ما هي الصلاة الوسطى في القرآن الكريم .. الفجر أم العصر؟

الإسلام دين شامل يغطي جميع جوانب حياة المسلم، ومن أهم عناصره وأركانه نجد الصلاة، على اعتبار أنها إحدى العبادات المهمة التي يؤديها المسلمون بانتظام خلال اليوم، ولعل أبرز التساؤلات التي تطرحها فئة عريضة من المسلمين، هي تلك التي تتعلق بالصلاة الوسطى التي قد يخلط فيها البعض بين صلاة العصر والفجر، لذلك سنخصص هذا المقال لنجيب على سؤال: ما هي الصلاة الوسطى ؟

الصلاة الوسطى في القرآن الكريم

تثير الصلاة الوسطى في القرآن الكريم، الكثير من الجدل بين العلماء لتتعدد الآراء حول تحديدها، ففي سورة البقرة، ذكر الله تعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” (البقرة: 238).

وقد أثارت هذه الآية الجدل الكبير حول تحديد الصلاة الوسطى، حيث وردت حوالي عشرين وجهة نظر مختلفة في كتاب “فتح الباري”، ومن بين تلك الآراء، اعتبار أن المقصود في هذه الآية عند بعض العلماء صلاة الصبح، وهو رأي اتبعه المالكية والشافعية، ولكن الرأي الذي اعتمده معظم أهل العلم هو أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.

ويعتقد العديد من العلماء أن صلاة العصر تعد الوسطى في الوجوب، حيث أن الصلوات الخمس المفروضة هي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وبالتالي، تعتبر صلاة العصر وسطى في الوجوب نظرا لوضعها بين الصلوات الخمس، حيث يوجد تقرير مشهور يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على أهمية أداء صلاة العصر في وقتها.

وفي هذا السياق، نقل زر بن حبيش عن عبيدة أنهم سألوا عليًا عن الصلاة الوسطى، فأجابهم قائلاً: “كنا نرى أنها الصبح حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: ‘شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر'”، وهذا يدعم الرأي القائل بأن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.

بالتالي، يمكن استنتاج أن الصلاة الوسطى في القرآن الكريم هي صلاة العصر، وتعتبر وسطى في الوجوب بين الصلوات الخمس المفروضة، حيث ينصح أداء صلاة العصر في وقتها، حيث يقال أنه إذا فاتت صلاة العصر فيعتبر كأنما قد ضيع العبد وقتا ثمينا وفائدة مالية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله”، وهذا ما يؤكد جليا على أهمية إقامة صلاة العصر في وقتها وعدم تأخيرها.

وعلى الرغم من وجود آراء متعددة بين العلماء حول تحديد الصلاة الوسطى، إلا أن الرأي الأكثر انتشارا والمعتمد بشكل عام هو أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.

ما المقصود بالصلاة الوسطى؟

الصلاة الوسطى، مصطلح يشير إلى صلاة محددة ذكرها الله في القرآن الكريم في قوله: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ” (البقرة: 238)، والغاية من هذه الآية الكريمة هو التأكيد على أهمية أداء الصلاة والالتزام بها.

وتم تخصيص الصلاة الوسطى بالذكر لأنها تعتبر أفضل الصلوات في ديننا الإسلام، حيث تحظى هذه العبادة بتأكيد أكبرمن غيرها على ضرورة المحافظة عليها، حيث أن هناك تعدد في آراء العلماء بشأن تحديدها، فبعضهم اعتبرها صلاة العصر وبعضهم الآخر اعتبرها صلاة الفجر.

ويذكر أن الحكمة وراء إخفاء معنى الصلاة الوسطى والجدل المحيط بها هو تحفيز الناس لاستكشافها من خلال المحافظة على جميع الصلوات، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة أنها تشير إلى صلاة العصر، وبعض الفقهاء اعتبروها أيضا صلاة العصر، مثل الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد.

ولقد رجح الكثير من العلماء أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر بناء على قوة الأدلة المتوفرة في ذلك، ومن بينها الحديث المذكور في صحيح مسلم، حيث قد ورد أنها صلاة الفجر وذلك وفقا لقول الإمام الشافعي ومالك، حيث وجدت في مصاحف عائشة وحفصة عبارة “حَافِظُوا على الصلوات وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ العَصْرِ”.

وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ظهرت آراء متعددة بين العلماء والفقهاء حول تحديد الصلاة الوسطى، وعلى الرغم من أن الآية الكريمة لم تحدد بوضوح أي صلاة هي الوسطى، إلا أنها أثارت الكثير من الجدل والاهتمام في الدراسات التفسيرية والفقهية.

وقال بعض الفقهاء والعلماء، مثل الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد، إن الصلاة الوسطى تشير إلى صلاة العصر، وقد استدلوا على ذلك ببعض الأحاديث النبوية الصحيحة، مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب، عندما قال: “شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر”، مما يشير إلى أن الصلاة الوسطى هي الصلاة التي يتم أداؤها في وقت العصر.

ومن جانب آخر، قال الإمام مالك والإمام الشافعي وبعض المذاهب المالكية إن الصلاة الوسطى تشير إلى صلاة الفجر، واستدلوا على ذلك بنقل بعض المصادر عن عائشة وحفصة، حيث وجد في مصاحفهما عبارة: “حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر”، وذكرت عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يروي طاوس أن بعض الصحابة اعتقدوا أن الصلاة الوسطى تشير إلى صلاة الفجر أو الصبح، واستدلوا على ذلك بأنها تأتي وسطا بين الليل والنهار، وهناك أقوال أخرى اقترحت أن الصلاة الوسطى قد تشير إلى صلاة الظهر أو المغرب أو العشاء أو الجمعة.

وبشكل عام، يشمل مصطلح “الصلاة الوسطى” جميع الصلوات، حيث يمكن اعتبارها بمثابة توجيه للحفاظ على أداء جميع الصلوات وإدراك فضل الصلاة الوسطى، حيث قد حدث اختلاف في تحديدها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، عندما كان الصحابة مشغولين بمهام دينية أخرى في حياتهم ولم يتم تحديدها بشكل قاطع.

فضل الصلاة الوسطى

ورد في القرآن الكريم الدعوة للحفاظ على أداء الصلوات الخمس في وقتها المحدد، وتم التأكيد بشكل خاص على أهمية الصلاة الوسطى في الآية 238 من سورة البقرة، قال الله تبارك وتعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”.

وقد اتفق العلماء على أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى، بناء على الأحاديث النبوية الصحيحة التي تؤكد ذلك، بما في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً”.

وإحدى الأسباب التي جعلت الله يخص الصلاة الوسطى هو الإعجاز العلمي المتضمن في هذه الآية الكريمة، فقد أثبت العلم الحديث أن هناك عدة تغيرات تحدث في الجسم في وقت صلاة العصر، حيث يصل إيقاع العديد من الأنظمة البيولوجية في الجسم إلى ذروتها في هذا الوقت، بما في ذلك الدورة الدموية والقلب وما يتعلق بهما.

وقد تم الإثبات العلمي لارتفاع هرمون الأدرينالين بعد الزوال حتى يصل إلى ذروته، مما يترتب عليه زيادة في نشاط القلب، سواء في حالة الاسترخاء أو التوتر المستمر، بغض النظر عما إذا كان الشخص سليمًا أو يعاني من مشاكل في القلب وارتفاع ضغط الدم.

ومن جهة أخرى، يمكن أن تؤدي محافظة الإنسان على أداء الصلاة الوسطى في وقتها المحدد إلى تجنب مضاعفات الانشغال بالأعمال اليومية الأخرى في هذه الفترة، والحفاظ على الاستقرار وتجنب المشاكل الناتجة عن الجهد الزائد، حيث تؤكد الآية الكريمة “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”، على ضرورة المحافظة على الصلاة الوسطى، وتشدد على أن المسلم يجب أن ينشغل عن كل الأمور الدنيوية خلال هذه الفترة في الصلاة، ويسجد ويدعو الله متخشعا.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *