المغاربة وغلاء الأسعار.. بين ردة فعل عقلانية وانفجار مرتقب

يؤدي الخوف في غالب الأحيان إلى الغضب، والغضب يسبب الكراهية والكراهية تسبب المعاناة، هذا ما بات عليه وضع المغاربة منذ مدة، فلازال غضبهم قائم مند صدور قانون المالية لسنة 2023، حيث شهدت شوارع المملكة احتجاجات متتالية، وغضبا كبيرا من المواطنين والنقابات في مجموعة من المجالات، مما اعتبروه ضربا في حقوقهم، إذ انتهت سنة 2022، والمغاربة غاضبون، لتأتي 2023، وتزيد من لهيب الغضب الشعبي، بسبب استمرار غلاء في الأسعار والتدهور الاقتصادي، والصورة غير الواضحة من الحكومة للمستقبل.

الضغط يولد الانفجار

أدى ارتفاع تكلفة المعيشة وغلاء الأسعار، إلى تداول عدد من الهاشتاغات، كـ”لا لغلاء الأسعار، أخنوش إرحل..”، كلها مجموعة من الأحاسيس التي تعبر على ردة فعل المغاربة بسبب وضعهم الحالي، أسابيع من الاحتجاح شارك فيها مئات المواطنين، حيث رفع المحتجون شعارات منددة بتدهور وضعهم المعيشي، وداعية إلى تحسين قدرتهم الشرائية، مثل “الشعب يريد إسقاط الغلاء” و”علاش جينا واحتجينا.. المعيشة غالية علينا”.

“الشعب المغربي سيؤدي به الضغط إلى الانفجار”، يكشف أبو بكر حركات، أخصائي نفسي واجتماعي، مؤكدا أن “ردة فعل الشعب المغربي أمام موجة غلاء الأسعار، محتشمة وعقلانية ولا تتسم بالتهور”.

ردة فعل عقلانية

وأشار حركات، في تصريحه لـ“بلادنا24”، أنه “إذا قمنا بمقارنة ما يقع في المغرب مع ما يقع في نفس الوقت في فرنسا، منذ تفجير رئيسها للقنبلة السياسية “رفع سن التقاعد”، فالفرنسيون خرجوا بغضب وباتت فرنسا تشهد احتجاجات متتالية وعنف وغضب وتخريب، ما يؤكد فعلا أن المغاربة قد تضرروا، لكن ردة فعلهم لازالت عقلانية”.

وأضاف المتحدث، “الشعب المغربي مازل يتألم ماديا ومعنويا من ناحية قوانين المالية، التي تغني الغني وتزيد المتوسط والفقير فقرا، لتأتي أزمة غلاء الأسعار وتفيض الكأس أكثر”، وأبرز حركات أن “الحكومة مساهم رئيسي في هذا الغضب، لا من ناحية الإجراءات غير الملموسة، أو غياب التواصل الفعال، ما عدا خرجات الناطق الرسمي باسم الحكومة”.

التواصل الحكومي

وأفاد الخبير النفسي، “لا وزير الفلاحة ولا وزير التجارة ولا رئيس الحكومة الذي من المفروض عليه وعلى أعضاء حكومته الخروج للتواصل، خرجوا للتواصل بشكل فعال وواضح لشرح ما يقع بالتفصيل للشعب في ظل أزمة كهذه، والتضارب لحاصل ما بين والي بنك المغرب والمندوب السامي للتخطيط ووزارة المالية”.

واستنكر المتحدث، ذلك قائلا: “كل من هذه الجهات الرسمية يقدم أطروح مختلفة عن الأخرى، وهم جهات رسمية، الشعب يثق في مضمونها إلى حد ما، وهنا يجد المغاربة أنفسهم أمام خلط بين الحقبقة والأخبار المفبركة، التي تنشرها بعض المواقع، إذ تظل ثقتهم ضائعة”.

مؤشرات ساهمت في الارتباك

جدير بالذكر، أن المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، سبق وأن دق ناقوس الخطر، بسبب موجة الغلاء التي تجتاح البلاد، مؤكدا أنها غير ظرفية ومستمرة في ظل غياب مخططات حكومية ناجعة للحد منها، إذ أكد الحليمي، أن المغرب مقبل خلال السنوات القادمة في ظل الظرفية الحالية، على تحول في بنية طبقاته المجتمعية، مؤكدا أن الطبقة المتوسطة التي تعتبر عمود المجتمع ستختفي لتصبح بدورها طبقة فقيرة، فيما ستزداد الهوة بين هذه الأخيرة والطبقة الغنية.

ومن جهته، سبق وخرج الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بتصريح صحفي، أكد فيه أن إجراءات الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار لم تستطع أن تقضي على الغلاء، وأن الحكومة لا تعرف الوسطاء والمضاربين، الذين سبق وأن اتهمتهم بأنهم السبب وراء معاناة المغاربة.

ومن المؤشرات التي برزت في الساحة السياسية المغربية أيضا، والتي تشير لارتباك كبير في السياسات المالية وانعكاساتها الخطيرة على الواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، بلاغ بنك المغرب الذي قرر رفع الفائدة إلى 3 في المائة، وأكد استمرار التضخم، وبواقع جد مرتفع يفوق تقديرات الحكومة بثلاث نقط ونصف، أي 5,5 في المائة بدل نسبة 2 في المائة التي حددتها الحكومة، ما يعكس اتجاه السياسة النقدية إلى إبطاء النمو للتحكم في التضخم.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *