تقرير | “الثقافة الأمازيغية” .. عنوان الأصالة بشرف خالد سجلته صفحات التاريخ

من “أحيدوس” و أحواش” و موسم “تيسلي و تيسليت” و و عصيدة تاكلا” أو “تاروايت” ، وصولا إلى أسطورة “تاكمارت نيسمضال” أي بغلة القبور ، تبزغ معالم المغرب المكتظة بالتنوع ، لترسم بإتقان وشما زين ملامح ثقافة متأصلة و مكتملة الأركان ، بأبجديتها و تقاليدها المتجذرة ، و تاريخ عظماءها الاجلاء ، كانت و لا تزال ملتقى أخلاط عجيبة ، من النقش الصخري و تصاميم الحلي و المجوهرات و فن العمارة ، وصولا الى الزربية بالوانها و زخاريفها الهندسية البهية ، لتكون بهذا من أعرق الموروثات على مستوى العالم .
لا تكتمل الحياة الثقافية بدون مكون الفن الذي يعد اللبنة الأساس ، لبناء أي موروث ثقافي ، و يمثل المرآة التي تعكس ذوق المجتمعات و و الإرث الشفهي اللامادي المعبر بالرقص و الفن التشكيلي ، و الموسيقى و الأساطير ، ثم فن الحكاية و النكتة و إلقاء الشعر . و كان الأمازيغ و على مر العصور ، يعتمدون على هذا النوع من الفنون كشكل مميز من أشكال التعبير المختلفة .
أنامل تلد السحر
الحنبل ، زربية تازناخت أو الزربية الواوزكيتية و غيرها ، تعد الزربية الأمازيغية مظهرا من مظاهر غنى الموروث الثقافي الأمازيغي ، و باعتماد منسج و مغزل و خيوط صوف مستخلص من بعض الأعشاب ، اشتهرت النسوة بحياكة جمال مكتتن بألوان متوارثة تفيض إبداعا ، باللون الاحمر الثائر ، الممزوج بأصفر مائل إلى لون خدود الشمس الخجولة من جبروت الركن الأزرق ، ليتحد هذا الثالوث المقدس ، و لتحصد الزربية الأمازيغية لقب أعرق سجاد في العالم .
“بوشيار” و أطباق اخرى
اشتهرت الثقافة الأمازيغية بموائدها الغنية بأطعمة تقليدية بنكهات مختلفة ، تتسم ببساطة التحضير ، يعتمد الطاهي الأمازيغي على الحبوب و مشتقات الحليب و الخضر و اللحوم ، فتجد موائد الأسر الأمازيغية مزهرة ب “بوشيار” المدهون بالسمن ، و بالزبدة الناعمة و العسل المصفى ، و أكلة “أكرن إيجان” و هي مزيج من الدقيق المجفف و اللبن ، و التي تقدم في إناء دائري يسمى “تقسريت”، دون أن ننسى حساء “تبركوكسين” ، و هو مزيج من الشعير والدجاج المطهي بزيت الأركان .
ألوان الزينة
عديدة هي أشكال عادات و تقاليد الثقافة الأمازيغية في اللباس ، و فقد ظل الأمازيغ و الى حدود اللحظة ، متشبثين بصفات الحشمة و البساطة في لباسهم ، اشتهر الرجال ب”الفوقية” و “البلغة” و بالعمامة الملفوفة على رؤوسهم ، فيما تميزت مظاهر الزينة لدى النساء ، بالوشم و الكحل و الحناء و لباس “تملحافت” ، ناهيك عن قطع المجوهرات و الحلي ، و التي تغلب على اشكالها رموز خاصة ، تنفرد بها هذه الثقافة الأصيلة .
شعر ، غناء .. فعزف
يقبع التراث الشفهي الأمازيغي في ذاكرة التاريخ المغربي ، مفجرا حراكا أدبيا عريقا ، جعل الثقافة الأمازيغية متفردة على نظيراتها ، بقطعها الشعرية النظمية و الغنائية ، و كلماتها المنظمة التي تعكس الواقع المعاش ، فضلا عن تقنيات العزف المتوارثة بأهازيج جبلية مفعمة بالجمال ، مما جعل التراث الشفهي إرثا راقيا و موحدا ، توارثته الاجيال و حافظت على أصالته على مر التاريخ .
و تبرز أهمية اللغة ، باعتبارها ركيزة هامة و جزءا لا يتجزأ من أي ثقافة كيفما كانت ، من خلال الغنى الشفهي بتعدد اللهجات ، فهناك لهجة الريف و لهجة الشرق ، و لهجة صنهاجة ، و لهجة الاطلس المتوسط و المتوسط الشرقي ، و لهجة سوس و حاحا ، و لهجات اخرى ، و قد بلغت نسبة الناطقين بالأمازيغية في المغرب 27٪ من إجمالي عدد سكان البلاد بحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2014 .
إدراج اللغة الأمازيغية
و حفاظا على أصالة هذا الموروث الثقافي ، فقد تمت دسترة اللغة الأمازيغية ، و اعتبارها لغة رسمية ، ليتبوأ المغرب قمة الدول العربية و يقود القاطرة باتِّـجاه إقرار التعددية اللغوية بكل تجلياتها ، و قد اعتمدت الحكومة المغربية في هذا الصدد مقاربات للنهوض بالتراث الأمازيغ ، من بينها ، تم إدراج اللغة الأمازيغية في مناهج التعليم و تم ذلك سنة 2003 حين أدرجت بحرف “التيفيناغ”.
عصيد يصف وضع التعميم ب”المتعثر”
و في حديثه ل “بلادنا 24” , أفاد أحمد عصيد ، كاتب و ناشط حقوقي ، وباحث في الثقافة الأمازيغية ، أن إدراج الأمازيغية في التعليم يعد أهم ورش في مأسسة الأمازيغية ، وفق المبادئ الأربعة الممثلة في الإلزامية ، توحيد اللغة ومعيرتها ، تعميمها أفقيا في كل التراب الوطني وعموديا في جميع أسلاك التعليم ، ثم كتابتها بحرفها الأصلي تيفيناغ.
و أضاف عصيد في هذا الصدد ، أن هذا الورش الهام لم يتطور ، بل تراجع بعد بضع سنوات من انطلاقه ، بسبب مقاومة العقليات القديمة في الإدارة التربوية ، و كذا بسبب النقص الكبير في الموارد البشرية ، إضافة إلى الخصاص في تدريس العربية والفرنسية ، مما أدى إلى تكليف أساتذة الأمازيغية بتدريس مواد أخرى ، لافتا إلى مشكلة المغادرة الطوعية ، التي جعلت أعدادا كبيرة من المدرسين ، و الذين تلقوا تكوينا في منهاج تدريس الأمازيغية ، يتركون مهنتهم .
و أكد أحمد عصيد في تصريحه ، أنه و بعد مضي 18 سنة ، ما زال الوضع متعثرا على مستوى مسألة التعميم ، رغم أن وزارة التربية قررت هذه السنة مضاعفة عدد المناصب المالية المخصصة لمدرسي الأمازيغية ، و رفعها إلى 400 منصب ، مبرزا أن هذا الإجراء ، يظل رغم ذلك غير كاف إذا أخذنا بعين الاعتبار ، أن الحكومة ملزمة بتعميم الأمازيغية في التعليم الأولي والابتدائي في خمس سنوات القادمة .
و أبرز نفس السياق ، أنه اليوم بعد إعلان الحكومة عن ميزانية للأمازيغية ضمن قانونها المالي ، وبسبب تعثر ورش تعميم تدريسها منذ 2003 ، يجد الكثير من المسؤولين عن قطاعات الحياة العامة ، كالإدارة والقضاء والصحة ، يجدون أنفسهم مضطرين إلى إجراءات ترقيعية ، لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، نظرا لغياب الأطر المكونة لهذه اللغة .
مقالات ذات صلة

فاطمة الزهراء بناصر تتقمص شخصية تاريخية

نورة الصقلي تعبر عن حبها وتقديرها للفنانة القديرة مليكة العمري

سناء عكرود تخرج عن صمتها وتنتقد عرض “طاليس”

أصالة نصري تعتذر من جمهورها عن تصرفها “غير اللائق” وأحلام تساندها

رضا العلوي يعبر عن تأثره برحيل صديقه المقرب

رواد مواقع التواصل الاجتماعي يهنؤون ليلى حديوي بمناسبة حفل خطوبتها

إسدال الستار على فعاليات الملتقى التشكيلي الوطني الـ14 بسطات

ريدوان يكشف تفاصيل نجاح أغانيه الخاصة بمونديال قطر 2022

تعليقات ( 0 )