لتجنب تبعاته.. على ماذا تعول الحكومة في تمويل قرار الزيادة في أجور الموظفين؟   

قبل يومين فقط من إحياء العمال لعيدهم الأممي، يوم فاتح ماي، قررت الحكومة، زيادة في الأجور الشهرية لموظفي القطاع العام، بلغت 1000 درهم، إلى جانب رفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص بنسبة 10 في المائة، وذلك في إطار الجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي.

هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة، في إطار اتفاق جمعها مع المركزيات النقابية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بعد مناقشات طويلة، انطلقت منذ حوالي أسبوعين، تهدف إلى تحسين دخل موظفي القطاعين الخاص والعام، بالإضافة إلى مراجعة نظام الضريبة على الدخل، وتشريعات العمل، وإصلاح منظومة التقاعد، وكذا القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.

وعلى الرغم من الانعكاسات الإيجابية لهذه الزيادة على الوضعية المعيشية للمواطنين، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، ومعدلات التضخم، إلا أن بعض المحللين الاقتصاديين، رأو أن هذه الزيادة ستكون مكلفة للحكومة، التي بات عليها خلق نوع من التوازن على المستوى الاقتصادي، خاصة وأن الاقتصاد الوطني عاش العديد من الانتكاسات، منذ جائحة كوفيد 19، مرورا بسنوات الجفاف التي مازالت مستمرة، إلى واقعة زلزال الحوز الأخيرة.

تفادي المزيد من الاحتقان

ولتفسير أسباب هذا القرار الحكومي، قال محمد جدري، المحلل الاقتصادي، إن “الحكومة كانت مضطرة للقيام بهذا الحوار الاجتماعي، وإقرار زيادة مباشرة في أجور موظفي القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى زيادة غير مباشرة في كل ما يتعلق بالضريبة على الدخل، لتفادي المزيد من الاحتقان الذي عصف بالعديد من القطاعات منذ أشهر طويلة”.

وربط محمد جدري، في تصريح لـ”بلادنا24“، هذه الزيادة، “بأمرين أساسيين، يتعلق الأول بتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، بسبب الجفاف، وفقدان مناصب الشغل، والحملة التضخمية التي شهدتها المملكة خلال ثلاثة سنوات الماضية”. فيما يرتبط الثاني، بـ”الزيادة في الأجور، التي سبق للحكومة أن أقرتها لعدد من موظفي القطاعات الأخرى، على غرار التعليم والصحة”. مشيرا إلى أنه “لا يمكن للدولة الزيادة في أجور فئة معينة، واستثناء فئة أخرى، مهما كلفها ماديا”.

وإلى جانب هذا، شدد المتحدث، على أن “هذه العملية ستكلف الحكومة عشرات الملايير من الدراهم سنويا”. مشيرا إلى نفقات الموظفين، تصدرت قائمة نفقات الميزانية العامة لسنة 2022، بما مجموعه 147.755.797.453.51 درهما، أي ما يعادل 98.51 في المئة من الاعتمادات المالية النهائية.

إصلاح الضريبة وخلق التنمية

ولتدبير هذا القرار، وتجنب تبعاته في المستقبل، تعول الحكومة، بحسب المحلل الاقتصادي، “على أمرين أساسيين مهمين، يتجلى الأول في إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وكذا الشركات، مما مكنها من تحصيل مداخيل استثنائية، خلال السنتين الماضيين”. مؤكدا على أن “حصيلة الضريبة على القيمة المضافة خلال الربع الأول من العام الجاري، فاقت التوقعات بكثير لقانون المالية”.

وفيما يتعلق بالأمر الثاني، يضيف المتحدث ذاته، أن الحكومة “تراهن على خلق التنمية، عن طريق نسب نمو السنوات المقبلة، المتمثلة في 3، 4، و5 في المائة، لتوفير الثروة، وتوسيع الوعاء الضريبي، وبالتالي تحصيل مجموعة من الموارد للمضي قدما في هذا الاتجاه”.

اللجوء إلى المديونية

هذا، وأبرز محمد جدري، أنه “في حالة عدم تحقيق هذه الأهداف، ستكون حكومة أخنوش مضطرة أن تلجأ إلى المديونية على المستوى الداخلي أو الخارجي، وهذا ما سيكلفها الكثير، لأنه سيرهن الأجيال القادمة”. مسترسلا: “خلال السنوات المقبلة، يمكن للحكومة أن توازن في مزانيتها، لتحمل هذا العبئ الكبير الذي خلفه الحوار الاجتماعي، من خلال الاستثمار في مجموعة من القطاعات الواعدة”.

الاستثمار في الماء والطاقة

وفي الختام، شدد المتحدث، على أن “حل الإشكاليات التي تواجه الماء والطاقة، ستساهم في تحقيق نسبة مهمة من النمو، تتمثل في 5، 6، و7 في المائة، الكفيلة بخلق الثروة، وفرص الشغل، كما أنها ستمكن من إدماج القطاع غير المهيكل في القطاع المهيكل، ليسهم بدوره في تنمية البلاد، وبالتالي تجاوز الآثار السلبية الناجمة عن مثل هذه الحالات”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *