من ’’تافيلالت إلى باريس’’.. باحث يبرز أهمية الاعتراف الدولي بفن الملحون

يعد فن الملحون تراثا مكتنزا يختزل مقومات الثقافة المغربية العربية الأندلسية، ومظاهر حياتها الأصيلة، ويتخذ من اللهجة العامية أداته، ومن مضامين اللغة الفصحى بشعرها ونثرها، مادته التي تتلون مواضيعها بألوان التوسلات الإلهية، والمدائح النبوية.

وعلى الرغم من أن الموسيقى التراثية لا تحظى بالقيم التي تستحقها، من لدن المستمع المغربي، خاصة الشاب، مقارنة مع باقي الألوان الموسيقية الأخرى، كالراب والراي والشعبي، إلا أن المتتبع يجد أن الملحون له جمهوره الخاص و متفرد.

الاعتراف الدولي بفن الملحون

يقول أهل الفن، بأن الملحون عبارة عن مجموعة من الأشعار القديمة، التي يعاد تلحينها وغناؤها، وفق قواعد وآلات موسيقية متنوعة تجعله متفردا متميزا مختلفا عن باقي الأنماط الموسيقية الأخرى، ولعل بساطته واختلافه أدخلته العالمية من أبوابها الواسعة، بعد الاعتراف الدولي الذي حصل عليه كفن وإرث ثقافي عريق.

وتعليقا على ذلك قال محمد الحضري، منشد وشاعر وباحث في فن الملحون، ورئيس جمعية ’’إرث فن الملحون’’ بمدينة فاس أن إدراج فن الملحون بقائمة التراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونيسكو، ’’اعتراف مستحق لفن أصيل متجدر في التراث المغربي العريق والمتنوع والغني عن التعريف، كما أنه اعتراف بإرث مغربي أصيل ورافد من روافد الهوية الثقافية المغربية’’.

وأضاف الباحث  في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أن “الاعتراف الدولي بفن الملحون، لديه وقع إيجابي على التراث الموسيقي المغربي، مساهما بذلك في المحافظة عليه من السرقة’’.

كما سجل الحضري، ومن خلال الاعتراف الدولي، ’’سيتم النهوض بهذا النمط الغنائي الذي ينتظر أن يتم استثمار الاعتراف به عالميا بطريقة جيدة، مع الاستفادة منه كرافد أساسي للصناعة الثقافية التي يسعى لها المغرب’’.

استثمار الاعتراف الدولي

أوضح المتحدث ذاته،  على أنه ’’يجب أن يبدأ الترويج لهذا الفن العريق، من خلال الاستثمار الفني والبحث عن رؤوس أموال من أجل توسيع رقعة الاستثمار، في فن وموروث ثقافي، له أزيد من 5 قرون، مع إعادة تمركزه في الخريطة والساحة الفنية’’.

ودعا الحضري، وسائل الإعلام إلى “تسليط الأضواء أكثر عليه مع المواكبة المستمرة، من أجل ترشيد الوعي المجتمعي بنمط غنائي مغربي أصيل، وعريق متجدر في الثقافة المغربية’’.

كما اعتبر الباحث، أن هذا الاعتراف، هو ’’بداية للنهوض بالتراث المغربي الأصيل، من خلال مساهمة رواد هذا الفن في النهوض به من جديد، مع إبراز أهميته الكبرى، عن طريق التركيز على الإبداع المحلي المغربي في ظل الموجات الغنائية التي يعيش العالم على وقعها’’.

دور الفنان في المحافظة على التراث الموسيقي

وأوضح الحضري، أنه ’’للفنان المغربي دور كبير في المحافظة على التراث الموسيقي المغربي من الاندثار، من خلال غناء الأغاني المغربية التراثية في المحافل والمناسبات الدولية، كما أنه ملزم بالحفاظ على النص الشعري والجملة الموسيقية المغربية الأصيلة’’.

وعن إعادة الشباب لأغاني الرواد، وللموروث الموسيقي المغربي العريق، يرى الشاعر أنها ’’بادرة طيبة ستمكن من تعرف الأجيال الصاعدة على أغاني الرواد بالطريقة التي يحبونها’’، مردفا ’’أنا مع إعادة الموروث الموسيقي المغربي، وإضافة التجديد له، لكن مع ترك الطابع الأصيل به، ليس تجريده بشكل نهائي من أصالته وعراقته’’.

كما أضاف ’’نحن اليوم ملزمون بمواكبة الشباب والموجة الشبابية، لا يمكننا معارضة ذلك طالما لا يجعل الموروث الموسيقي ينسلخ من هويته الأصلية’’.

مؤكدا فخره واعتزازه، بما يقوم به الجيل الحالي، من المغنيين الشباب، كما أنه سعيد أيضا بالنجاحات التي تحققها الأغنية المغربية التراثية، مع إضافة اللمسة الشبابية، مشيرا للفنانة سناء مراحتي، التي تعامل معها كثيرا في بداياتها الفنية، ’’إعادة الموروث الموسيقي المغربي كما تفعل مرحتي لا يضر بالأغنية المغربية الأصلية’’.

من تافيلالت إلى باريس

أشار المتحدث، إلى أن أصل الملحون المغربي، ليس هو فاس كما هو شائع، فنقطة انطلاقه كانت مدينة تافيلالت، لينتقل بعد ذلك إلى العاصمة العلمية، عن طريق الصناع التقليدين والحرفيين الذين حطوا الرحال بفاس.

وأكد الحضري، أن فن الملحون، الذي يعود أصله لأزيد من 5 قرون، ارتبط بمدح السيدات، وبمعالجة مجموعة من القضايا الاجتماعية وقتها.

كما أشار محمد الحضري، إلى الآلات الموسيقية التي كانت تستخدم سابقا، مثل ’’الحندقة والطر والتعريجة والدف’’، قبل أن يدخل له الإيقاع و الآلات الوترية مثل ’’سويسن والعود والكنبري والكمان’’.

وخلص المتحدث، إلى أن هذا الفن العريق، لا يعتمد على كاتب كلمات وموزع، بل يكتفي فقط بشاعر ومؤدي، دون وجود ملحن نظرا لكون أشعاره لا تحتاج  لذلك، ومن هنا جاء اسم ’’الملحون’’.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *