تحقيق| هل خفف مجمع “نور” للطاقة اعتماد المغرب على الوقود الأحفوري؟

استحوذت مبادرات الطاقة المتجددة في المغرب، والمتمثلة في مجمع نور للطاقة الشمسية، علىالاهتمام العالمي، حيث تسعى البلاد إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري في القريب العاجل وتوجهها للطاقات النظيفة المستدامة.

هذا المقال الصحفي الاستقصائي يتعمق في فعالية مجمعنورفي تحقيق هذا الهدفالحاسم، وذلك من خلال البحث الدقيق ومقابلات الخبراء والملاحظات الميدانية، نقوم بتشريح رحلة المجمع، والبراعة التقنية والآثار الاقتصادية والأهمية الاجتماعية والبيئية الواسعة.

تقديم

في عمق صحاري المغرب المشمسة، تكمن تجربة جريئة في توليد الطاقة: “مجمع نور للطاقة الشمسية، وبينما يتقدم المغرب بخطوات ثابتة نحو مستقبل مستدام، يسعى هذا التحقيق الاستقصائي إلى كشف القصة متعددة الأوجه لمجمع نور، وكذا دوره في إعادة تشكيل مشهد الطاقة في البلاد.

مطاردة الشمس..”رحلة فنية في المشروع

من أجل الانطلاق في رحلة ابتكار، مجمع نور الطاقي يستغل قوة ضوء الشمس بشكل لم يسبق له مثيل، إذ يكشف هذا التحقيق عن تقنية الطاقة الشمسية المركزة المتقدمة (CSP) في المجمع، ويستكشف كفاءته، وقدرات تخزين الطاقة، والآليات المعقدة التي تمكنه من توليد الكهرباء حتى بعد غروب الشمس، فضلًا عن وضعية الساكنة المحلية المحيطة به.

A3BDA74A 0787 48DC 9D71 57E40110AC7A

تدور قصص الوكالة المغربية للطاقة المستدامةمازن، بالأساس حول منطقة جغرافية معينة، حيث تركز بشكل أساسي على مفاهيمالفراغ، والجفاف، والهدر؛ وهي مفاهيم يتخذها أعضاء الوكالة كوسيلة لتبرير سعر الشراء المنخفض جدًا للمتر المربع، والذي يبلغ درهمًا ونصف فقط، وعلى الرغم من ذلك، فقد اعتمد قرار الموافقة على الصفقة على تدخل المجلس الطائفي في بلدة الغسات، الذي يُمثل مصالح سبع قرى تابعة لمنطقة أمازيغية تُعرف باسمآيت أوغرور، والتي تقع على مقربة من مدينة ورزازات في جنوب شرق المغرب، وهي منطقة تكابد مع وضع مائي صعب وتعتبر واحدة من أفقر مناطق المنطقة، مع تحمل أعباء ندرة المياه.

وفي سياق مواز، تبرز الأراضي المشمسة الواسعة التي استولت عليها وكالة الطاقة الشمسية المغربية، ومعها تأتي الوعود بتحقيق التنمية والاستفادة؛ لكنها بالواقع لم تفِ بالوعود المتوقعة، إذ أثر الاستيلاء بشكل سلبي على موروث السكان، مما حُرمهم من المنافع التي كانوا يعتمدون عليها، وأثّر أيضًا على طرق التنقل التقليدية التي كانوا يستخدمونها واستبدلوها بطرق أكثر مسافة.

A48F23DE 50DE 4BDD A496 343A2A2131D0

وإذا عدنا للتاريخ، نجد أن وكالة الطاقة الشمسية المغربية، قد تأسست في عام 2010، كشركة خاصة ممولة من الميزانية العامة، ومبدئيًا كانت وكالة مغربية للطاقة الشمسية، لكن تم تغيير اسمها إلى الوكالة المغربية للطاقة المستدامة في عام 2016، إذ تُعتبر هذه الوكالة الركيزة الأساسية لاستراتيجية الطاقة الوطنية لعام 2009، التي تهدف إلى تحقيق الاعتماد الكامل على مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من الوقود الأحفوري.

وبتشجيع من الوكالة، يتم تنفيذ هذه الأهداف من خلال إنشاء مجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة عبر المغرب، مع تسليط الضوء على تلبية الاحتياجات المتنامية للطاقة في إفريقيا. مشروع مجمع نور يُعد واحدًا من هذه المشاريع، ويتضمن أربع مزارع مجهزة بتقنيات متنوعة منها أنظمة الطاقة الشمسية المركزة في مزرعة نور 1 ونور 2، وبرج الطاقة في مزرعة نور 3، والطاقة الكهروضوئية في مزرعة نور 4، والتي فازت شركةأكوا باورالسعودية وشركاؤها بعقد تطوير هذه المزارع وتوليد الكهرباء لمدة 25 عامًا بعد فوزهم في مناقصة إنتاج الطاقة.

22B3DDA3 2356 4FEE AABA 89ED76C20910

بمشروع نور للطاقة، تم استثمار ميزانية تفوق 9 مليارات دولار، وهو رقم ضخم، وتمت مراجعة وتقييم المشروع من قِبل جهات تمويل مهمة مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، وشركةأكوا باور، حيث أكدت هذه الجهات بشدة على أهمية تقليص الفجوة بين الطموحات الضخمة للمشروع والتحسينات المتوقعة للمجتمعات المحلية المتضررة من التهميش وتقديم فرص التنمية.

4FDACD54 2F84 4B69 B88F 4BC4462DC701

وبرغم ذلك، تأتي برامج التنمية المحلية التي تقوم بها الوكالة المغربية للطاقة الشمسية كاستجابة لمطالب السكان المستمرة لفرص العمل في المشروع، وهي ليست مجرد استجابة لمتطلبات وكالات التمويل؛ وتهدف هذه البرامج إلى تلبية احتياجات السكان المحليين من فرص العمل والتنمية.

هذا، وتعهدت الوكالة الوطنية بتقديم رؤية شاملة تشمل التكنولوجيا والتمويل والبنية التحتية للمنطقة، وهذا يلقى استحسانًا كبيرًا من قبل سكان المنطقة الذين أعربوا عن ترحيبهم بهذه الوعود، إذ يتطلع السكان إلى أن يسهم المشروع في توفير فرص عمل للشباب المحلي وتحسين الظروف المعيشية للنساء والعائلات ككل.

وتحملمازنمسؤولية تنفيذ مبادرات تنمية محلية باستثمارات تفوق 6.8 مليار سنتيم، إذ تشمل هذه المبادرات تحسين البنية التحتية مثل بناء وتعبيد الطرق، دعم الفلاحة المستدامة، وتحسين البنية المائية والنقل المدرسي وكذا الرعاية الصحية.

كما تضمن مشروع نور للطاقة وعودًا بتحسين جودة حياة السكان المحليين من خلال توفير وظائف مستدامة في محطة الطاقة الشمسية، غير أنه وعلى الرغم من عدم تحقق بعض هذه الوعود بعد، إلا أن الاستثمارات الضخمة في الأراضي والمشاريع المحلية تلقى استحسانًا وتأييدًا من السكان، حيث يأملون في تحقيق تحسن ملموس في حياتهم.

6C49CC8E 9423 4AA0 A756 350C45316DD9
المصدر : “مازن”

وعلى الرغم من ذلك، تمثل تاريخ الاحتجاجات السابقة ضد مشاريع أخرى مشابهة، مثل احتجاجات تعدين الفضة بإميض، وخوصصة نبع للمياه، تحديًا كبيرًا للوكالة للوفاء بوعودها وتحقيق التنمية المستدامة بشكل فعال وشفاف لأبناء المنطقة، وذلك لضمان سيرورة هذا المشروع الضخم في أفضل الظروف.

6684E0E7 7CDA 4094 9E41 0FC8E4115724
احتجاجات تعدين الفضة بإميض

الرحلة إلى ورزازات

بلادنا24زارت هذا المركب الطاقي الهائل، وذلك للمعاينة الميدانية وكذا نقل تفاصيل المشروع عن كثب، إلا أنه تم منعنا من التصوير، تحت حجة أن المنشئةحساسة، وتابعة لمنطقة عسكرية، كما أنه تم منعنا من الدخول، لذلك سنحاول نقل ما عايناه عبر الكلمات فقط.

E593B285 5261 476F AAC6 F79A22725CBF

السفر من مدينة ورزازات إلى مقر مشروع نور للطاقة الشمسية، كان رحلة متعبة للغاية عبر مناطق جغرافية جد معقدة وصعبة وغير متساوية وتوقيتات متضاربة، إذ أدى استحواذ وكالة “مازن” على الأراضي على نطاق واسع، إلى تعطيل مسارات الرحلات القديمة والممارسات الرعوية والروابط الاقتصادية والاجتماعية بين قرىأيت أوغرور” الأمازيغية، وحل الطريق المعبد الذي يبلغ طوله حوالي 26 كيلومترا، والذي بنته الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، محل المسارات الصخرية الوعرة التي لطالما استخدمها القرويون في تنقلهم بين القرى، أو للوصول إلى مدينة ورزازات بواسطة الحمير أو البغال، وهو الطريق المتاخم للحدود المسيجة لمنشأةنور، مما يسلط الضوء بقوة على الاحتكاكات الجغرافية بين مؤسسة حديثة للغاية وكذا القرى العتيقة المحيطة بها، وكل ذلك في الوقت الذي يتم فيه تسهيل رحلات وكلاءمازنإلى مواقع مشاريعهم التنموية عبر وسائل لوجستية جد متطورة، وهو ما يبزتناقضًا واضحًا“.

وعلى طول هذا الطريق الممتد، يوجد حوالي 20 موقعًا عسكريًا تابعًا للقوات المسلحة الملكية، والذي يعمل كدرع بشري إلى جانب السياج المعدني السميك المطوق، مما يؤدي إلى إغلاق موقع محطة الطاقة الشمسية بالكامل ومراقبة الحركة على طول حدودها الممتدة على مدار 24 ساعة في اليوم، حيث تعتبر جميع محطات توليد الطاقة والبنية التحتية المغربية، منشآت عسكرية استراتيجية، مما يجعل المنطقة المحيطة بها مناطق عسكرية دائمة الحراسة.

مصدر من الساكنة المحلية، روى لجريدةبلادنا24، أنهم يرون يوميًا أثناء تنقلهم على حدود السياج الفاصل، في اتجاه مدينة ورزازات لقضاء أغراضهم اليومية، برجا أمنيا يبلغ ارتفاعه أزيد من 200 متر فوق الطريق الممهد، يقع داخل منشأة نور، وهو ما عايناه بدورنا، ويمكن رؤيته من جميع أنحاء القرى المحيطة تقريبًا، وهو مجهز بكاميرا محورية دوارة برؤية ليلية وحرارية يزيد مداها عن 34 كيلومترًا؛ كما تقع الإدارة المحلية في مركز جماعة غسات بالإقليم ذاته، على نفس الطريق، حيث تنسق الوكالة الوطنية للطاقة والقيادة المحلية عن كثب لتنظيم حركة المرور غير المرغوب فيها على الطريق، وكذا من أجل السماح للزوار الخارجيين برحلات إلى القرى المحيطة.

88862AF4 8507 454D 9DCD E49B30140F01

وفي ظل هذه المراقبة المنتشرة، يضيف نفس المصدر المحلي في حديثه، أنهليس من الغريب أن يشعر السكان بالثقل في الجو، وأن يشعرو بأنهم مراقبون، وأن قدرة السكان على التعبير علانية عن استيائهم محدودة للغاية وشبه منعدمة، والأهم من ذلك، أن الوعود بالتنمية تحول السخط بعيدًا عن التجريد اليومي للملكية، وتدفع القرويين إلى مستقبل يبدو أنهم من صنعهم لأنهم يشاركون في الفلاحة البيئية، على النحو الذي اقترحته وكالةمازن“.

2FA478D0 89F4 4D71 BAE1 2D1C97753137

كما يعتبر الوقت جزءً لا يتجزأ من مهمة تنمية الطاقة المتجددة، وهو عاملحاسمللغاية من خلال فئة الاستدامة، إذ تلعب النساء فيه دورًا مهما للغاية؛ وعلى الرغم من أن المشاريع الفلاحية الصغيرة للوكالة المغربية للطاقة الشمسية لا تستهدفهم على وجه التحديد، فإن أكثر من 75 في المائة من المستفيدين من هذه البرامج هم من النساء، حيث ذكر مصدر مطلع في تصريح مقتضب لبلادنا24، أن النساءيجمعن بين صفات التحمل،والمشاركة الجسدية، والرغبة في التعلم، وهنا تبرز فرص العملالحقيقيةمعمازن، أو إحدى الشركات التابعة لها.

العقبات الاقتصادية وتقنيات إنتاج الطاقة

إلى جانب البراعة التكنولوجية، يمثل مجمع نور استثمارًا اقتصاديًا كبيرًا ومهمًا من شأنه تحقيق ريادة المغرب في هذا المجال؛ ومن خلال التحقيق في الأسس المالية لهذا المشروع الشمسي، نقوم بفحص التكاليف الأولية، والنفقات التشغيلية الجارية، وتدفقات الإيرادات المحتملة، والوعد بتوفير التكاليف على المدى الطويل مع نضوج تقنيات الطاقة المتجددة وتوسيع نطاقها.

وبحسب البيانات الرسمية التي تتوفر عليهابلادنا24، فإن محطةنور 1″ تنتج نحو 160 ميغاوات من الطاقة، وكلَّفت استثمارات ناهزت 700 مليون دولار (مليار سنتيم)، أما مساحتها فتبلغ 480 هكتارا ينتشر عليها نصف مليون لوح شمسي مرتبة في 800 صف، وفقَ نظام دائري منحرف قليلا مراعاة لحركة الشمس ومجال تحرك الألواح، بما يُتيح لها الاستفادة من أشعة الشمس لأطول فترة ممكنة خلال النهار.

وبينما محطةنور 1″ تتوسط أخواتها من حيث المساحة والطاقة الإنتاجية وفقًا لبياناتبلادنا24، فإن محطة نور 2″ تنتج حوالي 200 ميغاوات، ورُصدت لها اعتماداتٌ مالية تُقدر بـ810 مليون دولار (مليار سنتيم) وأقيمت على مساحة 680 هكتار، بينما تكلف محطةنور 3″ 645 مليون دولار (مليار سنتيم)، وتنتج 150 ميغاوات.

أما بخصوص محطةنور 4″ فهي صغرى المحطات والأخيرة منها، وأقيمت على أكثر من 200 هكتار وتنتج 70 ميغاوات، بميزانية بلغت 77 مليون دولار، حيث سيُكلف مجمعنورفي ورزازات، في المجمل، استثمارات تناهز 9 مليارات دولار، دون احتساب تكلفة البنيات التحتية وأعمال التهيئة، ومتطلبات الربط الكهربائي والنقل الطرقي والتزويد بالماء الصالح للشرب والاتصالات.

ووفقًا لما كشف عنه مصدر مسؤول بالمشروع، في حديثه معبلادنا24، فإنهذه المحطة تمكن المملكة المغربية، من تقليل استهلاكها للطاقة الأحفورية بمقدار حوالي مليون طن من البترول سنويًا، وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (غازات الاحتباس الحراري)،  بـ3.9 ملايين طن سنويًا، بالإضافة إلى توفير كهرباء الطاقة النظيفة المتجددة لأزيد من مليون منزل مغربي“.

كما يورد المتحدث عينه، أنهذه المحطة، التي أُعلِنَ عنها من قِبَل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، تُعَدُّ نجاحًا مهمًا في مجال الطاقة المستدامة، إذ أنها تسهم في ريادة المغرب بشكل كبير في هذا المجال، كما أنه من المرتقب من المراحل المخطَّط لها أن تُسهِم بشكل كبير في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 10 ملايين طن سنويًا“.

ونظرًا لأن أكثر من 80 في المائة من أراضي المغرب تمتد على مدار العام، وهي أرض مشمسة، فإن البلاد في وضع جيد بشكل خاص لتتصدر السباق لتصبح المنتج الأول للطاقات المتجددة النظيفة، وهذا ما أكده تحليل أجرته مؤخرا شركة “Deloitte” الاستشارية متعددة الجنسيات، التي درست التوقعات العالمية للطاقات المتجددة في المنطقة.

ويعرض التقرير خريطة توضح المساحة المتاحة لمنشآت الطاقة المتجددة في المغرب، والتي تُظهر بوضوح الإمكانات الهائلة للبلاد؛ وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تنخفض كمية الطاقة المولدة من الفحم في المغرب من 38.8 في المائة في عام 2020، إلى 22 في المائة، فيما ستنخفض نسبة الكهرباء المنتجة من المصادر القائمة على النفط إلى 9.2 في المائة، بعدما كانت نسبتها 16.2 في المائة في عام 2020.

ووفقًا لتقرير “Deloitte”، فإنالمغرب يتمتع بإمكانية الوصول إلى موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتميزة، وهو ما يتوافق مع صناعة إنتاج ذات قدرة تنافسية عالية تستفيد من قربها من الاتحاد الأوروبي، الشريك الاستراتيجي الأول للمملكة“.

ما مدى فعالية مشروع نور في تقليل اعتماد المغرب على الوقود الأحفوري؟ (خبراء)

قال خبير في الطاقات المتجددة، فضل عدم ذكر اسمه لارتباطات شخصية، في حديثه معبلادنا24، أن مجمع نور للطاقة الشمسية، يقف في المغرب كدليل على الخطوات الرائعة التي تم إحرازها في تطوير حلول الطاقة المتجددة وتقليل اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري، إذ برز هذا المشروع الرائد، المكون من عدة مراحل، كمنارة للابتكار، مما يضيء الطريق نحو مستقبل طاقة مستدام ومسؤول بيئيًا للمغرب“.

كما يورد المتحدث عينه، في كلمته، أنفعالية مشروع نور في الحد من اعتماد المغرب على الوقود الأحفوري جديرة بالملاحظة حقًا، وذلك من خلال تسخير الموارد الشمسية الوفيرة المتاحة في المنطقة، زاد المشروع بشكل كبير من قدرة الطاقة المتجددة في البلاد، وبالتالي الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ“.

وبحسب الخبير، فإننشر تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة (CSP) على نطاق واسع داخل مجمع نور، لم يؤد إلى دفع المغرب إلى الصدارة في تبني الطاقة المتجددة فحسب، بل وضع أيضًا سابقة يتعين على الدول الأخرى محاكاتها، مشيرًا إلى أنأحد أبرز الجوانب الأكثر إلحاحًا لفعالية مشروع نور، هو مساهمته الكبيرة في مزيج الطاقة في المغرب“.

ووفقًا للمتحدث عينه، في تصريحه لبلادنا24، فإنهمع بدء تشغيل المراحل المتعاقبة من المشروع، حلت الطاقة الشمسية المتولدة تدريجياً محل مصادر الطاقة التقليدية القائمة على الوقود الأحفوري، ولم يؤد هذا الاستبدال للوقود الأحفوري إلى تعزيز أمن الطاقة فحسب، بل سهّل أيضًا حافظة طاقة أكثر مرونة وتنوعًا، مما قلل من تعرض قطاع الطاقة المغربي لتقلبات الأسعار العالمية واضطرابات الإمداد، وعلاوة على ذلك، أدى مشروع نور إلى تحفيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص العمل، وتوفير فرص عمل قيمة وتعزيز القوى العاملة الماهرة في قطاع الطاقة المتجددة“.

كما يسترسل المصدر ذاته، أنإنشاء سلاسل التوريد المحلية وتطوير الصناعات المرتبطة بها، يساهم بقوة في تأثير مضاعف اقتصادي أوسع، وبالتالي تعزيز دورة مستدامة من النمو والازدهار“.

وعند تقييم الآثار الأوسع لمشروع نور، يتابع الخبير في الطاقات المتجددة بالقول، أنهمن الواضح أن فعاليته تمتد إلى ما وراء مجال إنتاج الطاقة، حيث عزز المشروع مكانة المغرب كرائد إقليمي في التنمية المستدامة وحظي باعتراف دولي لالتزامه بخفض انبعاثات الكربون، من خلال عرض الجدوى الاقتصادية لاستثمارات الطاقة المتجددة، كما لم يعمل مشروع نور على تعزيز سمعة المغرب فحسب، بل ألهم أيضًا دولًا أخرى لمتابعة أجندة طموحة للطاقة النظيفة“.

ويخلص المصدر عينه في حديثه معبلادنا24، أنهكخبير في الطاقات المتجددة، ستقدر بلا شك التفاعل المعقد للابتكار التكنولوجي وأطر السياسات والاستثمارات الاستراتيجية التي دعمت بشكل جماعي نجاح مشروع نور،والتي تعد فعاليتها في الحد من اعتماد المغرب على الوقود الأحفوري تأكيدًا مدويًا للإمكانات التحويلية لحلول الطاقة المتجددة في دفع تغيير ملموس وإيجابي على الصعيدين البيئي والاجتماعي والاقتصادي“.

وفي الصدد ذاته، قال عبد الصمد الملاوي، أستاذ جامعي وخبير دولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، أن مشروع نور للطاقة الشمسية، يتعبر من بين المشاريع الرائدة على المستوى العالمي، فهو يعتبر من أضخم الموارد العالمية لإنتاج الطاقة الشمسية متعددة التكنلوجيا في العالم، حيث تصل إنتاجيته إلى 582 ميغاواط، وهو مقام على مساحة مهمة تقدر بحوالي 30 كيلومتر مربع، وباستثمار مالي يقدر بحوالي 24 مليار درهم، دون احتساب باقي البنيات التحتية المنجزة والموازية من خطوط الربط الكهربائي وكذالك من إنشاء ممرات للنقل الطرقي والتزويد بالماء وشبكات تصريف المياه إلى غير ذلك من البنيات التحتية“.

ويورد المتحدث عينه، في تصريحه لجريدةبلادنا24، أنهذا المشروع الكبير، يتكون كما هو معروف من 4 محطات (نور 1,2,3,4)، بالإضافة إلى محطات أخرى، كنور ميدلت، نور بوجدور، إلى غير ذلك من المحطات الأخرى، غير أن أهم هذه المركبات، هو مركب نور ورزازات، والتي تعمل بالتقنيات الحرارية المركزة، والتقنيات الفوطوضوئية، أو الفوطوفولتيكية كما يصطلح عليها بالفرنسية، وهي منشأة بمواصفات دولية، وبما في ذلك مايحترم البيئة عند إنجاز مثل هذه المحطات“.

ويضيف المصدر ذاته، أنهفي الحقيقة قد بدأ المغرب في تشغيل أول محطة (نور 1) سنة 2016، وهي محطة تقدر إنتاجيتها بحوالي 160 ميغاوات، وتنتج سنويًا تقريبًا كهرباء تعادل 500 جيغاوات/ ساعة، بحيث مكنت هذه المحطة من تشغيل حوالي 2000 فرصة عمل، حوالي 83 في المائة منها أطقم وأيادي محلية، أما محطة نور 2 ونور 3، التي بدأ العمل بهما سنة 2018، وتنتجان قدرة كهربائية تصل إلى 350 ميغاوات، وتقدر سعة تخزينها الحرارية بين 5 و7 ساعات، أما المحطة الرابعة وهي محطة نور 4، تعمل بتقنية الفوطوضوئية، وقد بدأ تشغيلها كذلك سنة 2018، إلى أن قدرتها تناهز 170 ميغاوات، وتعتبر من أكبر المحطات من نوعها، وتعتبر من أكبر المرافق العالمية لإنتاج الطاقة بتقنيات متعددة في العالم“.

كما يستطرد ملاوي، في حديثه معبلادنا24، قائلًا بأنمحطات نور الأربعة للطاقات الشمسية، توفر كهرباء نظيفة تقريبًا تقدر بما يحتاجه 1.3 مليون منزل، أو ما يحتاجه حوالي مليونين من الأشخاص المستعملين للكهرباء من هذا النوع، وتعتبر مشاريع نور ورزازات، أي المشاريع الأربعة، من بين المشاريع المهمة في المغرب، حيث أنها مكنت من تقليل التبعية الطاقية للمغرب من الخارج بحوالي 83 في المائة في أواخر 2022، عوض 97 في المائة، قبل انطلاق هذه المشاريع في 2009، وهو ما مكن المغرب من تفادي انبعاث الطاقات الدفيئة، بما يقارب مليون طن، من ثاني أكسيد الكربون، وقد مكن هذا التفادي المغرب من الإيفاء بتعهداته المناخية، إذ سبق له أن تعهد في عدة مناسبات، في خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون، بنسبة 45.5 في المائة في أفق 2030، وذلك في عدة مناسبات، آخرها هو كوب 22 بمراكش، وحسب اتفاقية الإطار في 2015 بالعاصمة الفرنسية، باريس.

كما سطر مشروع نور، وفقًا للخبير نفسه، أثناء إنشائه، بأنهسيثبت أسس التنمية السوسيواقتصادية، بالموازاة مع إنتاج كهرباء نظيفة، إلى الاستثمار في مجالات حيوية موازية خصوصًا للساكنة، كمجال الصحة، مجال التعليم، مجال المقاولات، المجال الرياضي، المجال الفلاحي، إلى غير ذلك من المجالات الحيوية، التي تعود بالنفع المباشر على الساكنة المحلية، وعلى المواطن بصفة عامة، وقد خصص أزيد من 62 مليون درهم لهذا الغرض، وهذا المبلغ ممول من طرف الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، ومن مجموعاتأكوا باركوهي صاحبة أكبر حصة استثمار من المشاريع“.

ويوضح المتحدث، أنهكان من المنتظر من مشاريع نور، أن تشغل أزيد من 20 ألف شخص، فضلًا عن أنها ستزود أكثر من 30 دوار مجاور بالماء الصالح للشرب، وربطها بالشبكة الكهربائية والشبكة الطرقية، كما يعول المغرب على أن هناك مشاريع أخرى مثل محطات نور ميدلت، ومحطات نور بوجدور إلى ذلك من المحطات الأخرى على أساس أن المغرب يعتزم إنتاج 52 في المائة من الكهرباء الوطنية في أفق 2030، كما سطر على أنه في أفق 2020 أنه سنتج حوالي 42 في المائة، إلا أنه لعدة أسباب وعدة ظروف، فإن هذه النسبة لم تتجاوز إلى 38 في المائة، وقد تدارك المغرب هذا النقص بتسريع وتيرة إنجاز مجموعة من المشاريع الأخرى التي كان من بينها مشروع نور ميدلت 2، كما أنه ستعطى في القريب انطلاقة مشروع نور ميدلت 3″.

ويخلص ملاوي، في تصريحه لجريدة بلادنا24، أنه بالإضافة لمركب نور ورزازات، هناك مشاريع أخرى تسير في نفس التوجه، وهو تعزيز المخطط الوطني للطاقة الشمسية بالمغرب، من خلال تشييد مجموعة أخرى من المحطات الطاقية المعتمدة على الشمس، وذلك متعددة التكنلوجيا، كما هو الشأن بالنسبة لمحطة ميدلت والعيون، ومحطة بوجدور، وطاطا، ومحطات أخرى بطاقات إنتاجية تزيد عن 2 جيغاوات في أفق السنوات المقبلة“.

ومن جانبه، قال مصدر مطلع من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، في تصريح مقتضب لبلادنا24، إنمجمع نور للطاقة يمثل مبادرةً استراتيجيةً رائدة في مجال تطوير الطاقة المتجددة والمستدامة في المغرب، واستنادًا إلى التحول العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة، فقد أثبت المجمع نجاحه في تحقيق أثر إيجابي على الاقتصاد المغربي والبيئة بشكل عام“.

كما يورد المصدر عينه، أنهتأتي التداعيات الاقتصادية لمجمع نور على وجه الخصوص من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمجتمع المحلي، حيث يشمل ذلك فتح أبواب العديد من الفرص الوظيفية في مراحل بناء وتشغيل المجمع، وكذلك في القطاعات المرتبطة بتوفير المواد والخدمات اللازمة، وهذا بدوره يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتحسين معيشة المواطنين بالمنطقة“.

كما خلص المصدر، في حديثه معبلادنا24، أن مجمع نور للطاقة، يجسد التزام المغرب بتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز استدامة البيئة وتعزيز النمو الاقتصادي، وهو عبارة عن إنجاز استراتيجي يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة للمملكة“.

هل فشل مشروع نور في تدبير تكلفة الإنتاج الطاقي؟

لا حديث وسط الفاعلين في المجال الطاقي الوطني، إلا عن فشل مشروع نور من الجانب الاقتصادي، وكذا عدم استطاعة تقنية الكهرباء المركزة على تدبير تكلفة إنتاج الكهرباء، بحيث أن إنتاج الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري، لاتزال منخفضة بكثير مقارنة مع تكلفة إنتاج الكهرباء المركزة بمشروع نور؛ لذلك حققتبلادنا24في الأمر، من أجل تأكيد أو نفي هذه المزاعم المتداولة.

بلادنا24استندت على دراسة حديثة أجرتها مؤسسةفيرديلدراسات وبحوث التنمية الدولية، لتحليل وجمع بعض المعطيات التي قد تمت بصلة لتحقيقنا.

ووفقًا للمعطيات المتوفرة، فإنه يشار إلى أن تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة المتقدمة (CSP) التي يستخدمها مجمع نور،أغلى نسبيًامن توليد الكهرباء القائمة على الوقود الأحفوري، لا سيما في مناطق معينة مثل إفريقيا، وفقا للدراسة.

399D4CC0 9F0E 469C 9096 21B3E78E3DF0

أرقام رسمية

تبرز الطاقة الحرارية الجوفية كأرخص خيار بتكلفة 0.05 دولار أمريكي لكل كيلو وات ساعة، فيما تقترب تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية من تكلفة الطاقة النووية والفحم، حيث تبلغ تكلفتها 0.13 دولارًا أمريكيًا للكيلوواط في الساعة، مقارنةً بـ 0.10 دولارًا أمريكيًا لكل كيلوواط في الساعة للطاقة النووية والفحم.

ومن ناحية أخرى، تعد تقنية الطاقة الشمسية المركزة أكثر تكلفة بكثير، حيث تبلغ التكلفة 0.24 دولارًا أمريكيًا لكل كيلوواط ساعة في المتوسط، كما تعتبر الرياح البحرية باهظة الثمن نسبيًا حيث تبلغ 0.20 دولارًا أمريكيًا لكل كيلوواط ساعة.

أما في أفريقيا، تتجلى الفوارق في التكلفة، حيث لا تتداخل تكاليف الطاقة الحرارية الأرضية (0.04-0.07 دولار أمريكي لكل كيلوواط ساعة) والرياح البرية (0.05-0.16 دولار أمريكي لكل كيلو واط في الساعة) مع تكاليف الطاقة الكهروضوئية (0.18-0.39 دولار أمريكي لكل كيلوواط ساعة) و“CSP” (0.17 دولار أمريكي لكل كيلوواط ساعة) -0.37 لكل كيلوواط ساعة).

67A8A378 9247 47BF B83A A9907F7E3DF7

كما تسلط الدراسة التي اطلعت عليهابلادنا24، الضوء، على أن تكلفة رأس المال، وتوافر المعدات المحلية، والحواجز الجمركية/ غير الجمركية، التي تؤثر بشكل كبير على التكلفة المعيارية للكهرباء (LCOE) للتقنيات المتجددة في إفريقيا، كما لا تزال تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة، على الرغم من أنه من المتوقع أن تصبح أرخص مع زيادة قدرات المصانع وتحسن تكنولوجيا الإنتاج، في مهدها في أفريقيا، ولم تتحقق التخفيضات المتوقعة في الأسعار بعد“.

وبينما توفر التكنولوجيا الكهروضوئية إمكانية خفض التكلفة من خلال ابتكارات التصنيع ووفورات الحجم والتقدم التكنولوجي، فإن تحديات تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة في مناطق معينة تؤكد على تعقيد مقارنة تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة المتقدمة، مقابل الوقود الأحفوري، لذلك فإنه من المهم مراعاة كل من تكاليف الإنتاج المباشرة والعوامل الخارجية عند إجراء مثل هذه المقارنات.

وفي دراسة أخرى صادرة عن بوابةصولار طيرمال اينيرجي نيوز” المتخصصة، اطلعت عليهابلادنا24بدورها، والتي أجرت مراجعة شاملة للتحديات التي تواجه تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة، كتلك الموجودة بمشروع نور، حيث لأول مرة، لخص هذا العمل مقارنته لحوالي 143 مشروعًا للطاقة الشمسية المركزة في جميع أنحاء العالم، من حيث الحالة والسعة وتقنيات المكثف وعامل استخدام الأراضي والكفاءة والبلد والعديد من العوامل الأخرى.

وعلاوة على ذلك، سلطت هذه الدراسة الضوء على التحديات المختلفة التي تواجه انتشار هذا النظام من حيث سوائل نقل الحرارة (HTF)، وتقنيات تخزين الطاقة (ES) المختلفة، وتقنيات التبريد، وإدارة المياه، والتكلفة المستوية للكهرباء (LCOE)، فيما تم أيضًا، مقارنة الخصائص الحرارية الفيزيائية المختلفة ضمن النطاق المطبق لعملية CSP، وفي نهاية المراجعة، تم تمييز ومقارنة تقنيات التهجين المختلفة الخاصة بـ CSP مع مختلف مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الخلايا الكهروضوئية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية.

A4404AEC 0830 459F 9343 03BD1396EA5E

ووفقًا للدراسة، فإن البيانات التي تم تحليلها من خلالها، تعدضرورية للتنبؤ بمستقبل الطاقة الشمسية المركزة في الأسواق ومساهمتها في الحد من إمكانية الاحترار العالمي“.

وأثناء تحليلنا للمعطيات المتوفرة في هذه الدراسة، لم تؤكد إلا شيء واحدًا، وهو أن تكنولوجيا الطاقة المركزة المتطورة، التي تستعملها منشأة نور في بعض مزارعها، كنور 1 و2، تنتج كهرباء تكلفتهأغلى نسبيًامن تكلفة الإنتاج الكهربائي بواسطة الوقود الأحفوري التقليدي، وهو ما ينذر بفشل المشروع في حالة عدم وضع استراتيجية آنية لتدبير هذه التكلفةالمرتفعة، التي من شأنها رفع فاتورة المستهلك.

هذا، وحاولتبلادنا24ربط الاتصال بالقسم الإعلامي لمازن، إلا أنهم قاموا بمدنا بعنوان بريد إلكتروني، وهو ما أرسلنا إليه حول موضوع طلب معلومات، لكي نتمكن من معرفة بعض الإجابات، إلا أنهم لم يقوموا بالرد على رسالتنا، مما دفع بنا للبحث عن مصدر غير رسمي بديل للحصول على التوضيحات الازمة.

وفي حديثه معبلادنا24، قال مصدر من الوكالة المغربية للطاقة المستدامةمازن، أنالكهرباء التي تنتجها تقنية الطاقة الشمسية المركزة في مجمع نور بالمغرب لها تكاليف أعلى نسبيًا مقارنة ببعض مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، كالطاقة الحرارية الأرضية والرياح البرية والطاقة الشمسية الكهروضوئية، إذ تعتبر تكلفة إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية المركزة في مجمع نور عاملاً هامًا في تسعيرها مقارنة ببدائل الطاقة المتجددة الأخرى المتاحة، كما أن تكلفة إدماجها في شبكة الاستهلاك لاتزال هي الأخرى مرتفعة، مما سيضطر عن استعمالها، زيادة رسوم إضافية على المستهلك، وهو ما يطرح مشكلة“.

كما يورد المتحدث عينه، أنمشروع مجمع نور للطاقة الشمسية في المغرب، قد واجه تحديات في الإدارة الفعالة للتكلفة المرتفعة لإنتاج الكهرباء، وذلك على الرغم من الفوائد المحتملة للمشروع، يبدو أن تكاليف المشروع قد شكلت صعوبات في تحقيق أسعار تنافسية مقارنة بخيارات الطاقة المتجددة الأخرى، وذلك عائد بالأساس لاستخدام تقنيات الطاقة المركزة المتطورة“.

3B7BE0E1 BD49 41EE A60E A02A5602584F

كما يخلص المصدر في تصريحه المقتضب لبلادنا24، أنهذه التحديات في إدارة التكلفة، تسلط الضوء على التعقيدات التي ينطوي عليها تنفيذ تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة المتقدمة على نطاق أوسع وتؤكد على أهمية معالجة فعالية التكلفة لضمان الجدوى على المدى الطويل ونجاح المشاريع المماثلة“.

وعلى ضوء المعطيات التي استخلصناها من خلال تحقيقنا، خلصتبلادنا24، إلى أن مجمع نور للطاقة، قد فشلنسبيًا في تدبير تكلفة إنتاج الكهرباء، بحيث تكون منخفضة مقارنة بتكلفة إنتاجها عن طريق الوقود الأحفوري، وذلك عائد نسبيًا إلى اعتمادها بشكل أساسي على تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة المتقدمة (CSP)، والتي لازالت تكلفتها المرتفعة تنهك الموارد المادية للوكالة، وهو ما يستدعي وضع استراتيجيات مستعجلة للتصدي لهذا الأمر، وكذا توفير حل بديل وآني، من أجل ضمان استمرارية المشروع في أحسن الظروف.

وفي الختام، يجسد مشروع مجمع نور للطاقة الشمسية المركزة في المغرب التوازن المعقد بين الابتكار التكنولوجي وفعالية التكلفة في السعي وراء حلول الطاقة المستدامة، وفي حين أن الطاقة الشمسية المركزة (CSP) تبشر بالخير كمصدر للطاقة المتجددة مع قدرتها على توليد الكهرباء المستمر وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري،فقد واجه المشروع التحدي المتمثل في إدارة تكاليف إنتاج الكهرباء المرتفعة.

كما تؤكد تجربة المشروع على الحاجة إلى نهج شامل لا يعزز التقدم في تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة فحسب، بل يعالج أيضًا تعقيدات إدارة التكلفة، وتوافر الموارد المحلية، ووفورات الحجم، حيث  مع تطور مشهد الطاقة، فإن الدروس المستفادة من مساعي مثل مجمع نور بمثابة رؤى قيمة لتشكيل مبادرات الطاقة المتجددة المستقبلية التي تجمع بشكل فعال بين الابتكار والقدرة على تحمل التكاليف لتمهيد الطريق لمستقبل طاقة أنظف وأكثر استدامة.

شروق الشمس من أجل الاستدامة والتأثيرات البيئية

وبينما يبشر مجمع نور بعصر جديد من الطاقة، تظل آثاره البيئية نقطة محورية، إذ يجري هذا التحقيق تحليلًا متعمقًا لمساهمات المجمع في الحد من انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء ودوره في تعزيز التزام المغرب باتفاقيات المناخ العالمية.

في عصر المخاوف البيئية المتزايدة وتأثيرات تغير المناخ المتصاعدة، تبحث الدول في جميع أنحاء العالم عن طرق مبتكرة لتقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء، إذ نجد بين هذه المبادرات الرائدة مشروع نور، وهو مثال ساطع على التزام المغرب بمكافحة تغير المناخ والالتزام باتفاقيات المناخ العالمية، بحيث يمثل هذا المشروع الطموح خطوة مهمة إلى الأمام في تسخير مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة وبيئة أنظف.

تقليل انبعاثات الكربون

في صميم أهمية مشروع نور تكمن مساهمته الكبيرة في الحد من انبعاثات الكربون، وذلك من خلال توليد الكهرباء النظيفة من مصادر متجددة، يقلل المغرب بشكل كبير من اعتماده على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة، وهذ االتحول له تأثير مباشر على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وبالتالي مساعدة البلاد على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات المناخ العالمية مثل اتفاقية باريس، كما يسمح تنفيذ المشروع للمغرب بإحراز تقدم كبير نحو أهداف خفض الانبعاثات، ووضع مثال للدول الأخرى التي تسعى جاهدة للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.

تحسين جودة الهواء والصحة العامة

تتمثل إحدى الفوائد الفورية والملموسة لمشروع نور في تأثيره الإيجابي على جودة الهواء، حيث تساهم مصادر الطاقة التقليدية مثل الفحم والنفط في تلوث الهواء ، مما يشكل مخاطر صحية شديدة على السكان والبيئة. ومن خلال تسخير الطاقة الشمسية، يساعد مشروع نور على التخفيف من تلوث الهواء عن طريق استبدال الحاجة إلى توليد الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري، ونتيجة لذلك، تشهد المجتمعات المحلية تحسنًا في جودة الهواء، مما يؤدي إلى نتائج صحية عامة أفضل وتعزيز الرفاهية العامة.

تعزيز التزامات المغرب المناخية

لا يُظهر استثمار المغرب في مشروع نور التزامه بالتنمية المستدامة فحسب، بل يعزز أيضًا مصداقيته في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ، وذلك من خلال إعطاء الأولوية لمصادر الطاقة المتجددة، إذ يرسل المغرب إشارة قوية إلى المجتمع الدولي بأنه يأخذ التزاماته المناخية على محمل الجد.

ويعتبر مشروع نور تجسيدًا ملموسًا لتفاني المغرب في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات، وتعزيز بيئة أنظف، وتعزيز مستقبل أكثر اخضرارًا لمواطنيها.

يمثل مشروع نور شهادة على تفاني المغرب الراسخ في الحد من انبعاثات الكربون، وتحسين جودة الهواء، والوفاء بالتزاماته باتفاقيات المناخ العالمية، إذ لا يُظهر هذا المسعى المبتكر ريادة المغرب في تبني الطاقة المتجددة فحسب، بل يضع أيضًا سابقة للدول الأخرى لتحذو حذوها، فبينما يتصارع العالم مع الحاجة الملحة لمكافحة تغير المناخ، يعمل مشروع نور كمنارة للأمل وتذكير ملموس بأن الإجراءات الجريئة يمكن أن تؤدي إلى مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا للجميع.

ما وراء الرحلة التقنية.. التداعيات الاجتماعية والاقتصادية

وبالنظر إلى ما وراء الجوانب الفنية، نتعمق خلال تحقيقنا في الآثار الاجتماعية والاقتصادية للمجمع، إذ نستكشف خلق فرص العمل، وإشراك المجتمع المحلي، وإمكانات التنمية القروية التي تبرز مع كون المغرب رائدًا في مجال البنية التحتية للطاقة المتجددة على نطاق واسع.

في عصر تحدده المخاوف المتزايدة بشأن تغير المناخ والحاجة الملحة لحلول الطاقة المستدامة، مجمع نور لم يغير مشهد الطاقة في المغرب فحسب، بل أشعل أيضًا موجة من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية في المنطقة المحيطة به.

خلق فرص عمل متعددة

لعبت مشاريع الطاقة الشمسية الطموحة في مجمع نور، دوراً أساسياً في توليد عدد كبير من فرص العمل، من البناء إلى التشغيل والصيانة، إذ أنشأ المجمع مجموعة متنوعة من الوظائف عبر مستويات المهارات المختلفة، ووجد العمال والمهندسون والفنيون والموظفون الإداريون وظائف داخل النظام البيئي لمجمع نور، مما أدى إلى تعزيز الاقتصاد المحلي.

ويمتد تأثير خلق فرص العمل إلى ما هو أبعد من المجمع نفسه، حيث ازدهر الموردون ومقدمو الخدمات والشركات المساعدة استجابة للطلب المتزايد، بحيث لم يؤد هذا الارتفاع في التوظيف إلى خفض معدلات البطالة فحسب، بل ساهم أيضًا في تنمية المهارات وبناء القدرات في المنطقة.

المشاركة المجتمعية

كان مجمع نور المغربي حافزًا لتعزيز مشاركة المجتمع والتمكين المحلي، وكان الانخراط مع المجتمعات المجاورة من خلال تبادل المعلومات والمشاورات والشراكات مكونًا رئيسيًا لنجاح المشروع، من خلال إشراك السكان المحليين في عملية صنع القرار ومعالجة مخاوفهم، عزز مجمع نور الشعور بالملكية والفخر بين المجتمعات التي يخدمها، وتمتد هذه المشاركة إلى ما بعد المرحلة التشغيلية، حيث تم إنشاء البرامج التعليمية والتدريب المهني ومبادرات بناء القدرات لتمكين السكان المحليين من المهارات التي يمكن تطبيقها داخل المجمع وفي القطاعات الأخرى.

إمكانيات التنمية القروية

يمتد تأثير مجمع نور إلى ما هو أبعد من خلق فرص العمل الفورية والمشاركة المجتمعية، وصولاً إلى مجال تنمية القرية، مع قيام المغرب بتوسيع قدرته في مجال الطاقة المتجددة، هناك تركيز متزايد على تطوير البنية التحتية المستدامة في المناطق الريفية، مما أدى وجود مجمع نور إلى تحفيز الاستثمارات في الطرق والمواصلات والمرافق الأساسية، مما أدى إلى تحويل القرى النائية إلى مجتمعات أكثر ارتباطًا وازدهارًا.

كما أدى الوصول إلى الكهرباء الموثوقة والميسورة التكلفة إلى تحفيز الأنشطة الاقتصادية بشكل أكبر، وتمكين الشركات من الازدهار وتحسين نوعية الحياة بشكل عام.

احتجاجات مؤججة ووعود تنتظر التحقق

في حديثه معبلادنا24، قال أحمد، فاعل مدني من ساكنة دوار مجاور للمجمع الطاقي نور، أن هذا المجمع ساهم بشكل كبير في تنمية المنطقة، وذلك بتعبيد الطريق وإطلاق مبادرات تهم القطاع الفلاحي، فضلًا عن حملات طبية يستفيد منها المئات من السكان النائيين، وهو ما رحبنا به بالفعل في هذه المنطقة التي لطالما عانت الفقر والتهميش وصعوبة التضاريس والمناخ“.

كما أوضح المتحدث عينه، أن افتتاح المشروع صاحبه احتجاجات كبيرة من طرف الساكنة المحلية، بسبب استحواذ الوكالة المغربية على مساحات شاسعة كانت تستعمل حصرًا لرعاية الأغنام، والتي توارثها السكان أبًا عن جد، إلا أن تدخل الوكالة والسلطة المحلية عجلت بإخماد التظاهرات، بعد تلقينا لوعود بتوفير أزيد من 2000 فرصة شغل سيستفيد منها أبناء المنطقة، وهو ما أدخل لنفوسنا بصيص أم رحبنا به“.

وأضاف المصدر ذاته، في تصريحه لبلادنا24، أنهرغم حصول بعض الساكنة على فرص شغل، إلا أنه لم يتم الوفاء بكامل الوعود، ولازلنا ننتظر بفارغ الصبر، وهو ما يجعلنا نستحمل هذه المراقبة الثقيلة، حيث أصبحت تحركاتنا مراقبة على طول السياج الحديد الفاصل، وأصبحنا نرى تحركات عسكرية، كما أننا لم نعد نتنقل بحرية، وتم إغلاق إحدى الممرات الجبلية التي كنا نستخدمها، وتم استبدالها بمسلك طرقي معبد أطول مسافة، مما يكبدنا عناء أكثر في السفر من وإلى ورزازات لاقتناء ما يلزمنا أو للتسوق“.

كما يضيف المتحدث، أنشباب المنطقة الأكفاء الحاصلين على الدبلومات، لم يتوفقوا في الحصول على وظيفة من الوظائف التي كانت قد عرضتها الوكالة، والتي يتراوح مرتبها بين 2500 و3000 درهم، أي في حدود الأدنى للأجور، وذلك لإصرارهم على قبول القاطنين في المدينة فقط، تحت ذريعة أن التنقل إلى المشروع متوفر فقط في مدينة ورزازات، وهو ما حرم العديد من أبناء المنطقة من هذه الفرصة بسبب عجز هذا الراتب الهزيل عن اكتراء شقة ولو مشتركة، مما دفع بهذه الفرص أم تذهب للشباب قادم من مناطق أخرى“.

كما يوضح أحمد، أنالعديد من أبناء المنطقة الحاصلين على الدبلومات، قد اشتكوا من المحسوبية والزبونية، في ما يتعلق بالحصول على هذه الوظائف، مشيرين إلى أنهم قد تقدموا بسيرتهم الذاتية، لكن دون جدوى. لكنها تبقى مزاعم فقط دون وجود أي دليل ملموس يدعم هذه الادعاءات، حسب المتحدث نفسه.

وبحسب ما خلصنا إليه، عن طريق ما عايناه وما توصلنا به من معطيات، فإن مجمع نور، يتعبر مثالاً ساطعًا على القوة التحويلية للبنية التحتية للطاقة المتجددة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، إذ لم تؤد قيادة المغرب في تبني مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق إلى وضع البلاد كمسؤول بيئي عالمي فحسب، بل أطلقت أيضًا العنان لموجة من التغيير الإيجابي على المستوى المحلي. كما تؤكد التأثيرات المترابطة لخلق فرص العمل والمشاركة المجتمعية والتنمية القروية على إمكانات مبادرات الطاقة المتجددة لدفع التقدم الشامل والمستدام.

إلا أن المنطقة لازالت تعاني بعض التحديات التي يجب التصدي لها في أقرب وقت ممكن، وذلك لضمان راحة الساكنة المحلية، التي تعتبر عاملًا أساسيًا في نجاح هذا المشروع، كما يجب الوفاء بالوعود المقدمة لهم لتجسيد مصداقية الوكالة المغربية للطاقة المستدامة، وكذا لتحقيق التنمية المطلوبة في المنطقة.

تحديات في الأفق.. إشكالية التكامل والتنظيم

لا يأتي مسعى بدون تحديات، لذلك لمزيد من التحقيق، نكشف عن تعقيدات دمج المصادر المتجددة المتقطعة مثل مجمع نور في شبكة الطاقة الحالية في المغرب؛ وبالإضافة إلى ذلك، نقوم بفحص المشهد التنظيمي، وتسليط الضوء على السياسات والأطر التي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مسار المجمع.

أثار الدفع العالمي نحو حلول الطاقة المستدامة اهتمامًا كبيرًا حول دمج المصادر المتجددة المتقطعة في شبكات الطاقة الحالية، وكأحد هذه المساعي البارزة نجد مجمعنور، المشروع الرائد في مجال توليد الطاقة الشمسية المركزة (CSP)، بحيث بينما الفوائد المحتملة لتسخير الطاقة المتجددة كبيرة، فإن التعقيدات المرتبطة بدمج المصادر المتقطعة في شبكة الطاقة الحالية في المغرب تتطلب دراسة متأنية وتخطيطًا استراتيجيًا معمقًا.

تحديات التكامل المتقطع للطاقة المتجددة

تخضع المصادر المتقطعة للطاقة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح بطبيعتها للتقلبات المرتبطة بالظروف الجوية، بحيث يعتمد مجمع نور، على سبيل المثال، بشكل كبير على الطاقة الشمسية، مما يجعل قدرته على التوليد عرضة للتغيرات في الغطاء السحابي وساعات النهار، ويمكن أن يؤدي هذا التباين إلى عدم الاستقرار في إمدادات الطاقة، مما قد يتسبب في حدوث اضطرابات في الشبكة.

ويمكن أن يشكل تكامل مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة تحديات عديدة أمام استقرار وموثوقية شبكة الطاقة، بحيث يمكن أن يؤدي الانخفاض المفاجئ أو الارتفاع المفاجئ في إنتاج الطاقة إلى إجهاد الشبكة، مما يؤثر على جودة إمدادات الكهرباء ويحتمل أن يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي بالكامل، ويصبح تحقيق التوازن بين العرض والطلب أكثر تعقيدًا عند التعامل مع المصادر غير المتوفرة باستمرار.

وتتطلب معالجة الطبيعة المتقطعة للمصادر المتجددة حلول تخزين طاقة فعالة، إذ تلعب أنظمة تخزين البطاريات وتقنيات التخزين الأخرى دورًا مهمًا في تخزين الطاقة الزائدة أثناء ذروة الإنتاج وإطلاقها خلال فترات انخفاض الإنتاج، كما تعد أنظمة الإدارة والتحكم الفعالة للشبكة ضرورية لتحسين استخدام الطاقة المخزنة وضمان إمداد ثابت للطاقة.

كما قد يتطلب دمج مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق مثل مجمع نور ترقيات محورية للبنية التحتية للطاقة الحالية، بحيث يجب أن تكون الشبكة مجهزة للتعامل مع السعة المتزايدة واستيعاب تدفق الطاقة ثنائي الاتجاه بين المجمع والشبكة، ويمكن أن تكون هذه الترقيات كثيفة الاستخدام للموارد وتتطلب تخطيطًا دقيقًا.

هذا، ويتطلب تكامل مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة أيضًا أطرًا وأنظمة سياسية داعمة، ويجب صياغة الحوافز وهياكل التسعير وقواعد الوصول إلى الشبكة بعناية لتشجيع تطوير الطاقة المتجددة مع ضمان سوق طاقة عادلة ومستقرة، مع الإشارة إلى أن المبادئ التوجيهية الواضحة ضرورية للتشغيل السلس لمشاريع مثل مجمع نور.

الحلول والاستراتيجيات

يمكن أن تساعد النماذج المتطورة للتنبؤ بالطقس والنماذج التنبؤية في توقع التقلبات في إنتاج الطاقة المتجددة، وذلك من خلال التنبؤ الدقيق بالتغيرات في موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما يمكن لمشغلي الشبكة تعديل توليد الطاقة وتوزيعها بشكل استباقي.

ويمكن أن يؤدي البحث المستمر والاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة إلى حلول أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة، فيما يمكن أن تؤدي التطورات في تكنولوجيا البطاريات والتخزين على نطاق الشبكة وأنظمة الاستجابة للطلب إلى تعزيز موثوقية المصادر المتجددة المتقطعة.

هذا، وتتيح تقنيات الشبكة الذكية الاتصال في الوقت الفعلي بين منتجي الطاقة والمستهلكين والشبكة نفسها، بحيث يسمح ذلك بموازنة الحمل الديناميكي، والاستجابة السريعة للتقلبات، وتوزيع الطاقة الأمثل، مما يقلل من تأثير التقطع المحتمل للطاقة.

ويمكن أن تساعد استراتيجيات إدارة جانب الطلب، مثل تحفيز استهلاك الطاقة خارج أوقات الذروة، في مطابقة أنماط استهلاك الطاقة مع توليد الطاقة المتجددة، مما يقلل الضغط على الشبكة خلال ساعات الذروة.

كما يعد التعاون الفعال بين الهيئات الحكومية وشركات المرافق ومطوري الطاقة المتجددة وغيرهم من أصحاب المصلحة أمرًا بالغ الأهمية، ويضمن الجهد المنسق أن تكون عملية التكامل جيدة التنسيق، من صياغة السياسات إلى التنفيذ الفني.

هذا، ويعد دمج المصادر المتجددة المتقطعة مثل مجمع نور في شبكة الطاقة المغربية خطوة مهمة نحو توليد الطاقة المستدامة، إلا أنه ومع ذلك، فإنه يأتي مع مجموعة معقدة من التحديات المتعلقة بالتنوع، واستقرار الشبكة، وكذا البنية التحتية، والأطر التنظيمية، من خلال اعتماد حلول مبتكرة، والاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز الشراكات التعاونية، يمكن للمغرب أن يتخطى هذه التعقيدات ويمهد الطريق لمستقبل طاقة أكثر مرونة وصديقًا للبيئة، إذ سيكون التكامل الناجح لمشاريع مثل مجمع نور بمثابة نموذج للمناطق الأخرى التي تسعى إلى احتضان فوائد الطاقة المتجددة مع إدارة طبيعتها المتقطعة بفعالية.

سطوع عصر الطاقة الجديد.. “خواطر ختامية

تكشف الرحلة التي خضناها عبر مشهد الطاقة المتجددة في المغرب، والتي يجسدها مجمع نور للطاقة الشمسية، عن أمة تسعى جاهدة من أجل الاستقلال في مجال الطاقة مع إعطاء الأولوية للاستدامة؛ بينما يقترب هذا التحقيق من نهايته، فإننا نستذكر الدروس المستفادة والخطوات التي تم إحرازها والإمكانيات المستقبلية التي يمكن أن تدفع المغرب نحو مستقبل أنظف وأكثر اخضرارًا.

وفي ختام هذا التحقيق، نخلص إلى أن مجمع نور للطاقة، قد أدى بلا شك إلى تحوّل هائل في مشهد الطاقة في المغرب، ودفع البلاد إلى طليعة ابتكارات الطاقة المتجددة، بحيث لا يعكس تأسيسها إنجازًا رائدًا في مجال التكنولوجيا المستدامة فحسب، بل يُعد أيضًا مثالًا مقنعًا للدول المجاورة لمحاكاة وتكرار مهامهم الخاصة من أجل حلول طاقة أنظف وأكثر كفاءة.

كما يعد الالتزام المحوري لمشروع نور بتوفير فرص عمل كبيرة للشباب المحليين حجر الزاوية في تأثيره المجتمعي، وذلك من خلال دمج الشباب من المنطقة في القوى العاملة بالمشروع، إذ لا يساعد المجمع في التخفيف من مخاوف البطالة فحسب، بل ينمي أيضًا قوة عاملة ماهرة يمكنها المساهمة في النمو المستمر للمشروع وصيانته.

هذا، وإن التقدم التكنولوجي الذي تحقق من خلال تسخير الطاقة الشمسية المركزة قد وضع المغرب بلا شك كرائد عالمي في مجال الطاقة المتجددة، غير أنه ومع ذلك، يجب عدم الاستهانة بالعبء المالي الناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج لهذه التكنولوجيا المتطورة، لهذا من الضروري أن يقوم مشروع نور بصياغة استراتيجية شاملة واستباقية لإدارة هذه التكاليف بفعالية، وبالتالي ضمان الاستدامة المالية للمشروع وإمكانية استمراره على المدى الطويل.

وفي حين قطع مجمع نور للطاقة خطوات كبيرة في تقليل اعتماد المغرب على الوقود الأحفوري، فمن الضروري الاعتراف بالتحديات متعددة الأوجه التي تنتظره، بحيث تتطلب العملية المعقدة لدمج مصادر الطاقة المتقطعة في الشبكة الكهربائية الحالية حلولًا مبتكرة وتوازنًا دقيقًا لضمان إمداد طاقة ثابت وموثوق للأمة.

الختام

لقد كان هذا المسعى الاستقصائي شهادة على قوتنا في كشف الروايات المعقدة، وعلى الرغم من العقبات التي تفرضها المراجع ومصادر المعلومات المحدودة، فقد أدى التفاني المستثمر في هذا التحقيق إلى فهم شامل لتأثيرات مجمع نور للطاقة وتعقيداته، وذلك مع استمرار السعي الصحفي من أجل الحقيقة والشفافية، فإن هذا التحقيق بمثابة تذكير بأن التقارير المتعمقة يمكن أن تلهم الحوار المستنير، والتأثير على القرارات الحاسمة، وكذا المساهمة في نهاية المطاف في تشكيل مستقبل مستدام ومزدهر للمغرب وخارجه.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *