حدوتة قبل النوم لكل الاعمار

مع حلول ساعات الليل واقتراب لحظة الاسترخاء والغوص في نوم عميق، يجد الكثيرون متعةً لا تقاوم في سماع حكاية قبل النوم، إنها العادة القديمة التي ارتسمت عبر الأجيال، حيث تجمع بين سحر القصة والفائدة العميق، تتسلل هذه القصص إلى أذهاننا، مساعدةً على تهدئة عواطفنا وإرشاد أفكارنا نحو أرض الأحلام بسلاسة، لذلك سنقدم لكم في المقال التالي حدوتة قبل النوم.

حدوثة قبل النوم

تتنوع حكايات الليل بين الأعمار، فبعضها مخصص للصغار ويحمل بين ثناياه عبرًا تربوية وقيمًا، أما القصص التي تستهوي الكبار والصغار على حد سواء، فتأتي بتنوعٍ مدهش، تلامس خيوط الحكمة والتجربة، فهي ليست مجرد سرد للحروف، بل تحمل في طياتها قطعًا من الحياة، توجه الأنظار نحو أعماق الذات والمجتمع.

لا تقتصر حكايات الليل على اللغة الفصحى فقط، بل تمتد لتشمل العامية أيضًا، هذا التنوع يعزز من جاذبية هذه القصص، فاللغة العامية تجلب معها شيئًا من البساطة والقرب، مما يزيد من تأثير القصة وقوتها في التواصل مع مختلف الفئات.

إن استماعنا لحكاية قبل النوم ليس مجرد تسلية للوقت، بل هو استثمار في أرواحنا وعقولنا، فهذه اللحظات تنسجم مع احتياجاتنا البشرية الأساسية، لتغمرنا بموجة من الهدوء والاسترخاء، مهيئةً لنا الطريق إلى رحاب الأحلام بكل يسر وسلاسة.

حدوثة الملك والعمة الشريرة

كان يا مكان في قديم الزمان، ملك غني جدا، عاش في قصرٍ كبيرٍ يمتد على ضفاف الزمن، مع ابتسامةٍ خفية تحمل ذكريات غائبة، كان يقاسم هذا القصر مع ابنته الوحيدة وأبنائه الثلاثة، ذكريات عشّها كلها، ولكنها تجلّت بوضوح في عيون ابنته الصغيرة التي كانت تُعلق كل أملها على حنان الأم الغائبة.

كان الأب مهتما برعاية أطفاله كالجد الحكيم الذي يروي القصص الساحرة، كان يجلب لهم الفرح بحبه والأمان بحنانه. لم يكن هناك يومٌ يمضي دون أن يشاركهم اللحظات ويشعرهم بأنهم الكنز الثمين في حياته.

لكن كلما مرت السنوات، تغيرت ملامح الأيام، انشغالات الملك المتزايدة أعقبها انحسارٌ تدريجيٌّ للوقت الذي كان يخصّصه لأولاده، وبالتوازي، انعكست هذه التغيّرات على ابتسامات وجوه الأطفال، لم يكن الاهتمام يعلو بنفس النبرة، ولم تعد اللحظات بجانب والدهم كما كانت عليه.

في ظل هذه الأجواء المتغيّرة، بدأت تلك الصورة البهيجة تتلاشى، والألوان تختلط بالرمادي، قبل أن يندلع الخريف في حديقة القصر، ظهرت بظلمة قلب العمة فكرةٌ مرعبة، هل يمكن أن يختفي الأطفال؟ هل يمكن لها أن تأخذ مكان الأم في حياة الملك؟

وجدت الفرصة عندما همست الغابة بهمومها، انطلقوا أطفال الملك نحو المغامرة المثيرة التي وعدت بها العمة، كانت الأشجار ترقص بفرح والورود ترتدي ألوان الأمل، وصلوا إلى مكانٍ أخضر شاسع، وكانت العمة تبث فيهم سحرها المخادع.

عندما ضجّت القلوب من اللعب والفرح، دنت العمة من أذنيهم وهمست: “استريحوا هنا قليلاً، تحت أشعة الشمس الدافئة.” غلب على الأطفال النعاس واستلقوا، وأغلقوا أعينهم برهة، لكن ما لم يعلموه أنها أرادت أن تكون آخر رؤية لعيونهم.

استدركت العمة فرصتها المنتظرة وتركتهم تحت أشعة القمر وحسب، دنت الحيوانات المفترسة وهم تشم رائحة الفرصة، وكأنها كانت مكمن الظلام في زوايا قلوبها.

عادت العمة إلى القصر محملةً بسرورها، انتصرت على حنان الأم، وأصبحت هي الأميرة الوحيدة في هذا المملكة الباردة. أما الملك، فلم يدرك بعد العاصفة التي تجتاح عالمه.

حين حان وقت الغداء، أرسل الملك حاجبه لاستدعاء أطفاله من عالم الأحلام إلى عالم الحقيقة، وبحث الحاجب بين أزقة القصر وبين ظلمات الغابة، لكنه لم يجد سوى الصدى الصامت لأصوات الأطفال الضائعة.

لهذا السبب، أصدر الملك أمرًا لجميع من يقيمون في القصر بمغادرته، من أجل القيام ببحث مكثف عن أبنائه في جميع أنحاء المدينة، وبالرغم من الجهود المبذولة، عاد الجميع بلا أي معلومات ذات جدوى، حيث لم يتسن لأحد منهم تحديد مكان تواجد الأولاد، ورغم هذا الواقع المحبط، فإن تلك العمة الخبيثة لم تبوح بسرها، وظلت صامتة أمام التساؤلات الملكية والتحقيقات الخادمية.

بعد مرور فترة من الزمن، ومع تصاعد شعور الملك باليأس والضيق من عدم العثور على أبنائه، قرر في يوم جديد أن يتوجه إلى الخارج بهدف أخذ لحظات هادئة مع نفسه ليفكر في الموقف الصعب الذي واجهه، بينما كان يتأمل في هذه الأفكار، فجأة سُمع أصوات طفولية تعبيرًا عن اللعب والمرح، أثار هذا الصوت فضول الملك الحزين وجعله يتوجه نحو مصدره.

إذا به يكتشف أولاده الثلاثة يلعبون ويضحكون داخل كوخ صغير، انتاب الملك الفرحة والسرور لمجرد العثور على أبنائه بصحة وعافية. وعندما سأل الأولاد عن السبب الذي جعلهم يغادرون القصر دون علمه، كشفوا له عن دور عمتهم الشريرة التي أخذتهم للعب في الغابة. تلك الاستجابة أوضحت للملك مخطط العمة الخبيثة.

عاد الملك إلى القصر بعد أن فهم حقيقة الأمور، واتخذ قرارًا بطرد العمة الشريرة من القصر نظير دورها في تلك المؤامرة. واستمر الملك في العيش بسعادة وهناء رفقة أبنائه، بعدما تجاوز محنة فقدان زوجته وأطفاله، واستعادهم بفضل تفانيه وصموده في مواجهة التحديات.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *