الملك محمد السادس.. 23 سنة من الدفاع عن الثوابت الوطنية

تولى الملك محمد السادس العرش بتاريخ 23 يوليوز 1999، وتوج بُعمر الخامسة والثلاثين رسميا ملكا للمملكة المغربية في 30 يوليوز من نفس الشهر، مؤسسا لمغرب قوامه المنافحة باستماتة عن السيادة الوطنية والدينامية الاقتصادية ذات الأثر المباشر على المواطن المغربي.

جعل الملك محمد السادس من السيادة الوطنية صنوانا لعمله، إذ شهد نزاع الصحراء خلال فترة توليه الحكم العديد من المستجدات التي تعامل معها بحكمة وتبصر في سبيل تثبيت الوحدة الترابية والأخذ بها إلى بر الأمان، متخذا جملة من القرارات الجريئة التي حجّمت من تحركات جبهة البوليساريو وطوقت أطروحتها على الرغم من جملة المطبات ومحاولات التشويش، سواء ما تعلق منها بالجارة الشرقية أو على مستوى مجلس الأمن الدولي أو منظمة الأمم المتحدة التي تحول أمينها العام في وقت من الأوقات إلى طرف في النزاع بدل استلهام موقف الحياد، أو على مستوى منظمة الاتحاد الأفريقي أيضا.

حكم الملك محمد السادس.. سحب الاعترافات بجبهة البوليساريو

لم يتوانى الملك محمد السادس خلال بداية حكمه في التركيز على القضية الوطنية، إذ باشر بعد توليه العرش مقاربة خاصة في التعاطي لنزاع الصحراء من خلال إنفتاح دبلوماسي كبير دوليا مكّنه من سحب الإعتراف بجبهة البوليساريو وكسر شوكتها على مستوى القارة الأفريقية وأمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا، علاوة على القارة الاوروبية.

بدأ الملك محمد السادس فترة حكمه للمغرب بتجسيد مقاربة سحب الإعتراف الهجومية وإختراق معاقلها لتكريس عزلة جبهة البوليساريو، حيث تكللت مساعيه بالنجاح عندما طوّقها على مستوى بلدان من قبيل جزر سليمان وجزر ناورو ومدغشقر والسيشل، كوستاريكا وتشاد وأفغانستان وكيريباتي وموريشوس وصربيا والجبل الأسود، فضلا عن كولومبيا والهند وألبانيا والباراغواي وجزر الدومينيكان وغيرها من الدول، إذ بلغ عدد البلدان التي لا تعترف بكيان البوليساريو الوهمي 163 دولة إلى حدود اللحظة في إنتظار المزيد.

مساعي ملكية حثيثة ومقاربة فاعلة قادت المملكة المغربية للتقدم بخطوات على مستوى نزاع الصحراء وتحقيق سلسلة نجاحات سياسية بُنيت على إثرها تحالفات كان لها دور مهم في إقبار أي مخططات للنيل من الوحدة الترابية للمملكة على صعيد المنتظم الدولي، لاسيما الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

ميلاد مبادرة الحكم الذاتي

شهدت القضية الوطنية عديد التطورات والأحداث التاريخية لعل أبرزها إعلان المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس عن مبادرة الحكم الذاتي في أبريل من سنة 2007، وهي المبادرة التي قدمها الملك محمد السادس لإنهاء نزاع الصحراء وتسويته، وحظيت بإشادة دولية منقطعة النظير، إذ أماطت المبادرة المغربية اللثام فعليا عن رغبة وإنخراط المغرب في البحث عن حل سياسي وُصف دوليا بالجدية والمصداقية في وقت يعيش فيه الملف على وقع الجمود، وعَكَس مساعيها في تحقيق أمن وإستقرار منطقة المغرب العربي بأكملها.

قدّم الملك محمد السادس مبادرة الحكم الذاتي كحل أساس لقضية الصحراء، وجعل منها حاضنة للصحراء والصحراويين شرق وغرب الجدار الرملي على ضوء ما ستُتيحه المبادرة لتلك الساكنة من تدبيرٍ لشؤونهم السياسية الإقتصادية والإجتماعية تحت علم المملكة المغربية، وما سيحظون به من مستقبل زاهر وعيش كريم وحقوق محفوظة للحد من الشتات وتكريس لمَّ الشمل بين عائلات عانت العزلة لأربعة عقود من الزمن.

لقد ضربت مبادرة الحكم الذاتي الملكية عصفورين بحجر واحد، فبخلاف تأكيد المغرب لإنخراطه في تسوية نزاع الصحراء والحظوة بالمصداقية، ساهمت المبادرة الملكية في إقبار عديد المقترحات التي تدعمها أطراف معادية على غرار الجارة الشرقية، إذ وأدت المبادرة بصفة تامة مقترحات متجاوزة وغير واقعة من قبيل “الإستفتاء”، خاصة مع إشادة الأمم المتحدة بها كخيار سياسي عادل ودائم ومقبول للملف العالق.

وأد توسيع صلاحيات المينورسو وندية تجاه إدارة باراك أوباما

وقف الملك محمد السادس ندا للند في أبريل من سنة 2013 في مواجهة الإدارة الأمريكية التي عمدت خلال المناقشات التي تسبق المصادقة على قرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء على توزيع مسودة قرار بصفتها حاملة القلم على أعضاء مجلس الأمن، تلك المسودة التي كادت تعصف بعلاقات الرباط وواشنطن، حيث ضمّنتها الولايات المتحدة الأمريكية لمقترح يقضي بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، ما يعني بشكل مباشر معاداةّ واضحة للسيادة المغربية وتشكيكا في مؤسساته.

مسودة خلقت تصدعا في علاقات البلدين على ضوء محاباتها الواضحة لجبهة البوليساريو والجزائر اللتان إحتفلتا بها قبل المصادقة على قرار مجلس الأمن وجعلتا منها نصرا سياسيا في مشوار الألف ميل بالقضية الشائكة، حيث حولاها إلى مرجع يتيح لهما إستجداء مواقف مستقبلية من القوى العظمى وإستغلال المقترح للدفع بالأقاليم الجنوبية نحو هاوية غير محسوبة العواقب للضغط على المملكة المغربية.

حكمة الملك السادس وتبصره دفعا به وعلى حين غرة للتدخل بصفة مباشرة، عندما هاتَف الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، وإتخذ خطوات تصعيدية من بينها التلويح بإلغاء مناورات الأسد الأفريقي، فضلا عن اتصالات مع الأعضاء الدائمين كروسيا وفرنسا، وكذا إسبانيا العضو بـ “مجموعة اصدقاء الصحراء الغربية” في مجلس الأمن الدولي، وهي الجهود الملكية التي عجّلت بسحب الإدارة الأمريكية لإقتراحها المعادي وسط خيبة أمل لأعداء الوحدة الترابية للمملكة لازالوا يجنون تبعاتها داخليا وخارجيا.

العودة للحاضنة الأفريقية

اتسم الملك محمد السادس بالواقعية والحكمة في التعاطي للقضية الوطنية، وذلك من خلال إعتماد تحركات إستهدفت القطع مع سياسة الكرسي الشاغر أفريقيا التي إعتمدها المغرب منذ شتنبر من سنة 1984، إذ إنسحب آنذاك من منظمة الوحدة الأفريقية بعد قبول عضوية جبهة البوليساريو.

استبق الملك محمد السادس منذ توليه العرش طلب المغرب القاضي بالعودة لعمقه الأفريقي، وذلك من خلال زيارات شملت شمال القارة وجنوبها وشرقها وغربها منذ في سبيل التمهيد لعودة المملكة المغربية إلى منظمة الإتحاد الأفريقي، الشيء الذي تُوج برسالة ملكية موجهة للقمة الأفريقية المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي بتاريخ 18 يوليوز 2016، يعرب فيها صراحة عن عزم المغرب العودة للحاضنة الأفريقية.

بتاريخ الثلاثين من يناير سنة 2017 توجت القمة الأفريقية الثامنة والعشرون المنعقدة بأديس أبابا جهود الملك محمد السادس بقبول عضوية المغرب بواقع 38 صوتا أفريقيا ألَحَّ على وجوب عودة الرباط لمحيطها الأفريقي بإعتبارها عضوا مؤسسا للمنظمة التي كانت تحمل مسمى “منظمة الوحدة الأفريقية”.

قنصليات لتكريس الشرعية الدولية ودعم السيادة الوطنية

لم تتوقف جهود الملك محمد السادس منذ توليه العرش عن المنافحة بإستمامة عن السيادة الوطنية والذود عن الوحدة الترابية للمملكة، بل واصل مساعيه الحثيثة من أجل تثبيتها وتغليب الشرعية الدولية من خلال حشد مختلف الأصوات بالعالم للمجاهرة بدعم المغرب والقطع مع سياسة الإزدواجية التي تستلهمها بعض الدول على حساب مغربية الصحراء.

رفض الملك محمد السادس سياسة الإزدواجية ودفع بفضل الثقة التي يحظى بها دوليا بمختلف الدول لتجسيد دعم وحدة المغرب الترابية ميدانيا وواقعيا عبر إعلان إنفتاح الأقاليم الجنوبية للمملكة على الخارج من خلال إفتتاح قنصليات عامة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما تمت أجرأته بدءا من تاريخ 18 دجنبر 2019، عندما إفتتحت جزر القمر قنصليتها بالعيون كأول دولة لتتلوها بعد ذلك 25 دولة إفتتحت قنصلياتها العامة بمدينتي العيون والداخلة إلى حدود اليوم تأكيدا لموقفها القاضية بدعم سيادة المغرب على صحرائه.

قنصليات يرجع فيها الفضل للملك محمد السادس، و كان لها وقع كبير على نزاع الصحراء وعلى خصوم الوحدة الترابية، لاسيما الجزائر التي كرست نفسها كطرف أساسي بنزاع الصحراء من خلال ردود فعل فندت روايتها المتعلقة بكونها مجرد بلد ملاحظ أو محاور فيما يخص النزاع، إذ بادرت وزارة خارجيتها لإصدار بيانات مباشرة تندد بتلك القنصليات وتتوعد مُفتتحي القنصليات بالمتابعة القانونية والمناكفة على مستوى منظمة الإتحاد الأفريقي.

الضرب بيد من حديد في الگرگرات لتأمين العمق الأفريقي

تاريخ 13 من نونبر 2020 كان تاريخيا بالنسبة للمملكة المغربية، عندما إعتمد الملك محمد السادس الصرامة والحزم في التعاطي للإستفزازات المتتالية لأعداء الوحدة الترابية للمغرب، إذ بادر على حين غرة لتأمين معبر الگرگرات ووضع حد لعرقلة البوليساريو للمعبر، خاصة وأن تلك العرقلة سبقتها أولى في غشت 2016، عندما ولجت جبهة البوليساريو المنطقة العازلة وتواجه الطرفان قبل تدخل الأمم المتحدة لتُدين جبهة البوليساريو وتنسحب من المنطقة.

صرامة القوات المسلحة الملكية تجلت ميدانيا بعد إتصالات تحذيرية من الرباط للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قصد التدخل قبل نفاذ الصبر، وهو ما كان فعلا، لتؤكد المملكة عبر تدخلها الميداني قطعها لدابر أي محاولة للنيل من وحدته الترابية، حيث عمدت على تحرير المعبر وتأمينه لضمان تدفق السلع والأفراد طبقا لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ووفقا لقواعد تدخل واضحة تقتضي تجنب أي احتكاك بالأشخاص المدنيين، حسب بيان للقوات المسلحة الملكية.

قرار تحرير المغرب معبر الگرگرات من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية كان له الأثر المباشر على قضية الصحراء، حيث تمكن المغرب بفضله من إنتزاع ورقة إبتزاز لطالما إستعملتها جبهة البوليساريو للضغط على المنتظم الدولي ومحاولة لفت الإنتباه بإيعاز جزائري مع تقتراب كل مناقشة لملف الصحراء بمجلس الأمن الدولي، بل تجاوز ذلك لمحاصرتها والدفع بها لإنتهاك وقف إطلاق النار أمام مرأى ومسمع العالم الذي أدان قرار البوليساريو.

دعم أمريكي واضح لسيادة المغرب على الصحراء

بادر الملك محمد السادس لإتخاء خطوات تاريخية لتثبيت السيادة الوطنية عندما رفع من نسق تطورات الملف حد إنتزاع إعتراف أمريكي صريح وعلني بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم بتاريخ 10 دجنبر 2020، على ضوء الإتفاق الثلاثي المغربي-الأمريكي- الإسرائيلي، إذ أعلن البيت الأبيض في بيان له أن الولايات المتحدة باتت تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء، مشيرا أن الولايات المتحدة تؤكد كما ذكرت الإدارات السابقة دعمها لاقتراح المغرب للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء، مشددة “لذلك اعتبارا من اليوم تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء وتعيد تأكيد دعمها لاقتراح المغرب الجاد والموثوق والواقعي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء”.

لعب الملك محمد السادس دورا محوريا في إنتزاع الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء والتعبير عن إستعدادها لإفتتاح قنصليتها العامة بالداخلة، إذ كان الإعلان بمثابة نصر مؤزر للوحدة الترابية ومنحها الأسبقية في النزاع، خاصة على مستوى مجلس الأمن الدولي الذي تتولى الإدارة الأمريكية مسؤولية حاملة القلم المتحكم الرئيس في النزاع وصائغة قراراته فيما تعلق بالنزاع ضدا في الحضور الروسي وتطويقا لأي إقتراحات قد تشوش على مغربية الصحراء.

لقد ضرب الملك محمد السادس أكثر من عصفور من خلال الإعلان الأمريكي المُعترف بمغربية الصحراء، فبغض النظر عن إنتزاع موقف من دولة عظمى لها تأثيرها بالمشهد الدولي، فقد وضع دولا أخرى تحت ضغط الحذو حذو الإدارة الأمريكية لاسيما إسبانيا، كما نصّب مدافعا جديدا وجدارا عازلا بمجلس الأمن الدولي يحمي سيادة المغرب الوطنية من أي توجسات.

إسبانيا وخارطة علاقات جديدة عِمادها الثوابت الوطنية

شهدت العلاقات المغربية الإسبانية جملة من التحولات جراء إستقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، للعلاج من تداعيات الإصابة بفيروس كورونا في أبريل 2021، إذ شكل الإستقبال ومحاولة طمسه منعطفا خطيرا في العلاقات بين البلدين خفّض منسوب الثقة بين الجانبين، وإعتمد خلاله الملك محمد السادس مقاربة مسؤولة لحماية مصالح المغرب صنوانها خارطة علاقات جديدة مبنية على الإحترام المتبادل وإحترام الثوابت الوطنية.

كان للملك محمد السادس دور كبير في إنهاء الخلاف بين مدريد والرباط، ولعب خلال سحابة الصيف تلك التي مرت بها العلاقات دور صمام الأمان الذي حفظ للمغرب مصالحه وحقوقه ومكتسباته خاصة السيادة الوطنية، من خلال متابعة حثيثة أكدها في خطابه بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب، عندما أفاد في منطوقه السامي انه تابع شخصيا وبشكل مباشر سير الحوار وتطور المفاوضات.

نجح الملك محمد السادس خلال الأزمة مع إسبانيا في فرض الموقف المغربي القاضي ببناء علاقات جديدة وفق أسس جديدة أهمها المجاهرة بدعم وحدة المغرب الترابية، وما لذلك من تداعيات إيجابية تخدم مغربية الصحراء، خاصة وأن الموقف مُعتمَد من طرف القوة المستعمِرة السابقة للصحراء وعضو “مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية” بمجلس الأمن الدولي، وأحد الفاعلين أوروبيا المعنيين بشكل مباشر بالاتفاقيات التجارية بين الإتحاد الأوروبي والمغرب، وما قد توفره إسبانيا من دعم قصد تثبيت شمولية تلك الاتفاقيات لمنطقة الصحراء وتجاوز مطبات قانونية على مستوى محكمة العدل الأوروبية.

رضخت حكومة مدريد للموقف المغربي، وسارع رئيس حكومتها بيدرو سانشيث بتاريخ 14 مارس 2022 إلى بعث رسالة أكد فيها معبرا فيها جهارا نهارا عن دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي كأساس أكثر جدية ومصداقية وواقعية لحل النزاع، قبل أن يزور الرباط لتجديد تأكيد موقف بلاده الداعم للمغرب بتاريخ 7 أبريل الماضي، شدد خلالها بيدرو سانشيث على دور الملك محمد السادس في إستعادة العلاقات المغربية الإسبانية لزخمها مؤكدا في ندوة صحافية أن الملك محمد السادس اضطلع بدور “حاسم وبناء” في فتح مرحلة جديدة من الشراكة المغربية-الإسبانية، مشيدا بدوره الحاسم لإنهاء الأزمة بين البلدين، معربا عن إمتنانه للإهتمام الذي أبداه الملك لضرورة التوصل إلى اتفاق ووضع أسس متينة لعلاقة جديدة بين البلدين.

اليد الممدودة للجزائر وتعفُّفٌ عن المهاترات

اعتمد الملك محمد السادس منذ توليه العرش سياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر سواء خلال فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أو الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، إذ غلب على خطاباته السامية قاموس الأخوة والصداقة والروابط بين البلدين والمصلحة المشتركة دون التفريط في الثوابت الوطنية، ووجه دعوات صريحة لتجاوز الخلافات وتسويتها تحقيقا لمصالح الشعبين ومنطقة المغرب العربي وتنميتها، بيد أن تلك الدعوات لم تجد صدى لدى الجارة الشرقية المتمادية في تكريس عقيدة العداء للمملكة المغربية ووحدتها الترابية.

جسّد الملك محمد السادس منذ توليه العرش دوره كضامن لإستقرار المغرب وشمال المغرب العربي، إذ خاطب الجزائر عدة مرات أبرزها في خطابه بمناسبة الذكرى 12 لعيد العرش سنة 2011، عندما بادر إلى الدعوة لفتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ 1994، حيث تفاعل معها الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة بالإشادة بها دون تفعيل الدعوة نتيجة للموقف الجزائري من نزاع الصحراء وإصرارها على دعم جبهة البوليساريو، بالإضافة لدعوة أخرى للرئيس الحالي عبد المجيد تبون في خطابه سنة 2021 بمناسبة الذكرى 20 لعيد العرش الموجه للرئيس الحالي عبد المجيد تبون، عندما أفاد “نؤكد مجددا التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين”، قبل أن تلقى مصير سابقاتها.

على الرغم من عقيدة العداء للمملكة المغربية المستَلهمَة من قِبل بوتفليقة وخَلَفِه تبون، إلا أن الملك محمد السادس إختار الرزانة في التعاطي للتوتر مع الجزائر تأمينا لمصالح البلدين والشعبين، مُتعففا عن الخوض في حروب إعلامية وصلت أوجها بعد وصول عبد المجيد تبون للحكم، والذي هاجم المغرب وسيادته الوطنية علانية، مفضلا الذود عن البوليساريو، راهنا مستقبل الشعب الجزائري بنزاع الصحراء الذي إختلقه أسلافه.

وصلت العلاقات المغربية الجزائرية إلى مستويات قياسية من التوتر المُتخذِ من الجانب الجزائري، إذ أدت النجاحات التي قادها الملك محمد السادس سياسيا على مستوى نزاع الصحراء وتوالي الإعتراف الدولي بسيادة المغرب على صحرائه ودفاع الملك عن حقوق المغرب ومكتسباته دوليا إلى قطع الجزائر لعلاقاتها مع المغرب بتاريخ 24 غشت الماضي، وهو الإجراء الذي تعامل معه الملك وفق مقاربة غض الطرف وعدم الإنسياق خلف مهاترات تُعيق مواصلة المغرب لمسيرة التنمية وحصد الشرعية الدولية لقضيته الوطنية الأولى.

بلادنا24الوالي الزاز

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *