مواقف السيارات في سيدي حرازم.. “كريساج علني” و”حراس متسولون”

لكي تكون “حارس سيارات” وتجني أموالا طائلة بدون موجب حق أو قانون في حامة “سيدي حرازم”، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة شرق مدينة فاس، يكفي أن تمتلك صفّارة مربوطة بخيط إلى عنقك وبذلة ملونة “جيلي” وشارة “بادج” كيفما كان مضمونه وقبّعة لتحمي نفسك من حرارة الشمس، ثم تختار مكانا يركن فيه المواطنون سياراتهم في أي نقطة تريد من مدخل الحامة السياحية، بالرغم من أن أغلبية مواقف السيارات يحتلها الباعة الجائلون، وبعد اكتساب الخبرة بإمكانك أن تجمع بين مهمة حراسة السيارات وبين تنظفيها “إجباراً” وسط الشارع العام.

حامة سيدي حرازم تغرق في “العشوائية”

بلادنا24” قامت بجولة في موقف السيارات الرئيسي بمدخل الحامة، حيث لاحظت انتشار الحراس العشوائيين، وأغلبهم أفواج من المراهقين يعملون تحت سلطة حارس سيارات رئيسي يستحوذ على موقف المدخل، ويوجه البقية بتعليماته؛ “حراس السيارات” المراهقين، يستخلصون الأموال من المواطنين مقابل “حراسة” السيارات دون أية وثيقة أو ضمانات تذكر، والغريب في الأمر هو أن الحارس المفترض يترك مكانه لشخص آخر في أية لحظة ليجرّب حظه في جني دراهم معدودة لمدة معينة، كما أن الثمن غير محدّد بل هو متروك لأريحة الزبناء.

ما إن تصل حامة “سيدي حرازم” حتى تتفاجأ بأفواج من هؤلاء المراهقين، وأغلبهم بملابس وقصات شعر تنتمي لما يعرف محلياً بـ”التشرميل”، وهو أسلوب لبس يتبناه أغلبية المراهقين بالمنطقة، متوارثين إياه عن الجيل الذي سبقهم، يتسابق البعض منهم ليعطيك “تعليمات” تساعدك على ركن سيارتك، ثم يحاولون إقناعك بحرية غسل سيارتك، طامعين في مقابل مادي يفوق بكثير قيمة هذه الخِدمة؛ هذا بالطبع على اعتبار أن تعريفة موقف السيارات، لازالت تنتظر السداد عند خروجك، وهي غالباً ما يحددها الحارس الرئيسي في 5 دراهم، دون أي حق، وإن مددته بأقلّ منها، طالبك بزيادة وعلامات الغضب بادية على ملامحه.

بلادنا24“، استرقت السمع لمحادثة قصيرة جرت بين “الحارس الرئيسي” وبين “أتباعه” من المراهقين المنتشرين على طول موقف السيارات، نجمت عن خلاف حول “زبون محتمل”، رفض أداء التسعيرة المفروضة عند وصوله لمخرج الحامة، بدعوى أنه مد أحد أولائك المراهقين بمبلغ 20 درهماً لغسله سيارته، فضلاً عن مبلغ 5 دراهم أخرى لبقاء سيارته داخل الموقف، وهو ما دفع بالحارس الرئيسي لتوبيخ باقي “الأتباع” وتنبيهم بحث المواطنين على أداء تعريفة حراسة سيارتهم على مستوى مخرج الموقف.

وجاءت المحادثة كالآتي (بالدارجة):

الحارس الرئيسي: “قلتليكم أصاحبي إلا غسلتو لشي واحد الطوموبيل تخلصو منو وقولولو بلي كاين العساس لفوق باش يكون عارف”. “مبغيناش مشاكل، يمشي يكون شي “كليان مودريغة” يجيبلينا البريكاد ونصدقو لا أنا لا نتوما هنايا”.

“الحراس المتسولون” ينهبون المال العام

وهذا إن دل على شيء دل على “فوضى” التدبير التي تعيشه حامة “سيدي حرازم” العريقة، والتي تدفع عدداً من المواطنين الراغبين في الاستجمام والبحث عن فضاء مريح بعيداً عن ضجيج المدينة ودخان السيارات، إلى التراجع والبحث عن مكان آخر، أمام ما يعتبرونه “انعدام أمان” و”سوء تدبير” لمرافق هذه المنطقة السياحية التي تزخر بمؤهلات غنية.

كما أن كثيراً ما يدخل أصحاب السيارات في مشادة كلامية مع “الحراس المفترضين” الذين يفتقرون إلى أسلوب مهني في التعامل مع الزبائن المفترضين، إما بسبب الثمن حين يرفض الحارس تسلم درهم أو درهمين ويطلب المزيد، أو عندما يطالبه الزبون بوصل أو ورقة معينة تضمن المعاملة. كما أن بعض المواطنين يتفادون تلك الحوارات مع الحراس الذين أغلبهم تبدوا عليه علامات الغضب، كما أن أغلبهم يتعاطون المخدرات.

وفي حديث له مع “بلادنا24“، قال مواطن رفض الكشف عن هويته، إن “استغلال مداخيل المرافق العمومية الخاصة بوقوف السيارات بالطريقة الحالية، تعتبر نهباً للمال العام، لكونها تدرّ مداخيل مهمة على أصحابها المجهولين “، مشدّدا على “تسوية الوضعية وتقنين العمل بالمواقف الخاصة بالسيارات، مع تحريرها من الفوضى التي يحدثها الباعة الجائلون والفرّاشة بسبب العشوائية وسوء التنظيم”. مشيراً إلى أن “انتشار هؤلاء المراهقين الذي وصفهم بـ”المرتزقة”، يبعث شعوراً بعدم الأمان، مطالباً في هذا السياق السلطات الأمنية بتحرير المنطقة من الفوضى والعشوائية”.

هذا، ويتطلب هذا الوضع تدخلاً عاجلا للسلطات المختصة، لتحرير هذه المنطقة السياحية المهمة من فوضى “الحراس المتسولين”، لاسيما مع اقتراب فصل الصيف، التي تنتعش فيه الحامة اقتصادياً، وتستقبل فيه أفواجاً بالمئات يومياً من المواطنين، سواء من داخل فاس أو خارجها، طامعين في الهدوء والاستجمام، والبحث عن ملجأ يقيهم حر شمس الصيف.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *