الاستثمار المغربي.. بين تأثير المناخ الاجتماعي وغياب الوقع على حياة المواطنين

في منحى غير قار بين الصعود والنزول، عاش المغرب خلال الفترة الأخيرة مجموعة من التقلبات الاقتصادية الملحوظة، التي أرخت بظلالها على مجموعة من القطاعات خاصة المقاولات، سواء الكبرى منها أو المتوسطة والصغرى، إذ ساهم المناخ الاجتماعي المتوتر أيضا، خاصة بعد الاحتجاجات المتواصلة بسبب غلاء الأسعار، في تقليص جاذبية الاستثمار إلى حد ما، بعدما كان هذا المناخ الاجتماعي سببا في تكثيف مجال الاستثمار وتقوية مجموعة من القطاعات.

تأثير المناخ الاجتماعي على الاستثمار

ما تزال هواجس الاستثمارات في سياقات الأزمات التي شهدها المغرب، والمتمثلة في الجائحة والجفاف وغلاء الأسعار، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، مسيطرة على أولويات الفاعلين الاقتصاديين بالمغرب، إلا أنه أمام عدم وضوح إمكانية العودة إلى الأنشطة الطبيعية، ظل المستثمرون يترقبون إمكانية الانفراج مجددا.

وبالرغم من الإجراءات المصاحبة للأزمات السابقة، والتي لازالت تداعياتها تؤثر بشكل سلبي، شهد المغرب في مجال الاستثمار على الصعيد الوطني، في مستواه العمومي خاصة في قانون المالية 2022 منحى تصاعديا، حيث بلغ أرقاما قياسية بما مجموعه 245 مليار درهم، بزيادة 6.5 في المائة عن سنة 2021 بالموازاة مع إطلاق صندوق محمد السادس للاستثمار.

ومن جهتها، اتخذت دول العالم منذ 2021 مجموعة من الإجراءات تروم الخروج السريع من الانكماش الاقتصادي، وذلك بالرفع من مستوى الاستثمار العمومي وتقديم الدعم والتحفيز للاستثمار الخصوصي والمقاولات المتضررة، حيث عرفت الاستثمارات الأجنبية استقرارا بعد انخفاضها قبل سنتين، في حدود 1.7 مليار دولار.

ثقة المستثمرين 

ومن جهة أخرى، سبق وكشف المؤشر الصادر عن مؤسسة “كيرني” لاستشارات المال والأعمال، أن المغرب تمكن من احتلال مكانة مهمة ضمن مؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ حل في الرتبة 16 بين مختلف الأسواق العالمية الناشئة.

وقد سجل المغرب صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة “IDE” زيادة نسبتها 53.6 في المائة، وذلك عند متم شهر فبراير الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، حيث بغلت النسبة حوالي 3.37 مليار درهم، وفق معطيات خاصة بمكتب الصرف.

وقع الاستثمارات على المواطنين

بالرغم من إحالة الحكومة العام الماضي، لمشروع قانون يسعى للرفع من مردودية الاستثمار في المغرب ليساهم في النمو الاقتصادي، وينعكس بشكل إيجابي على المواطنين إلا أنه لازال معظمهم يشتكي من البطالة وقلة فرص الشغل، مستنكرين غياب وقع هذه الاستثمارات على الحياة الواقعية للأفراد.

ويهدف المشروع المذكور، إلى تحقيق ثمانية أهداف أساسية، وهي إحداث مناصب شغل قارة، وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في مجال جذب الاستثمارات، مع توجيه الاستثمار نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل، وتعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطبا قاريا ودوليا للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

إضافة إلى تشجيع الصادرات وتواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي، وتشجيع تعويض الواردات بالإنتاج المحلي، مع تحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار.

قيمة متوسط الاستثمار

جدير بالذكر، أن قيمة متوسط الاستثمار في المغرب سبق وبلغت 32,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي ما بين سنتي 2019 و2000، مقابل 25,6 في المائة كمتوسط مسجل على المستوى العالمي.

ويمثل الاستثمار العمومي في المملكة حوالي الثلثين من الاستثمار الإجمالي في المغرب، إذ تناهز حصة الاستثمار الخاص المنجز من طرف المقاولات الكبرى والمتوسطة والصغرى حوالي 35 في المائة، وهي النسبة التي لازال المغرب يسعى لرفعها.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *