ارتفاع الأسعار يتسبب في إغلاق مطاعم ومقاهي.. وشبح البطالة يقض مضجع العاملين

تعيش مجموعة من مدن المملكة، واقعة إغلاق مطاعم ومقاهي بشكل مستمر، بعد الإفلاس، وذلك نتيجة لمجموعة من الإشكالات القانونية والواقعية التي يعرفها القطاع منذ مدة من الزمن، دون إيجاد حلول فعالة من قبل المسؤولين، للحد من هذه الظاهرة، التي تأخذ في منحدرها العديد من اليد العاملة والأجراء إلى مرمى البطالة.

وقد شهدت العاصمة الرباط، الأسبوع المنصرم، حسب ما علمته “بلادنا24“، إغلاق العديد من المطاعم والمقاهي أبوابها، خاصة في كل من حي أكدال (الرباط سانتر)، وحي الرياض (محاج الرياض)، وأيضا بالهرهورة.

إغلاق المطاعم والبطالة

قرابة 20 شخصا كانوا يعملون في مطعم تم إغلاقه الأسبوع المنصرم بالعاصمة الرباط، حيث كان يشتغل فيه 5 نُدُل، و8 آخرون داخل المطبخ، والباقي يتوزعون بين النظافة والمحاسبة والإدارة، ليصبحوا جميعهم بين ليلة وضحاها يعيشون البطالة، ودون مصدر رزق لهم ولذويهم.

هذا ما أفاد به أحد العاملين بالمطعم الذي تم إغلاقه بحي الرياض بالرباط، في تصريحه لـ”بلادنا24“، حيث قال محمد “كنت أعمل بالمطعم رفقة ما يقارب 20 عاملا آخر، حيث أن هذا المطعم هو فرع للمطعم الرئيسي المتواجد بمدينة الدار البيضاء. إلا أن الأوضاع التي نعيشها حاليا، والمتمثلة في ارتفاع الأسعار، وخاصة المواد الغذائية، حالت دون تحقيق المطعم للأرباج، إذ تراكمت الديون والضرائب على صاحب المحل الذي كنت أشتغل فيه، مما دفع لإغلاقه، وبالتالي تسريح جميع العاملين، وفقدان حوالي 20 أسرة لمصدر رزقها”.

إشكالات متكررة وصرخات لتدخل المسؤولين

وأضاف المتحدث، “نحن كعاملين في القطاع الخاص، وخاصة المطاعم والمقاهي، أغلبنا، حينما ينقطع رزقنا من مطعم أو مقهى، نقوم بالبحث عن مقهى أو مطعم آخر، والإشكال أننا نجد نفس المشاكل تتكرر في جلها، ما يستدعي فعلا الوقوف عند هذه المشاكل من قبل المسؤولين، ومحاولة إيجاد حلول جادة وفعالة، لكي نستطيع ضمان استقرار أوضاعنا، ولو لفترة من الزمن، خاصة وأن أغلبنا يكون المعيل الوحيد لأسرة بأكملها”.

وفي السياق ذاته، تواصلت “بلادنا24“، مع يوسف، وهو طباخ محترف (chef cuisinier)، بإحدى المطاعم المعروفة بالعاصمة الرباط، الذي توقف عن العمل، بعدما تم إغلاق المطعم الذي كان يشتغل فيه لسنوات. وفي حديثه عن الأسباب، قال إن “من بين الأسباب التي تدفع أرباب المقاهي والمطاعم للإغلاق، هو الزيادة في الأسعار، وخاصة في الآونة الأخيرة، حيث أن السلع التي يتم شرائها للمحل تكلف الملايين، والأرباح لا تعدوا أن تسد رأس المال، حيث أصبحت المطاعم تشكوا نقصا كبيرا في الزبائن”.

وتابع يوسف “كما أن هناك إشكال آخر وقفت عليه بصفتي طباخ والمسؤول عن المواد الغذائية التي أقوم باستعمالها، هو أننا حينما نشتري مثلا اللحوم والدواجن وغيرها من المواد الغذائية بكمية كبيرة، ونقوم بتخزينها بطريقة صحية وبتاريخ الصلاحية، وهو شيء عادي وليس فيه أي ضرر، تأتي اللجان التابعة للصحة، وتقول إنه يمنع التخزين، والحال أنه لا يمكن العمل بدون تخزين، فتقوم تلك اللجان بجمع السلع المخزنة وأخذها، وبالتالي تكون قد ساهمت في خسارة المحل للملايين بدون أي وجه حق، وحينما يتكرر مثل هذا الأمر لمرات عديدة، يصبح صاحب المحل مجبرا على الإغلاق، لأنه لم يعد يستطيع إدخال الربح في ظل تفاقم الخسائر”.

وبدوره طالب المتحدث، من المسؤولين، بـ”ضرورة التدخل من أجل توفير حلول جادة لتوقيف استمرارية اغلاق المطاعم، لأن الإغلاق يتسبب لا محالة في بطالة أعداد مهمة من العاملين في القطاع الذين يعيلون أسرا وأطفالا”.

لقاء مع وزارة الصناعة والتجارة

وفي المقابل، تواصلت “بلادنا24” مع نور الدين الحراق، رئيس الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، الذي أكد أنه “منذ أكثر من أسبوع، والجامعة تسعى إلى لقاء المسؤولين والمعنيين بالقطاع، من أجل طرح مشكل الإغلاقات المستمرة للمقاهي والمطاعم، الذي ينتج عنه بطالة العاملين وتشريد الأسر”.

وفي هذا الصدد، أفاد الحراق أنه “تم عقد أول أمس الثلاثاء، اجتماعا هاما بين الجامعة الوطنية، ووزارة الصناعة والتجارة، وأنه سيتم فيما بعد إعلان النقاط التي تم التوصل إليها”، مؤكدا على أن الجامعة الوطنية ستعمل على “كتابة مذكرة شاملة حول الإشكالات القانونية والواقعية المطروحة لدى أرباب المطاعم والمقاهي، مرفقة بمقترحات مفصلة موجهة لكل من وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة المالية، سيتم رفعها الأسبوع المقبل”.

وكانت الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، قد دعت سابقا، الحكومة، إلى “سن مسطرة قانونية تسمح بتغيير أو إنهاء النشاط دون تبعات قانونية، وتضمن حماية أجراء القطاع من البطالة، بعد التصفية الكلية للمقاولات”، مشيرة إلى أن “التشخيص الميداني الذي أنجزته مكاتب فروعها في عدد من مدن المملكة، اتضح من خلاله الارتفاع المهول لعدد الوحدات التي أفلست وأغلقت أبوابها نهائيا في الآونة الأخيرة، حيث أكد التشخيص في مدينة فاس وحدها، إغلاق أكثر من 320 مقهى ومطعما في أقل من أربعة أشهر، بمعدل 80 وحدة في كل شهر”.

كما سبق واعتبرت الجامعة الوطنية، أن “ما وصل إليه قطاع المقاهي والمطاعم بأغلب مدن المملكة، هو نتيجة حتمية للقرارات التعسفية التي اتخذتها عدد من الإدارات والمؤسسات والجماعات”، مشيرة إلى “إقدام عدد من رؤساء مجالس الجماعات على المصادقة على قرارات تنظيمية وجبائية، أربكت القطاع في عدد من الأقاليم”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *