بوشيبة لـ"بلادنا24": هنالك هوة بين التنظير والتطبيق في مجال حماية الطفولة ورئاسة النيابة العامة لا تتفاعل معنا

بوشيبة لـ”بلادنا24″: هنالك هوة بين التنظير والتطبيق في مجال حماية الطفولة ورئاسة النيابة العامة لا تتفاعل معنا

نشر في: آخر تحديث:

أثار تخفيض الحكم على شخص قام بهتك عرض قاصر والتشهير بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سنة ونصف إلى ثمانية أشهر سخطاً في أوساط الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الطفل، واعتبروا بأن تخفيض الحكم يشجع أشخاصاً آخرين خاصة البيدوفيليين على التمادي في سلوكاتهم المشينة والاستمرار في اغتصاب الطفولة والأطفال.

وقال محمد الطيب بوشيبة، الخبير في شؤون الطفولة والمنسق الوطني لمنظمة ماتقيش ولدي، في اتصال هاتفي أجراه مع  موقع “بلادنا24″ :” بأنه يجب إعادة النظر في هذا الحكم ذلك لأن نشر الصور يدخل في إطار التشهير والاتجار في البشر وهو ما يستوجب تشديد العقوبة وليس تخفيضها ،بشكل يشجع باقي البيدوفيليين على الاستمرار في الاعتداء على الأطفال”.

وأكد بوشيبة بأن المغرب قطع أشواطاً كبيرة فيما يتعلق بحماية الطفولة على مستوى القوانين والسياسات ، لكن هنالك هوة شاسعة بين الشق النظري والتطبيقي، مشيراً إلى أن المغرب كان سبّاقاً للتوقيع على الاتفاقيات الدولية وكذا البروتوكولات الملحقة بها فيما يخص حماية الطفل والطفولة، وهو ما يلزمه بسن قوانين تحميهم على أرض الواقع بشكل استباقي وإنزال عقوبات قاسية في حق كل معتدي على الأطفال حتى نتمكن من الحد من هذه الظاهرة أو على الأقل تقليصها، مطالباً بتقنين الإخصاء الكيميائي لكل من ثبت تورطه في الاعتداء على الأطفال.

وأوضح بوشيبة بأن هنالك بعض الإجراءات التي تحول دون حماية الأطفال من التعرض للاعتداءات الجنسية: “فمثلا حينما يتعرض طفل أو طفلة إلى الاختطاف أو الاختفاء يجب أن ينتظر الآباء مرور 48 ساعة من أجل تحرك الشرطة للبحث عليهم، وهذا إجراء غير قانوني وخاطئ، إذ يجب أن نتجند جميعاً منذ الوهلة الأولى التي يختفي فيها الطفل، وأن نبث إعلانات عبر الإعلام المكتوب  والمرئي والمسموع على المستوى الوطني، وهذا إجراء تم إعتماده في أمريكا وأوروبا وأطلق عليه إسم “امبر ألرت”، وبالنسبة للمغرب، فإن منظمة ماتقيسش ولدي قامت بمراسلة رئاسة النيابة العامة واقترحت عليها اعتماد إجراء أطلقنا عليه اسم “عدنان أليرت”، وهذا بعد وفاة الطفل عدنان، وقد مرت سنة ونيف ولازلنا ننتظر الرد من النيابة العامة التي لم ترد سواء بالقبول أو بالرفض”.

وأضاف بوشيبة: “كما قامت المنظمة باقتراح إجراء  “حنا معك” الذي كان بمثابة اتفاق مع وزارة الداخلية، وهو اتفاق يلزم كل جماعة حضرية أو قروية بإنشاء قسم يحمل هذا الإسم، ويعنى هذا القسم بالاستماع للأطفال ضحايا كافة أشكال الاعتداءات ومن ثم التدخل في حدود اختصاصهم أو إحالة الملف على الجهات المختصة من أجل النظر والبث فيه، ولكن للأسف تم إنشاء هذا القسم في تارودانت وكنا ننوي تعميمه على المستوى الوطني إلا أنه لم يتجاوز تارودانت”.

وواصل المتحدث نفسه: “كما وضعنا حقيبة بيداغوجية رهن وزارة التربية الوطنية، وتضم هذه الحقيبة دليلا لحماية الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية يتضمن إرشادات لما يجب فعله عند تعرض الطفل لاعتداء جنسي، كما يتضمن أفلاما ومسرحيات توعوية ومجموعة من الأوراش التحسيسية، إلاّ أن الوزارة لم تبد أي تفاعل. هذا بالإضافة إلى العديد من الاقتراحات التي قمنا بتقديمها لكن لم يتم الأخذ برأينا كمجتمع مدني، لكننا لن نرجع إلى الوراء وسنستمر في التوعية والتحسيس وتبني هذه القضايا”

وتطرق الخبير في شؤون الطفولة لما أسماه بـ”الثغرات الكبيرة” في القانون الجنائي فيما يخص حماية الطفولة، قائلاً:” حينما يتعرض الذكر لاعتداء جنسي يعتبره القانون “هتك عرض” في حين إذا تعرضت الأنثى لاعتداء جنسي نعتبره “اغتصابا” ما يبرز بأن هنالك نظرة تفصل ما بين الجنسين في حالة تعرضهما للاعتداء ،في الوقت الذي نُطالب فيه بالمساواة بين الجنسين وتغييب الفوارق الاجتماعية، مطالبا بإلغاء النصوص التي تنص على هتك العرض وتغييرها لتنص على “الإغتصاب” مهما كان حجم وشكل الاعتداء، ذلك لأن مجرد لمس الطفل أو التحرش به يعد اغتصابا له ولطفولته ويدخل في إطار المتاجرة به ويجب الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه العبث بأجساد الأطفال.

وخلص بوشيبة إلى أن الطفل المغربي غير محصن بما يكفي، سواء الأطفال الذين يعيشون داخل أسرهم أو أولئك الذين يقبعون في مراكز الحماية الاجتماعية أو الأطفال في وضعية الشارع، وأن هنالك عوامل كثيرة ساهمت في رفع مستوى الاعتداءات الجنسية على الأطفال من بينها وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت عملية وصول “الجاني المريض نفسيا” إلى ضحيته. وزاد: “كما أننا أصبحنا نشهد غيابا تام للآباء واستقالتهم من تربية أطفالهم على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه، وبدل أن يتم تربيتهم على بعض القيم ومنحهم الحنان اللازم يصبح الطفل بمثابة استمرارية نفسية لعقد الآباء الذين يفرغون فيهم أمراضهم النفسية وعقدهم، وهو ما أسماه بإعادة إنتاج الخطيئة والأمراض النفسية”.

اقرأ أيضاً: