إدمان الحب.. عندما يصبح الحب قَيد وُجب التحرر منه

قيل قديما “إن من الحب ما قتل”، إلا أن الحب في حالات كثيرة اجتماعية ملموسة، لم يقتل، لكنه دمر نفسية أناس كثيرين، حيث تحول الحب إلى إدمان، مثله مثل المخدرات تماما، من خلال تعلق مفرط بوجود الشريك، وبدونه تصبح القدرة والجهد على العيش منعدمة.

لقد بات إدمان الحب، إشكالية مجتمعية ونفسية، تعد بمثابة مرض يجول حول كل إنسان، وينتظر ضحاياه، حيث يستغرق فيه الإنسان، ليلا ونهارا، ولا يستطيع الفكاك منه أو السيطرة عليه، ويببع في سبيله كيانه وكرامته وحتى إنسانيته، إذ تتحول كلمة الحب الجميلة الرقيقة الراقية، إلى قيد حديدي، أو إلى زنزانة ضيقة يغلقها على نفسه الشخص المعني، ثم يرمي المفتاح بعيدا في مكان لا يصل إليه بعد ذلك.

ما هو إدمان الحب؟

وفي هذا السياق، أوضحت حفصة سنوسي، أخصائية ومقدمة محتوى خاص بعلم النفس، على منصات التواصل الإجتماعي، أن “تعريف إدمان الحب وفق الدراسات التي أجريت مؤخرا، هو الإهتمام بالشخص الآخر، سواء في علاقة زوجية، أو مع شخص تعرفه وترغب أن يظل معك في علاقة، وذلك بالرغم من تدميره لك نفسيا، من خلال قيامه بمجموعة من الأمور التي لاتليق بك وتمس منك ومن ذاته”.

وأفادت سنوسي، في تصريحها لـ“بلادنا24”، أن “إدمان الحب يجعل من الفرد يقدم الحب والاهتمام بوفرة، تحت غطاء التعلق المفرط بالشريك، إذ يبقى دائما مرتبط بذلك الشخص، ولو أنه يمثل له معاناة نفسية حقيقة، بدل أن يكون مصدر أمان حقيقي وحب صحي، يصبح حب وتعلق غير صحي”.

وأبرزت المتحدثة، أنه “بدل البحث عن حل والتحدث مع الشريك من أجل إيجاد حل لإشكاليات قد تكون متكررة، وتستنزف طاقة المدمن لدرجات كبيرة، يفضل الامتناع وخلق أعذار مع نفسه في دوامة خطيرة، حول إمكانية تغير ذلك الشخص، وصلح أساس غير صالح”.

ربط الإطمئنان النفسي بالشريك

تطرقت الأخصائية، أيضا، إلى إشكالية ربط الراحة والأمان والطمأنينة النفسية بالشريك، مبرزة، أن “المعني بالأمر يتوه في رحلة بحثه عن الاطمئنان، ويربط هذا الإحساس بالشريك، كأنه منبع للراحة بالنسبة له، تماما كإدمان الفرد للمخدرات، وهنا الإدمان موضوعه شخص، إذ بالنسبة له وجود ذلك الشخص بجواره، هو مصدر هدنة واطمئنان”.

وتابعت قائلة: “هناك أناس وفق دراسات أجراها مجموعة من الخبراء حول نوع هذا الإدمان، أثبتت أن مجموعة من الأسر، خاصة الزوج والزوجة، يعيشان مع بعضهم البعض لمدة تتجاوز 30 عاما، لكنهم يعانون من دائرة فارغة لديهم تجاه الراحة، بسبب المعاناة المتواصلة مع الشريك، وعدم القدرة عن الاستغناء”.

أسباب إدمان الحب

وذكرت الأخصائية النفسية، أن “مجموعة من الأشخاص غير مرتاحين مع ذواتهم ومع نفسهم، يبحثون عن هذا النوع من العلاقات ويتشبثون بها، وهنا نجد أحد أهم الأسباب، وهو غياب تقدير الذات، فلتقدير الذات أهمية كبيرة في إصلاح العلاقات مع الغير”، مؤكدة “كل شخص لا يقدر ذاته، هو عرضة لأن يكون ضحية حب فاشل أو إدمان خطير”.

وأوضحت حفصة السنوسي، أن “تقدير الذات فيه نوعين، أولهما الاشتغال على العلاقة مع الذات، ثم الاشتغال على العلاقة مع الآخرين، كحب الأسرة، الأم، الأب، والإحساس بالنعم، وهنا نتحدث عن الجانب العاطفي النفسي لا المادي، كتشجيع الفرد لنفسه في ظل زخم الحياة، وحبه لذاته وما تميل له وما يرغب به بشكل يدعم قدرته على حب الشريك بدون مبالغة، وربطه براحة نفسية قسوى، كأن يتغدى من حب الآخرين له، وبذونهم يصبح جائعا متعطشا للغير”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *