هل ينعكس تقلص العجز التجاري على نمو الاقتصاد الوطني؟

أفادت أحدث معطيات وبيانات صادرة عن مكتب الصرف، بأن العجز التجاري تقلص بنسبة 15.3 بالمائة، بالغا في متم شهر يناير الماضي من العام الجاري 22.44 مليار درهم، وهو مؤشر دال على حركية التجارة الخارجية للمملكة المغربية.

البيانات الواردة في تقرير مكتب الصرف حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية، أوضحت أن تقليص هوة العجز التجاري بالبلاد، جاء نتيجة انخفاض الواردات بنسبة 2.8 بالمائة، مقابل ارتفاع الصادرات بنسبة 7.2 بالمائة.

عوامل داخلية وخارجية

في هذا الإطار، أكد رشيد ساري المحلل الاقتصادي ورئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، في إفادة تحليلية لـ”بلادنا24“، أن “مجموعة من العوامل تتقاسم تفسير انكماش العجز التجاري بنسبة 15 بالمائة، بين عوامل خارجية وأخرى مرتبطة بالأنشطة الاقتصادية”.

ووضع ساري، في تصريح لـ”بلادنا24“، المؤشرات تحت مجهر التحليل، قائلا إن الأسباب الأولى “المتعلقة أساسا بالتعاملات للمغرب التجارية مع دول الخارج، نتيجة انخفاض مجموعة من المواد”. خاصا بالذكر “المواد الطاقية التي انخفضت بشكل ملموس، بالإضافة إلى الفاتورة الطاقية التي انخفضت هي الأخرى عما كانت عليه، ناهيك عن انخفاض المواد الخام على المستوى العالمي، مسجلة انخفاضا يقدر بـ 25 بالمائة”.

رئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رصد في تحليله أن “تحسن العجز التجاري يمكن تفسيره، بالعوامل الداخلية، نتيجة الدينامية التي تعيشها مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، أهمها قطاع صناعة السيارات، الذي وقع على أداء جيد لهذه السنة، بحيث ارتفعت صادراته بنسبة 8 بالمائة، وكذا الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا وكذلك الجانب الالكتروني الذي عرف ارتفاعا”.

من بين العوامل التي وصفها ساري في تصريحه بـ”الإيجابية جدا”، “ارتفاع بنسبة 23 بالمائة في قطاع صناعة الطائرات، ما يعني أن ما وصلت إليه هذه الصناعات في صادراتها، التي سجلت في سنة 2023 أكثر من 141 مليار درهم، هو مؤشر جد إيجابي وأن هذا القطاع يأخذ مساره وسيعرف انتعاشا إيجابيا”. ملاحظا كذلك “ارتفاع صادرات المواد الفوسفاطية”.

في نفس السياق، شدد المحلل الاقتصادي في ختام حديثه عن العوامل، على أن “انخفاض العجز التجاري، مرتبط بشكل كبير بحجم الصادرات وهي مسألة جد مهمة”.

مؤشر غير كاف

على صعيد آخر، وفي حديثه على مدى مساهمة تراجع العجز التجاري المسجل، في تجاوز المملكة للأزمة الاقتصادية، لفت المحلل الاقتصادي إلى أن “الأزمة عالمية، والمملكة المغربية من الدول القلائل التي تحافظ على عجزها التجاري، بالرغم من وصولها سابقا، إلى مستويات جد كبيرة في مجموعة من المواد، لكن النظام المالي والنقدي بالبلاد، ظل مستقرا ولم يرتفع بشكل كبير”، معتبرا ذلك أنه من بين إيجابيات النظام النقدي المالي بالمغرب.

وردا على سؤال إلى أي مدى يمكن القول أن هذا التعافي كاف، لنقول إننا دخلنا مسار تسريع النمو للوفاء، بالالتزامات التي أوصى بها النموذج التنموي، أوضح ساري “أن هذا المؤشر غير كاف للقول إن المملكة دخلت إلى مسار النموذج التنموي الجديد، ولا يمكن القول إننا بعيدين عليه، وإنما النموذج يفترض أن نحقق نسبة 4 بالمائة في مجموعة من السنوات، ثم ننتقل إلى 6 ثم إلى 10 بالمائة، لكننا لا زلنا نتخبط بين 1 و3 بالمائة”.

وأكد المحلل الاقتصادي فب معرض حديثه أنه “بعد المملكة على مسار النموذج التنموي، تتداخل فيه أسباب داخلية راجعة إلى تسيير مشاكل في المنظومة الاقتصادية، وكذا العوامل الخارجية التي تلعب دورا كبيرا في هذا النحو”، مشددا على أن “ما يعيشه المغرب تعشيه باقي الدول الأخرى، حتى دول الاقتصادات الكبرى، لأنها تتأثر بالمحيط الجيو سياسي، وبارتفاع التكلفة على مستوى العالمي، وبأزمة التوريدات واحتمال ارتفاع المواد الطاقية كالذهب الأسود”.

وشدد ذات المتحدث على أن “المنظومة الاقتصادية بالمغرب تعاني من مجموعة من النواقص، بالرغم من أن المملكة تبدل مجهودا، وذلك واضح في تنوع الصناعات والدينامية الاقتصادية التي نعيشها”، لافتا إلى أن “الاقتصاد المغربي يتأقلم مع الأزمات، وهو ما سجلناه في جائحة كورونا، وفي الحرب الروسية الأوكرانية والآن مع أزمة الشرق الأوسط”.

وأكد المحلل الاقتصادي في ختام تصريحه على “ضرورة إعادة النظر في قوانين المالية، وكيفية معالجة المشاكل على المستوى القطاعات غير المهيكلة، وكذا إعادة النظر في معدلات النمو وسياسة التشغيل بالمغرب”، مبرزا أن “المغرب ليس في ضرورة إلى إعادة صياغة النموذج التنموي، وإنما يجب مناقشته بالموازات مع نعيشه”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *