الفتيات العازبات.. بين حرية الاختيار ونظرة المجتمع وضغوطات الأسرة

’’من كتر خطابها بارت’’، كم من المعاني التي تضمنها هذا المثل الشعبي، والتي تشير كلها إلى الفتيات العازبات، وما تضمنه ما هو إلا انعكاس ضمني لتقييم المجتمع المغربي للعديد من القضايا الحقوقية الخاصة بالمرأة، ورغم كل المجهودات التي يقوم بها المغرب، في اتجاه تحديث عقليات المجتمع المغربي، ودفعها نحو تقبل الاختلاف واحترام اختيارات الأخر خاصة إذا تعلق الأمر بالحياة الشخصية للأفراد، تلك الاختيارات التي لا تسبب الأذى ولا تمس بكرامة وحرية ومعتقدات الأخرين.

ويبدو أن المجتمع المغربي عامة والعربي بالخصوص لازالت تتواجد به تلك العقليات القادمة من القرن الماضي، والتي تصف الفتاة التي بلغت سن الزواج  ولم تتزوج بـ’’العانس’’ أو ’’البايرة’’، على الرغم من أن العنوسة هي لفظ أطلق على الجنسين ذكورا وإناثا إلا أن ثقافة مجتمعاتنا العربية تركز على عنوسة المرأة أكثر.

وعادة ما يتم وصف الفتيات اللواتي لم يتوفقن في تشكيل أسرة أو لا يرغبن في ذلك، بـ’’البايرات’’، نظرا لتحديد المجتمع لسن معين لزواج المرأة على اعتبار أن كل من تجاوزت ذلك السن فهي ’’عانس’’.

عقليات تعيش في القرون الماضية

أسامة البارودي، باحث في علم الاجتماع، يرى بأن السبب الأول في وصف المرأة بـ’’البايرة’’ راجع بالأساس، ’’للتربية التي تلقاها الإنسان ولوسطه الاجتماعي’’.

وأضاف الباحث في علم الاجتماع، في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أن ’’المجتمع المغربي وضع سن معين لزواج المرأة فإذا تجاوزت ذلك تصبح في مخيلاته عبارة عن عانس، حيث لا يتم حتى الاعتراف بوجودها بالمناسبات المجتمعية’’.

واعتبر البارودي أن ’’العقليات التي تصف المرأة التي لم تتزوج بالعانس هي عقليات لازالت تعيش في القرون الماضية، ولم تلتحق بعد بهذا العصر’’، مضيفا أن ’’الفتاة في بعض الأحيان تجد نفسها غير قادرة على الزواج وتأسيس أسرة فتختار البقاء بمفردها، ربما لتحقيقها ذاتها واستكمال دراستها، وهذا أمر يجب أن يحترم، بينما في بعض الأحيان تكون مجبرة على ذلك لأنه لم يتقدم لخطبتها أحد أو لم تجد الشخص المناسب لها ’’.

وأكد المتحدث ذاته، على أن ’’نظرة المجتمع قاتلة، أحيانا تدفع الفتيات إلى الزواج واختيار شريك غير مناسب لهن، ما ينتج عنه الطلاق وبالتالي نجد أنفسنا أمام ظاهرة مجتمعية جديدة، أي أننا نعيد السيناريو الأول بطريقة أكثر قساوة ’’.

واعتبر الباحث، أنه على ’’الأسر أن تحترم خصوصيات أبنائها سواء كانوا نساء أو ذكور، وأن تقلل من تلك الضغوطات التي تمارسها عليهم سواء إن تعلق الأمر بالدراسة أو غيرها’’.

الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية

ومن الناحية النفسية تقول زينة فريد أخصائية نفسية، أن وصم الفتيات العازبات بـ’’البايرات” يؤثر كثيرا على نفسيتهن، وحياتهن اليومية، لما لذلك من أضرار على صحتهم النفسية.

وأضافت فريد في تصريح لـ’’بلادنا24’’، على أن ’’نظرة المجتمع الحادة للفتاة بسبب عدم زواجها قد تدخلها في حالة نفسية جد صعبة، قد تصل بها إلى الإكتئاب’’ مؤكدة على أن ’’ضغوطات الأسرة المستمرة تصيب الفتاة بالعديد من الأمراض النفسية جراء التفكير في الزواج خاصة مع ربط سن الأنثى بسن الإنجاب’’.

وقالت الأخصائية النفسية، أن ’’الأنثى التي اختارت عدم الزواج تحاصرها النظرات وتطاردها الاتهامات وكأنها تحمل ذنبا أو عيبا مشينا، ما يؤزم ويرهق نفسيتها’’.

كما اعتبرت المتحدثة ذاتها، أنه وبوصف الأنثى بـ’’العانس أو البايرة يؤدي ذلك إلى ترك الأذى في نفسيتها، وتعميق جرح عدم امتلاكها أسرة صغيرة كقريناتها ممن هن في سنها أو أقل منها’’.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *