أنسنة السجون في المغرب وسؤال الإصلاح

يُعد السِجن ذلك المكان المخصص  لتنفيذ العقوبات أو الجزاءات التي يتم تطبيقها على المخالف للقوانين الجاري بها العمل في البلد الذي يعيش فيه، ويعتبر بأنه المكان الذي تسلب فيه حرية الإنسان، جراء أفعاله الإجرامية التي تشكل خطراً على المجتمع، دون أن ننسى أنه في بعض الأحيان يمكن أن يجر الشخص إلى السجن دون أن يكون مرتكبا للفعل الجرمي ولا تتوفر فيه مقومات الخطورة الإجرامية، ولكن تكون قد توفرت ضده مجموعة من الدلائل والقرائن التي تدينه بحكم القانون دون أن يكون مجرماً بالأساس، وكما يقول المثل المصري “ياما في الحبس مظاليم”.

وبغية تجسيد الإرادة الملكية في النهوض بأوضاع السجون داخل المملكة المغربية، وتعزيز الوضع القانوني لوفد السجون وغيرها من التعليمات الموجهة للقطاعات المعنية، تم وضع رؤية واستراتيجية لمجموعة من الإجراءات الإصلاحية، تعنى بمنشآت السجون ومراقبة القوانين المتعلقة بالاحتجاز والحرمان من الحرية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل ما يتعلق بحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق السجناء على وجه الخصوص.

إصلاحات على مستوى زيادة المساحة

بالنسبة للإصلاحات المقررة بالنسبة للسجون في المغرب، من طرف المديرية العامة لإدارة السجون وباقي القطاعات المعنية، فقد تمت زيادة المساحة المخصصة لكل نزيل بنسبة 40 في المائة، بحيث من 1.67 متر أصبحت تخصص 2 متر مربع لكل سجين، وذلك بحسب تقرير “أوضاع السجون في المغرب في ضوء المعايير الدولية والتشريعات الوطنية والحاجة إلى إصلاحات (2016-2020)”، المقدم أول أمس الأربعاء بالرباط، من قبل المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صلاح التامك.

كما أشار هذا التقرير إلى أن التعاون بين مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية (CEDHD)، ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن (DCAF) والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (DGAPR)، أضفى اهتمامات رئيسية تتجلى في تجديد البنية التحتية، وفي هذا الصدد، تم بناء 20 مؤسسة إصلاحية جديدة وإغلاق 19 مؤسسة قديمة، مما سمح بتحسين السعة الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 169 ألف متر مربع في عام 2020 مقابل 120.780 مترًا مربعًا خلال سنة 2013، وبالتالي أدت الزيادة في المساحة المخصصة لكل نزيل إلى تأثير إيجابي على باقي المعايير مثل التهوية والإضاءة والمرافق.

الميزانية المخصصة للغذاء

بخصوص الميزانية المخصصة للغذاء داخل السجون، فقد أشار نفس التقرير، إلى أنها ارتفعت من 12 إلى 23 درهمًا أي بزيادة تقدر بـ 92 في المائة، مع إلغاء إمكانية دخول المواد الغذائية من طرف عائلات النزلاء بالمؤسسات السجنية وذلك لما تسببه هذه الإمكانية من مشاكل وتداعيات على مستوى الواقع.

الموارد البشرية في المؤسسات السجنية

فيما يتعلق بتنمية الموارد البشرية في المؤسسات الإصلاحية، أفادت المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بتعيين 2651 موظفًا حكوميًا جديدًا خلال الفترة 2014-2019 بتخصصات متنوعة، مع تطوير آليات التوظيف وتضمين أبعاد التعليم والصحة والسلامة.

الرعاية الصحية داخل السجون

يشير التقرير السابق، إلى وجود تفاوت في حصول السجناء على الرعاية الصحية، وذلك بالنظر إلى الفوارق الموجودة بين السجون، من حيث البنية التحتية والتجهيزات والموارد البشرية والتعاون مع المديريات الجهوية لوزارة الصحة.

وفي هذا السياق، وضع التقرير عدة توصيات، منها ضرورة التفكير في تطوير طب السجون وتحسين الوضع المالي لأطباء السجون وغيرهم من العاملين في قطاع الصحة داخل المؤسسات السجنية أو التابعين لها.

توصيات التقرير

إضافة إلى ضرورة تعزيز الجانب المعياري من خلال ملاءمة قانون المنظم للسجون بالوضعية الحالية، والارتقاء بالسياسة الجنائية من خلال إعادة تفكير المشرع الجنائي في فلسفة العقوبة، لجعلها تتوافق والمتطلبات الدستورية للمملكة، كما يشدد التقرير على ضرورة الانخراط في تفكير جماعي بشأن العقوبات البديلة ومشكلة اكتظاظ السجون.

وفيما يتعلق بالإكراهات التي يواجهها تطوير نظام السجون، يشير التقرير، إلى معضلة الاكتظاظ الذي يرجع إلى عدة عوامل مختلفة بما في ذلك تكاثر الأحكام السالبة للحرية مع تطور الجريمة.

ويشير التقرير أيضًا، إلى أنه من أجل الحد من اكتظاظ السجون، يتطلب الاستمرار في تحسين جودة السجون داخل ربوع المملكة مع مراعاة قدرتها الاستيعابية، بالإضافة إلى الحد من اللجوء لإجراء الإعتقال الاحتياطي.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *