تعديل مدونة الأسرة يشُدّ الحبل بين “الإسلاميين” و”الحداثيين”

عاد إلى الواجهة من جديد، الجدل، بشأن تعديل مضامين مدونة الأسرة. فبعدما منح الملك محمد السادس، الحكومة، مهلة ستة أشهر، من أجل رفع مقترحاتها بشأن التعديل، اشتد الجدل بين الأحزاب السياسية، الإسلامية، واليسارية، حول تعديل مدونة تحافظ على التوابث الدينية دون المساس بها، وبين تعديلات تواكب مظاهر العصرنة والحداثة، إلى جانب المواثيق الدولية الداعية إلى المساواة بين الجنسين.

وبخصوص منظور الأحزاب الإسلامية بشأن تعديل المدونة، انتقد حزب العدالة والتنمية، خلال المهرجان الوطني حول إصلاح مدونة الأسرة، الذي عقده الأحد الماضي بالدار البيضاء، (انتقد) مضامين مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الموضوع ذاته، الذي ينص على جعل نظام الإرث الإسلامي اختياريا، إلى جانب نظام الوصية، ورفع كل قيد أو ضابط شرعي عنها، مشيرا إلى أن “طريقة إعداد المذكرة والمصادقة عليها، تخالف التوجيهات الملكية في الشق المرتبط بالمرجعية الإسلامية”، حسب تعبيره

مظاهر التمييز والعنف

وأشعلت تصريحات “البيجيدي”، الخلاف بين الأحزاب السياسية، حيث اعتبرت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، أن وضعية النساء على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مازالت تعاني من مظاهر التمييز والعنف. مؤكدة على أن “تحقيق المساواة الفعلية القائمة على التمتع الفعلي بجميع الحقوق، شرط أساسي لبناء مجتمع عادل، يصون كرامة كافة أفراده، دون أي تمييز”.

وأوضحت التامني، في تصريح لـ”بلادنا24“، أنه “على المستوى السياسي، لم ترقى مكانة النساء إلى المستوى المطلوب. كما أن ثمثيلية المرأة على مستوى مصادر القرار، وداخل المؤسسات العمومية، تبقى جد ضعيفة”. مبرزة أنه “من الناحية القانونية والمؤسساتية، لا يوجد ما يكرس مبدأ المساواة بين الجنسين، والمناصفة الحقيقية، وهو إشكال قانوني وثقافي، وإشكال كذلك في والوعي الذكوري السائد”.

وعلى المستوى الاقتصادي، أشارت النائبة البرلمانية، أن “هناك ضعف فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي بالنسبة للنساء”. وأظهرت أنه “في ظل هذه الأزمة التي يعاني منها المجتمع، مع استمرار الغلاء المعيشي، بسبب الارتفاع المهول في الأسعار، الذي مس جل المواد الغذائية الأساسية، ونقص مناصب الشغل، تتجلى معانات نسائية حقيقية، تستدعي مراعاة مصلحتهم أثناء تنفيذ القرار”.

وسجلت المتحدثة، أن “ارتفاع البطالة في صفوف النساء المغربيات، تزايد بشكل مهول، وذلك راجع إلى سوء التدبير للأوضاع النسائية الذين تعرضوا لفقدان مناصب الشغل، وقوتهم اليومي، في ظل ظروف الأزمات المتتالية الراهنة، المتسمة بالعجز على المستوى الاقتصادي”.

تغيير حقيقي

وقالت فاطمة التامني، إن هناك “ما يقارب مليوني أسرة، تعليها نساء، يشتغلون في وظائف غير مهيكلة، إما بأجر أقل، أو القيام بأعمال، بدون أي حماية اجتماعية، أو صحية، وغيرها”. مضيفة أن أغلب النساء، “يشتغلن في ظروف جد متردية، ومع ذلك مسؤولين على أسرة كبيرة”.

وعلى المستوى الاجتماعي، يعاني النساء، بحسب برلمانية “الرسالة”، من “الدونية، وحقهم في الولوج إلى صحة عمومية جيدة تحفظ كرامتهن”. مردفة أنه “وبعد صدور مدونة الأسرة، والتي مرت عليها 20 سنة، والتي أظهرت العديد من الاختلالات، ومازالت مستمرة، لم تستطع حل المشاكل التي عانت ومازالت تعاني منها النساء، سواء على مستوى الولاية على الأبناء، أو التفقة، أو على مستوى العديد من القضايا المطروحة في مختلف المحاكم، بحيث أن هناك تمييز كبير على المستوى المؤسساتي، كون أن القوانين لم تأتي لإنصاف المرأة”.

وتتطلع النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، من تعديل مدونة الأسرة، أن يكون هناك “تغيير حقيقي، جذري، وشامل، في مضامين وقوانين مدونة الأسرة الحالية”. مشيرة إلى أنها “لم تكرس مفهوم المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة، ولم تلائم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، والتي تنص على المساواة بين الجنسين”.

وطالبت في هذا السياق، بـ”الملائمة مع دستور 2011، الذي ينص على المساواة، وسمو المواثيق الدولية، وبتغيير جذري على مستوى المنظومة القانونية بشكل عام، بما فيها القانون الجنائي، الذي يركز على البعد الأخلاقي أكثر من إنصاف المرأة، وكامل حقوقها مثلها مثل الرجل في إطار توازن الأسرة”، حسب تعبيرها.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *