أغنية “كوبي أتاي”…جدل حقوقي ومجتمعي ينتظر كلمة القانون

أثارت أغنية “كوبي أتاي”، الكثير من الجدل، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعدما حققت تداولا قياسيا، في وقت وجيز، أعقبه تتبعا وتفاعلا كبيرين، ودعوات مجتمعية، وحقوقية، بالتدخل العاجل، لوقف مثل هذه المحتويات المتطفلة على الفن، والتي تحتوي على مقاطع، يدعو أصحابها لاستغلال القاصرات جنسيا، واغتصابهن، بكلمات لاأخلاقية، تضرب في سمعة وكرامة المرأة المغربية، والتشجيع على استهلاك المخدرات.

وفي الوقت الذي يحاول فيه المجتمع المدني والحقوقي، وكافة أطياف المجتمع، جمع الشتات الذي تخلفه آفة “البيدوفيليا”، ويضمد جراح معانات الضحايا، ويعالج المآسي الناتجة عنها، وكذلك يكافح من أجل محاربة ظاهرة اغتصاب الاطفال، طفت أغنية “كوبي أتاي” على السطح، على شكل فيديو كليب، تحت مسمى الفن، ليعمق جراع الوضعية التي تعاني منها البلاد، في مكافحة الفساد، وتطوير مستوى الذوق العام.

جريمة ضد المجتمع

وبعد تصاعد الدعوات الحقوقية لردع مثل هذه التصرفات المشينة، التي تتجدد بين الفينة والأخرى، عبرت أسماء المراني، نائبة رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، عن اسغرابها من “المضامين السمعية البصرية المخجلة والمحزنة لهذه الأغنية، ومن الرداءة التي تطفو على السطح باسم الفن والإبداع، دون حد أدنى للقيم الأخلاقية، من خلال استخدام كلمات ساقطة، وإيحاءات جنسية حاطة من كرامة الأنثى، ومحرضة على الفساد والتعاطي للمخدرات.

وأكدت أسماء المراني، في تصريح لـ”بلادنا24“، على أن “تصرف هؤلاء الشباب، عكر صفو أجواء احتفالية ذكرى مهمة لكل الحقوقيات والمناضلات المغربيات، والمرأة في كل أنحاء العالم، الموافقة للثامن من مارس الجاري، وضربت بالأشواط النضالية والترافعية المهمة التي قطعتها المملكة المغربية في مجال حقوق المرأة وضمان كرامتها، عرض الحائط، من خلال توجيه كلمات مسيئة في حقها، تحت ما يسمى بالفن والابداع”.

وإلى جانب هذا، أوضحت المتحدثة، أن “المغرب تجاوز مراحل مهمة في موضوع مجتمعي، ذو طابع حقوقي يهم الجميع، سواء كانوا فنانين، أو حقوقيين، أو منتجين، كل من موقعه”. مسجلة أن “مثل هذه الخرجات، التي يعتبرها الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، جريمة ضد المجتمع، يجب متابعتها قانونيا، كونها تعود بالبلاد للوراء، وتحمل رسائل خطيرة يتم تمريرها من خلال هذا اللون من الأغاني الساقط، الذي ليس لديه أيه مقومات للفن”.

هذا الفعل، تضيف الناشطة الحقوقية، “لا ينقص من صورة المرأة وحدها، وإنما يضرب في مكانة الرجل، والمجتمع ككل”. متسائلة في ذات الوقت، “كيف يسمح لهذه الرداءة، أن تمر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بدون أية رقابة من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، في إطار القانون المنظم لها، لتنظم كل ما يتم بثه في القنوات، سواء الرسمية أو الالكترونية؟”.

وتأسفت نائبة رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، لـ”الأوضاع التي أصبحت عليها مواقع التواصل الإجتماعي، بدون حسيب أو رقيب، والتي أصبحت تتجاوز القانون، والهيئات المنظمة لقطاع السمعي البصري، وتمرر محتويات ورسائل ضارة وغير نافعة للمجتمع”. وطالبت بـ”التدخل العاجل لوقف مثل هذه الإنتاجات الفنية، التي تسيئ للبلد والمجتمع، وكل ما تم النضال من أجله لعقود طويلة”.

كما دعت إلى”ضرورة تحمل المسؤولية، والقطع بصفة نهائية مع المحتويات غير نافعة للمجتمع، والاجتهاد في كل ما يتم إنتاجه، وطرح أعمال فنية هادفة وجادة، تخدم مصلحة المجتمع، من أجل تحقيق المزيد من الحقوق، وتحصين مكتسبات المرأة المغربية عبر التاريخ”.

عقوبات جنائية

وبالإضافة إلى الجانب الحقوقي والمجتمعي، رافق هذا الجدل، تساؤلات عدة حول كلمة القانون من هذه القضية، خصوصا وأن كلمات الأغنية، تشجع على الفساد في قضايا مجتمعية حساسة، يولي لها القانون المغربي عناية خاصة، كاغتصاب القاصرات، وتعاطي المخدرات، وغيرها.

وفي هذا السياق، أكدت المحامية عائشة الكلاع، إنه “من حيث المبدأ، فالقوانين واضحة لكل من يحاول المس بالأخلاق العامة، لارتباطها الوثيق بعرض الناس وكرامتهم وشرفهم”. مشيرة إلى أن “التحريض على الفساد، والاغتصاب، والمس بالحياء العلني بجميع الوسائل، سواء كانت لفظية مباشرة، أم مصورة، يعاقب عليها القانون الجنائي”.

وأشارت الكلاع، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “تزايد مثل هذه الظواهر، يستوجب تدخل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، لوقف مثل هذه الخروقات”. مسجلة أن “إيداع أغنية تحمل كلمات مشينة، وتضرب في سمعة المرأة المغربية عامة، والفتيات القاصرات بشكل خاص، إلى جانب التحريض على أفعال اجرامية، يستدعي التدخل من طرف الجهات المسؤولة، لوقف بثها عبر منصة يوتيوب، وبالتالي، حجب مشاركتها عبر منصات الاستماع الأخرى”.

وبخصوص المساطر القانونية المتبعة في هذه الحالة، أوضحت المتحدثة، أن “تحريك الدعوى العمومية، يتم عن طريق النيابة العامة المختصة، بتنسيق مع السلطة التقديرية، التي تقوم في كل مرة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، والمتابعة القضائية، في مثل هذه القضايا التي تكتسي طابع الجريمة، في حق مرتكبي هذه الأفعال الإجرامية”.

وبخصوص العقوبات التي ينص عليها القانون الجنائي في مثل هذه الحالات، أكدت المحامية والناشطة الحقوقية، أن “تكييف القانون يتم عن طريق النيابة العامة، بعد التحقيق في أبعاد الجريمة، ومعرفة ما إذا كانت هذه الأغنية تشجع على التحريض والفساد، والعنف، وغيرها”. وأوردت أن “تحديد الفعل الجرمي، يتم على أساسه وضع العقوبة المنظمة قانونا”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *