“باربي” يعيد تعريف المفهوم التقليدي للمرأة المثالية

لم يكتسح فيلم “باربي” شباك التذاكر فقط بتجاوز عائداته مليار دولار، بل اجتاح أيضا صداه مختلف العلامات التجاربة، مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار اليومية العالمية، وأثار الجدل حول ما يطرحه من أفكار اعتبرت عند عدد من النقاد ومن شاهدوه بالنسوية المتطرفة، مسيئة للرجل ومحرضة على نشر الفكر النسوي.

جاء فيلم “باربي” لمخرجته غريتا جيرويج ليعيد صياغة الصورة النمطية لباربي والمفهوم التقليدي للأنوثة والمثالية، ويفكك الأفكار المرتبطة بعالم باربي الوردي الذي يخلو من أي تحديات وعوائق وطموح، بل أكد الفيلم أن هذا العالم يحتوي فقط على الناجحات الذكيات ومن يكتسحن أهم المناصب.

المرأة الباربي في الفيلم هي إمرأة ناجحة ومستقلة تتفوق في مجال عملها، تمتلك منزل أحلامها، وسيارتها، واستقرارها المالي، دون الاعتماد على الرجال لتحقيق أي من إنجازاتها، في هذه السردية، يلعب الرجال في عالم الباربي دورًا ثانويًا، متناقضًا مع التصوير التقليدي حيث تكون سعادة المرأة مرهونة بتدخل الرجل، أو أنهم يكملان بعضهم من أجل حياة ناجحة وسعيدة.

قصة فيلم “باربي”

تنتقل “باربي” و”كين” من عالم الباربي إلى العالم الحقيقي، بهدف تصحيح الأفكار الخاطئة التي تكونت لدى الفتيات الصغيرات بشأن الكمال الذي لا يمكن تحقيقه كما هو موصوف في شخصية باربي منذ سنين مضت، فمن خلال تجسيد النجاح دون الالتزام بالمعايير الاجتماعية والمعايير غير الواقعية، تشجع باربي النساء على اعتناق هويتهن الحقيقية، بعيدًا عن الضغط لتحقيق مقاييس مثالية.

تساعد أمريكا فريرا التي تلعب دور “كلوريا”، “باربي” في مهمتها هذه، وتنقذها أيضا بعد عودتها لعالم الباربي من عثرات كادت تقلب كل الموازين بالفيلم، وتشجعها على مواصلة تحقيق طموحاتها، وبالتالي إنقاذ النساء في عالم الباربي من الخضوع التام للرجل.

الرجل في عالم “باربي” مجرد ”كين”

Barbie': What to know about Margot Robbie-Ryan Gosling movie - Los Angeles Times

يكسر الفيلم مفهوم التبعية للرجل بقوة، ويقدم وجهة نظر تكمن في أن سعادة “باربي” تكمن في إنجازاتها الشخصية وعلاقاتها مع زميلاتها الباربي فقط، بدلاً من الاعتماد على الذكور للتحقق من قيمتها، في المقابل تكمن أهمية الرجل في عالم الباربي أم ما يطلق عليه “كين” في اهتمام المرأة به.

تخلل الفيلم أغنية حملت اسم كين عنوانها «أنا مجرد كين»، أكدت كلماتها أن كين هو مجرد ظل باربي فقط، وقال ريان جوسلينغ الذي لعب دور كين في كلمات الأغنية: «يوجد باربي وكين، ولا يوجد كين وحده»، حوار آخر همش دور الرجل الكين في حياة الباربي عندما قالت الراوية في الفيلم: «لدى باربي يوم رائع كل يوم، لكن كين يكون يوم رائع فقط إذا نظرت إليه باربي».

هل فعلا تعمد الفيلم تهميش والتقليل من الرجل في عالم الباربي؟ أم أن الأمر تمهيدا لإزالته من الوجود مستقبلا لأن الصورة الجديدة للباربي هي إمرأة مستقلة ناجة بدون وجود رجل؟ أم أن كين يستعد للعودة بقوة عند الشركة المصنعة ماتيل؟.

لمعرفة حقيقة الرسالة التي أراد الفيلم تمريرها في هذا الجزء بالضبط يجب أن نعرف خلفية تاريخ كين، وبالضبط عندما قام محامي شركة ماتيل عام 2004 بإعلان انفصال الثنائي باربي وكين خلال مؤتمر صحفي خصص لإعلان هذا الخبر، ولم يظهر في أفلام الباربي منذ ذلك إلى حين عام 2009، ثم عام 2011 عندما خلال حملة إعلانية حول انفصال وعودة الثنائي الشهير.

أداء الممثلين

قدمت مارجوت روبي شخصة باربي بأداء كان أقرب بشكل كبير بالدمى من خلال حركات ذراعيها ومفاصلها التي جعلتنا نصدق أنها فعلا من البلاستيك بشكل واقعي، وبدأ هذا الأداء يتحول إلى أداء وحركات جسدية وتعبيرة بشرية بعد بدأها باستكشاف العالم الواقعي، وجاءت لحظة التحول هذه بعد مشهد يمكن وصفه باللحظة المؤثرة، حيث كانت باربي هادئة على مقعد بالحديقة تراقب البشر بصمت وتستكشف عالم اخر بعيد عن المثالية والألوان الزهرية.

Barbie movie trailer shows Margot Robbie and Ryan Gosling in some real world trouble - Daily Record

تمكن ريان جوسلينغ من تجربة مجموعة من الصفات الذكورية والانتقال بسلاسة بين شخصيتين خلال أدائه لدور كين، كان في بداية الفيلم الرجل الذي تتمحور حياته حول اهتمام باربي به، وأعطت تعبيرات وجهه وجسده فكرة واضحة على شخصيته المغلوب عن أمرها، ليتحول بعدها إلى شخصية قيادية ثم قيادية وشريرة إلى حد ما، وبين كل هذه الانتقالات في الشخصية حافظ ريان على شخصيته المرحة والكوميدية.

صراع بين بين القوى النسوية والذكورية التقليدية

في قلب أحداث الفيلم، يبرز صراع بين القوى النسوية والذكورية التقليدية، بعد اكتشاف “كين” أن الرجال يمتلكون سلطة كبيرة في المجتمع الحقيقي ويحاول فرضها في عالم الباربي، ومع ذلك، ينتهي الفيلم برسالة تشدد على أهمية أن يسعى كل من الجنسين لاكتشاف هويته الحقيقية، بمعزل عن اعتمادهما على جنسهما أو الجنس الآخر لتحديد هويتهما.

Paunch-free zone: why the Barbie movie's body diversity message shortchanges Ken | Barbie | The Guardian
يسلط الفيلم الضوء أيضًا على صورة المرأة الخاضعة تمامًا للرجل، وخاصة اللواتي يقيدن هويتهن بإرضاء الرجال، يؤكد الفيلم على أن النساء يمكنهن وينبغي لهن أن يحتلن مواقع مؤثرة في المجتمع، وأن يطالبن بالاحترام والاعتراف المتساوي مع الرجال، من خلال تعزيز فكرة أن النساء متمكنات بنفس القدر على تحمل مناصبة عالية ومحترمة كالرجل، وتقديم مساهمات ذات مغزى للمجتمع بدلا من الخصوع التام له.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *