تقرير إخباري : كيف سيكون سيناريو الحياة في حال استمرار نفس وتيرة الجفاف ؟

ليس المغرب وحده من يعاني من موجة الجفاف التي يتواصل ارتفاع حدتها في مختلف المناطق بالعالم، فالمشكلة أصبحت مسألة جدية وقضية عالمية تدق ناقوس الخطر للإسراع في اتخاد تدابير وإجراءات سواء من الحكومات أو من الأفراد.

سيناريو الحياة بعد سنوات من الجفاف

حذرت الأمم المتحدة من تزايد حدة الجفاف الذي ارتفعت على الأرض بنسبة 29 في المائة، ومن اتساع بقعتها الجغرافية التي رجحت على أنها قد تؤثر على ثلاثة أرباع سكان الأرض خلال عام 2050، ففي حال تحقيق هذه الفرضية أو استمرار الجفاف على نفس الوتيرة، فكيف يمكن أن يكون شكل ونظام حياتنا آنذاك ؟.

يقول رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، مصطفى بنرامل، إنه إذا بقيت ندرة المياه مستمرة على نفس هذا المنوال فحياة الانسان ستكون في خطر في المستقبل.

وأرجع بنرامل السبب إلى فقدان نسبة كبيرة من التنوع البيولوجي كبعض الأنواع من الكائنات الحية والحشرات والطيور التي تلعب دورا كبيرا في نقص الحشرات التي تسبب في الأمراض الجلدية وأمراض أخرى لها علاقة بالجهاز التنفسي والهضمي.

ويضيف رئيس الجمعية البيئية أن قلة المياه أو الجفاف ستؤدي إلى نقص في توافد الطيور المهاجرة وبالتالي قدوم حشرات سيكون لها تأثير خطر على الصحة العامة والخاصة للإنسان من الصحراء الكبرى لإفريقيا.

السيناريو المحتمل أيضا حسب بنرامل هو ظهور افات مرضية خطيرة، وانتشار بعض الحضرات وجوائح وفيروسات بشكل مزعج، كما رجح أيضا حصول نقص كبير في الغذاء وارتفاع نسبة الجوع وتدهور الحياة الاجتماعية للمواطن، مما سينعكس على الجانب الاقتصادي والبيئي للبلاد.

ويرى بنرامل أيضا أنه يتوقع اختفاء مجموعة من النباتات مع الجفاف، وظهورة حرائق كما شاهدناها مؤخرا بسبب ارتفاع درجة الحرارة وجفاف النباتات التي تكون سهلة الاشتعال عكس النباتات المتشبعة بالمياه.

ويؤكد بنرامل أن كل هذه السيناريوهات المحتملة يمكن أن تثر على المنظومة الاجتماعية التي سيظهر فيها مجموعة من المشاكل كالإجرام والصراعات في المناطق القروية والحضرية، إضافة إلى تدهور الوضعية الاقتصادية للبلاد وانخفاض مداخيل الدولة مما سينعكس على استثماراتها في المجال الاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي إمكانية حصول تدهور اقتصادي وخيم وحالة اجتماعية غير مستقرة.

 

أهمية وضرورة المجهودات الفردية لمحاربة ندرة المياه

تعد المسؤولية والمجهودات الفردية حول ترشيد استعمال المياه خطوة مهمة للتغلب على أزمة ندرة المياه وإنقاد البلاد من عواقب ما يمكن أن يتسبب فيه الجفاف.

ويقول بنرامال إن التوعية الجيدة للسكان سيكون لها أثر إيجابي على الساكنة، وطالب بعدم استخدام الصنابر بشكل دائم إلا عند الحاجة، واستخدامها بشكل متقطع على طريقة غلق وفتح عند الاستعمال حتى يتم استخدام أقل كمية ممكنة من المياه.

ويوصي بنرامل أيضا بضرورة إعادة استعمال مياه الغسيل والحمامات داخل المنزل لأغراض أخرى كغسل الأرضيات والزرابي والأشياء الأكثر تطلبا للمياه، ويضيف: “يجب أن تكون هذه المادة الثمينة في المنازل أقل نسبة منها تخرج في المياه العادمة سواء في المرحاض أو المطبخ”.

وبالنسبة للوحدات الصناعية فيوصي بنرامل على ضرورة اتخاذها بعض التدابير حتى تكون مخلفاتها من المياه العادمة اقل نسبة، وبتدبير المياه داخليا ومعالجة المياه العادمة للمصانع بطرق متطورة أو على حسب ما هو متوفر.

وفي المجال الزراعي يقول بنرامل أنه ان الأوان للفلاح أن يقوم بترشيد استعمال المبيدات الكيماوية في مختلف الاستغلاليات الزراعية حتى لا تتسرب للفرشة المائية وللمياه الجارية والأنهار والاودية وتتلوث وتغير طبيعتها الكيمائية، لأن الأمر يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة على صحة الإنسان والحيوان الذي يشرب من تلك المياه.

أما بالنسبة للتوصيات حول ري الفضاءات العمومية الخضراء، فيرى بنرامل أن المياه المستعملة والمعالجة أو المياه القريبة من تلك المساحات الخضراء هي المناسبة خلال هذه الفترة من الأزمة المائية.

 

تحديات خلال أزمة الجفاف

وتعاني السدود المغربية من مشكلة الأوحال التي تزيد تراجع احتياطها الاستراتيجي من المياه الطين بلة، بالإضافة إلى التكلفة المادية الباهضة التي تكلفها الأوحال للميزانية العمومية، فهذه الأخيرة تساهم أيضا في فقدان 70 مليون متر مكعب من سعة السدود كل سنة حسب تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات.

ويقول حسين بوعزاوي، رئيس جمعية الهضبة الخضراء، إنه بالرغم من الأموال الباهظة التي تتطلبها السدود لتنقيتها من مشكل تسربات الأتربة، إلا أنه مقارنة مع الدول الأخرى فقد كان البلد يفكر في مشكل الجفاف قبل حصولها بسنين، من خلال سياسة السدود والاتجاه في التعاقد مع شركات لحل مشكل تنقية السدود، وإنشاء محطات لتحلية مياه البحر المتواجدة بأكادير منذ سنة 1976 وبمناطق أخرى.

ويضيف بوعزاوي، أن المغرب يتجه أيضا إلى إنجاز محطات معالجة المياه العادمة بمختلف المدن المغربية، والتي يرى أنها هي المياه المناسبة حاليا للاستعمال في سقي المساحات الخضراء واستعمالات أخرى من أجل المحافظة على الموارد المائية.
وسيطلق المغرب حسب ما أعلنت عنه مذكرة تأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مشاريع تحويل الماء بين أحواض سبو وأبي رقراق، إضافة إلى محطات تحلية مياه البحر في كل من الدار البيضاء والداخلة وآسفي وكلميم والناظور.

كما سيتم الإعتماد على المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء والأراضي الفلاحية وللإستعمال في الصناعات والحاجيات الفندقية، كتدابير لإنقاذ البلاد من أسوء أزمة جفاف لم يشهدها منذ 40 سنة.

 

عفاف الفحشوش _ بلادنا24

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *