هل هذا هو التواصل الذي تصرف عليه الملايير؟.. مكتب الخليع يعاكس توجهات الدولة ويتجاهل دستور البلاد

في الوقت الذي تواجه فيه الدولة المغربية، تغوّلاً ونرجسية من “اللوبي الفرنسي”، لاسيما بعد هجوم إعلام ماكرون على المغرب والمغاربة، يأبى مسؤولو التواصل في المكتب الوطني للسكك الحديدية إلا أن يعاكسوا هذا التوجه ويخدموا المصلحة الفرنسية وثقافة المستعمِر السابق للبلاد.

ولا شك أن متتبعي صفحات المكتب الوطني للسكك الحديدية، يتابعون منشوراتهم في منصات التواصل الاجتماعي، وكأنهم يخاطبون سكان الإليزيه ومواطنيه وليس المغاربة، المعنيين بالأساس بالمنشورات والعروض وكذلك الاعتذارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع من مكتب ربيع الخليع، ومسؤولة التواصل التي لا تجيد أبجديات دولة لها سيادة ولغتين رسميتين، ولا وجود للغة “ماما فرنسا” بينهما.

فاللغة الفرنسية التي تجاوزها الزمن علميا وتكنولوجيا، والتي طردت بالأمس القريب من دول إفريقيا، لم تعد لها وجود فعلي، لكن مكتب الخليع ومن معه من مسؤولي التواصل، يأبون إلا أن يستعملونها ضدا على توجهات الدولة ودستور البلاد.

وبالأمس القريب، وفي نشاط دولي حضره ممثلو الإليزيه وباقي دول أوروبا وإفريقيا، رفض الوزير رياض مزور الحديث باللغة الفرنسية، وكأنها إشارة حكومية ضمنية لباقي المسؤولين للاعتماد على لغتيهم الأم العربية والأمازيغية، لكن مسؤولي التواصل الرقمي في مكتب الخليع وكأنهم لا ينظرون للإشارات الضمنية، ومتشبثون بفرنسة المؤسسات العمومية، ضدا أسمى وثيقة في البلاد.

فالتواصل الرقمي، ليس صرف الملايير تارة لـ”آل الفاسي الفهري”، وتارة أخرى لوكالة إعلانية أخرى، بل هو القرب من الزبناء والتعامل معهم بكونهم مواطنون ودافعو الضرائب و”تسثتمرون” من أموالهم، وليس مواطنون من درجة ثانية، يتم التعامل معهم باستعلاء شبيه بذلك الذي تعامل به إيمانويل ماكرون في وقت الزلزال.

فلا يريد المغاربة اللغة الفرنسية، لأنهم متمسكون بدستور البلاد ولغاته الرسمية، واللغة الأمازيغية ضمنها والتواصل بها سبيل لتعزيز تواصل المغرب الحديث، الذي يبدو وكأن مسؤولة التواصل وباقي الأوصياء عن هذا الجانب يغيبون الأمر عنهم، ويكتفون بلغة دولة تعادي البلاد وترفض الاعتراف بمغربية الصحراء، وتتقرب بين الفينة والأخرى من أعداء الوحدة الترابية والمغرب والمغاربة.

فإلى متى سيستمر هذا العبث في مكتب الخليع، ومعاكسته لتوجهات البلاد، وكأن المغرب الحديث بقيادة الملك محمد السادس يتجه بسرعة الضوء إلى الأمام، لكن التواصل الرقمي للمكتب الوطني للسكك الحديدية، يتوجه بسرعة “البراق” لكن إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، عندما كانت تُدار البلاد من مستعمر وليس من ملك يقود بلاده وشعبه للأمام، بعزم وحكمة وتبصر، تُغني المغاربة عن “ماما فرنسا” وتجعل من الرباط قوة إقليمية ودولية صاعدة في كل المجالات.

وفي ما يخص التواصل الرقمي، فعوض هذه “الخرجات غير المحسوبة” بلغة فرنسية دخيلة، من الأجدر العمل على توثيق الصفحات التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية، بدلا من صفحات “مجهولة الهوية” لا نعلم هل هي تابعة لمكتب الخليع أم يسيرها أشخاص عاديون.

وفي سياق ذي صلة، فالمسؤولة عن التواصل في مكتب الخليع وكأنها تحتاج لدورة تكوينية في التواصل الحديث، فلا بأس في ذلك، لكن سنتطرق لنموذج شهير كان في أواخر خمسينيات القرن الماضي، عندما كان المغرب مستعمرا من “ماما فرنسا”، وهو نموذج “لاسويل”، قديم بعض الشيئ وباتت نماذج وصيغ جديدة في الجانب التواصلي، لكن وبالرغم من ذلك فسيفي بالغرض، وسيكون أفضل من هذا التواصل الذي يقوم به مكتب الخليع.

فنموذج لاسويل، يقوم على 5 أساسيات، ونقاط أساسية تحد حجر الأساس لأي رسالة إعلامية، وهي (Who. What. in Which Channel .to Whom. With what effect)، والمقصود بها من المرسل وماهو محتوى الرسالة، وعبر أي قناة أو منصة، ومن هي الفئة المستهدفة، وماهي تأثير هذه الرسالة.

فلا بأس في تطبيق هذه الصيغة، على “الاعتذار” الذي قدمه المكتب الوطني للسكك الحديدية باللغة الفرنسية للزبناء، بسبب العطل الذي طال القطارات، فالرسالة تتعلق بـ”الاعتذار المزعوم”، وبالنسبة للمرسل فهم مسؤولة التواصل ومن معها في المصلحة التي تديرها، وعن القناة فلم تكن سوى صفحات المكتب في منصات التواصل، أمام المستهدفون فهم زبناء “أطلس” و”نافيط”، أما بالنسبة للرسالة المتوخى إيصالها، فلم تكن بالأساس، وبالتالي فلا الرسالة المعتمدة كانت بلغة المتضررين أو الزبناء ولا الرسالة وصلت، ولا التواصل قد أقيم، لكن الملايير صُرفت في تواصل رقمي لا يُسمن ولا يغني من جوع.

فعالم السياسة والاتصالات الأمريكي، لاسويل، كان يبحث في التواصل الأمريكي، وباقي دول العالم، لكن أغفل النموذج الفريد لمكتب الخليع ومسؤوليه في التواصل.

ويقول أحد المسؤولون السياسيون “هاداك ماتايعرف يدوي ماتايعرف يسكت”، وهو المثال الذي ينطبق تماما على مسؤولي التواصل في المكتب الوطني للسكك الحديدية، فلا هم صمتوا كان خيرا لهم من هذه “الكارثة التواصلية”، ولا هم تواصلوا بلغة المغاربة، ولا هم أجادوا تدبير الأزمة، ليس فقط هذه المرة، وإنما في عديد المحطات، كان آخرها وفاة طفل في محطة الرباط أكدال.

نتساءل كما يتساءل المغاربة، كيف ستكون ردة فعل ياباني سيحضر لمونديال 2030، ويتابع تأخر القطار لساعات ورسالة بلغة دخيلة واعتذار بئيس؟، لا شك أن المكتب سيتسبب في أزمات نفسية للسياح الآسيويين في المونديال المقبل.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *