافظ على إقامة المغرب لجميع السنن والواجبات التي يفرضها الله على المسلمين، وأنا لا أقبل ما اقترحته وأفتيت به في المجلس الحكومي»”.

 

يروي بوطالب: “لمست من كلام الملك أنه أخذ يتوجه إلي بنوع من الجفوة لم أعتدها منه، يُضاف إلى ذلك قيام التلفزيون المغربي بعرض تمثيلية كان بطلها الممثل حمادي عمور، وكانت المسرحية التمثيلية في شكل رواية هزلية ومفعمة بروح النكتة والدعابة وتُصَوِّر لقطات وحوار بديع، حال من يتعصبون لذبح الأضحية من فقراء المغرب أو محدودي الدخل، ويعطي مشهداً مسرحياً عن الرجل المتزوج بأربع زوجات ساكنات مع زوجهن في بيت واحد، وبدا الزوج في الرواية وهو يحاول أن يقسم كبشا واحدا بين الزيجات الأربعة، وكل واحدة تريد أن يتم ذبح الأضحية في غرفتها”.

الحسن الثاني : “التمثيلية خطاب موجه إلي”

يُتابع المتحدث في كتابه: “بينما التلفزيون، يعرض التمثيلية، هاتفني الملك الحسن الثاني، غاضباً، وقال :”مع أنني قلت إنني لا أتفق مع ما قلته بشأن فتواك عن الأضحية، ها أنت تعرض تمثيلية في التلفزيون””.

استمر بوطالب، في الحديث عن الموضوع، قائلاً:  “فقلت له : “أنا لم أر التلفزيون، ولا أعلم ماذا يجري فيه” (وكنت صادقا في ما قلت)، فأجابني الملك، “لا أقبل منك هذا، أعرف أنك لا تترك شاذة ولا فاذة في وزارة الإعلام إلا راقبتها بنفسك وهذه التمثيلية خطاب موجه إلي”، فقلت له :”حاشى لله يا جلالة الملك، أن تكون موجهة إليكم، وصدقوني أنني لم أطلع على المسرحية، فهذا عمل مدير التلفزيون وليس الوزير”.

 

وأضاف المتحدث حول ذات الموضوع: “وبعدما انتهت المكالمة هرعت لمشاهدة التلفزيون فوجدت التمثيلية متواصلة وتابعتها وأدركت ما كان فيها مما أشرت إليه، وما هي إلا لحظات حتى انقطع التيار وتوقف البث التلفزيوني نهائياً”.

اختفاء حمادي عمور وغضب الملك

وعن مصير حمادي عمور، الممثل الذي أدّى الدور في المسرحية المذكورة، يروي بوطالب أنه “في ثالث أيام عيد الأضحى، رافقتُ الملك الحسن الثاني في زيارته الرسمية إلى واشنطن التي أشرت إليها منذ قليل، وأثناء وجودنا بواشنطن بلغ إلى علم وزارة الدولة في إعلام، أن الممثل حمادي عمور، قد اعتقل واقتادته الشرطة من منزله بعدما عصبت عينيه ولم يبلغها خبره منذ ذلك، فأبلغت جلالة الملك بما حصل مستنكراً متأثراً، فبادر جلالته إلى إعطاء أمره بإطلاق سراحه، واستقبله بالقصر الملكي ونفحه نفحةً مالية جبر بها كسره، وخفف من كربه”.

وأشار المسؤول الحكومي السابق، إلى أن هذا “الحدث كان بداية دخول علاقتي مع جلالة الملك في توتر، لكن لم تنقطع بيني وبينه صلة الاحترام”.

نهاية التوثر بزيارة الخميني

وأردف المستشار الملكي السابق، أن “هذا التوتر تبدّد بسرعة عندما بدت من جلالته نحوي التفاتة كريمة باختياري لمهمة عظمى أعدها من أكبر مهماتي الدبلوماسية، وهي اختياري مبعوثاً لجلالته إلى الإمام آية الله الخميني الذي كان موجوداً في العراق، حينما توالت الأحداث السياسية في إيران واندلعت الثورة الشعبية في نظام الشاه، وطلب شاهنشاه (ملك الملوك) من الملك الحسن الثاني القيام بالوساطة، بينه وبين الخميني وقيادة الثورة “.

 

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *