تكرار حضور نفس الوجوه.. فنيش: الصناعة الثقافية تقوم على التسويق بـ”الماركات المسجلة”

مع اقتراب شهر رمضان، يكثر اللغط بشأن تكرار حضور نفس الوجوه الفنية على شاشات التلفاز بأدوار متنوعة وفي سياقات مختلفة، بين مؤدي يرى أن الخبرة والمهنية مع الموهبة العالية تفرض على المنتجين تضمين نفس الوجوه في أعمالهم تطلعا لمستوى عالي، وفئة أخرى ترى في الظاهرة تهميشا مباشرا لباقي الفنانين، وخاصة الوجوه الشابة حديثة الظهور في الساحة.

ظاهرة عالمية

وفي هذا السياق، يقول الناقد الفني عبد المجيد فنيش، إن “التركيز على ظاهرة تكرار حضور نفس الفنانين في الأعمال الدرامية في مختلف تصنيفاتها، هي ظاهرة عالمية، ولا تخص بلد دون آخر، وذلك لعدة اعتبارات.

وأضاف فنيش، في تصريح لـ”بلادنا24“، أنه فيما يخص التجربة المغربية، “يمكن القول بأن الفهم الذي انطلق منه هذا الأمر، هو مفهوم الفرقة، الذي تأصل في الساحة الفنية المغربية منذ قديم الزمن، على اعتبارها منظومة فكرية وجمالية لها اختيارات، وبالتالي هذه الاختيارات لها من سيطبقها دراميا”.

وأوضح المتحدث، أن “هذا المعطى، ترك بعض بصماته على الوضع الحالي. لكن يجب أن نعترف أن المؤسسة الدرامية لم تعد كما كانت عليه سابقا، بحكم أن الأمر يتعلق الآن بمؤسسات في شبه مقاولات، وقد يكون هناك تأثير حاجة السوق الى أسماء بعينها”.

وأردف بذكر ما سماه “مجتمع الاستهلاك، الذي يقوم على أساس ترسيخ أسماء (مركات مسجلة) في ذاكرة المشاهد”. بالإضافة إلى العمل على “الاحتضان المالي للأعمال الدرامية، لذلك يبقى للمتلقي رأيه الخاص، في من يريد أن يكون المحتضن بدوره من حقه أن يختار من يكون، على اعتبار أن الأساس هو ضمان وسائل التسويق الواسع”.

الماركات المسجلة

وعن سبب طرح المغاربة لهذا الموضوع في هذا الوقت بالذات، أبرز الخبير الفني، أن “جل إنتاجات الساحة الفنية المغربية، خاصة في المجال الدرامي، مرتبطة بمواسم ومناسبات، ولعل مناسبة رمضان، هي أقوى مناسبة يتجلى فيها اعتماد نفس الوجوه”. مشيرا إلى غياب موسم فني منتظم يغطي السنة كاملة، “وبالتالي ينتج أسماء جديدة، وهنا بالضبط تتقوى حظوظ الأسماء المعروفة سابقا”.

هل الذهاب مع حاجيات الجمهور، وحاجيات المنتج المحتضن، تتم على حساب العمل الفني نفسه؟. سؤال جوهري رد عليه عبد المجيد فنيش، قائلا: “إن كنا نعيد كثيرا نفس الأسماء، لمجرد أنها أسماء مشهورة، بدون اعتبار أن وجودها في العمل تقتضي حاجيات درامية أساسية، فهنا يجب إعادة النظر في الموضوع بكل جدية، صحيح أن هناك صرخات للفنانين الذين ذهبوا بعيدا، واعتبروا أن الأمر إقصاء وتهميش، لكنني أرى أن هذا مرتبط بندرة فرص التشغيل، التي لا تحل أبدًا بالإرضاءات”.

وبالحديث عن الفنان نفسه، هل تكراره في العديد من الأعمال في نفس الوقت، يشكل رافعة وخطوة إيجابية، أم يسهم في انطفائه، وتشتت ذهن المشاهد مع أعماله المتعددة، أوضح الناقد الفني، أن التكرار “يشكل رافعة إذا كان ذو جودة، وإضافة، وغاية درامية”.

وأردف قائلا: “سواء أردنا أو كرهنا، تقنيات الصناعة الثقافية، تقوم على أساس التسويق بالماركات المسجلة، هذا أمر موجود ولا مانع منه وينتشر عالميا. فأكبر الانتاجات العالمية عمدت على تكرار كبار النجوم على مدار أزيد من 30 سنة، لذلك نحن لسنا استثناء. لكن من حقنا أن نتساءل، هل الشروط التي تفضي إلى تكرار بعض الأسماء، نابعة من احتياج فني درامي، أم أنها مجرد إرضاء للخاطر؟”، يختتم فنيش متسائلا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *